أولى

أوروبا تتغيّر

– بعد موجة اليمين التي سيطرت على الدول الأوروبية التقليدية أو أوروبا القديمة، كما كان يسمّيها وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، وعنوانها لا للأوربة ولا للناتو، والعودة إلى الحدود الكيانية والاقتصاد المحلي والعملة المحلية، جاء دور دول أوروبا الشرقية أو أوروبا الجديدة التي تفاءل بها الأميركيّون كبديل نشط بلا ضوابط وسقوف استقلالية في منظومة الهيمنة الأميركية.
– العنوان الجامع في التغيير الذي يتسارع هو إقامة الحساب للمصالح الوطنية المؤسسة على الجغرافيا السياسية وليس على نظرات عقائدية أو مشاريع سياسية دولية، كما كان الحال منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. وعندما يفوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركيّة تحت شعار الأمركة لا العولمة، وأميركا العظيمة لا أميركا العظمى، ويتعهّد بأن تكون أميركا أولاً ويضع الناتو على لائحة التفكيك، يصبح مفهوماً أن زمن الأحزاب والرئاسات والحكومات التي مثلت امتداداً للسياسات الأميركية يقترب من النهاية لصالح أحزاب ورئاسات وحكومات تفعل في بلادها ما يفعله ترامب في أميركا، فتصير فرنسا أولاً وإيطاليا أولاً وألمانيا أولاً وقريباً أوكرانيا أولاً.
– مبادرة المستشار الألماني أولاف شولتز للاتصال وبدء التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا، بداية نهاية الحرب الأوكرانية رغم غضب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، وعتب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
– الحدث المقبل في رومانيا الواقعة على البحر الأسود وجارة أوكرانيا والعضو الفعّال في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، حيث حملت الانتخابات الرئاسيّة في جولتها الأولى مفاجأة من العيار الثقيل بتراجع مكانة مؤيّدي السياسات الأميركية والأوروبية التقليدية رئيس الحكومة مارسيل شيولاكو وحصوله على أقلّ من 20% من الأصوات فقط، مقابل تصدّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو الجولة الأولى لصفوف المتنافسين.
– بمعزل عن النتائج النهائيّة للانتخابات، والتي قد تتحكّم بها تحالفات وتدخلات كما حدث في الجولة الثانية للانتخابات النيابية في فرنسا لقطع الطريق على اليمين الذي كان فوزه بالأغلبية مؤكداً لولا التحالفات الاستثنائيّة التي قامت لإبعاده عن الفوز بالأغلبية، لكن الحقيقة الأكيدة أن اليمين الفرنسيّ صاعد وتأخير فوزه مسألة وقت فقط، وكذلك فإن الجغرافيا السياسيّة التي جعلت رومانيا ضمن دول المنظومة الحليفة لروسيا السوفياتيّة، سوف تجعل منها ومن أوكرانيا وسواهما من دول الاتحاد السوفياتي السابق أو دول المنظومة الشرقيّة السابقة حلفاء جدداً لروسيا الاتحادية من موقع حسابات المصلحة الوطنية، بمعايير الأمن القومي والحاجة لموارد الطاقة السهلة والرخيصة كشرط لتنمية مستدامة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى