حزب الله وآليات المواجهة المستقبلية
} محمد حسن الساعدي
بعد عملية استهداف قادة حزب الله وفي مقدّمتهم سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله، خرج الحزب من حالة الصدمة التي تعرّض لها بسرعة، كما ظهر ذلك في خطاب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ قاسم نعيم والذي أوضح فيه آلية المواجهة والعمل المؤسساتي الذي تعمل به دوائر ومؤسسات الحزب، وأنّ هذه العودة السريعة للتنظيم تشير بصورة واضحة الى مرونة الحزب وقدرته على التعامل مع التحديات التي يتعرّض لها، وأنّ باستطاعته إعادة إنتاج نفسه وتطويرها بسرعة، وهذا ما انعكس بالفعل من خلال الإدارة المتجددة التي استطاعت الخروج من بوتقة الفقد الى عملية مسك الأرض من جديد وإدارة زمام المبادرة من جديد في الميدان.
العدو «الإسرائيلي» وبالرغم من امتلاكه للترسانة العسكرية المتطورة والدعم اللامحدود من قبل الولايات المتحدة الأميركية والعالم إلا أنه فشل في محاولة الدخول الى الأراضي اللبنانية من ثلاثة محاور، وذلك بسبب المقاومة الشديدة من حزب الله، إذ يظهر الفشل الكبير للعدو «الإسرائيلي» قدرة الحزب على مواجهة التحديات العسكرية المباشرة، حتى في ظلّ الضغط «الإسرائيلي» والدعم الدولي، إذ تؤكد التقارير الميدانية أنّ حزب الله بدأ في تغيير تكتيكاته العسكرية ومواقعه مما يعكس قدرته على تنظيم نفسه بسرعة والتعلّم من المعركة، وقدرته العالية على استيعاب نقاط الضعف لتجنّب أيّ اختراقات مستقبلية والتكيّف وإعادة ترتيب صفوفه، والارتقاء بالقيادات الشبابية الجديدة وتعزيز التكتيكات العسكرية، بما في ذلك استخدام الوسائل الحديثة من أسلحة متطورة وذكية التي بدأت بتغيير قواعد المواجهة من خلال استهداف عمق «إسرائيل» الحيوي، الأمر الذي يظهر قدرات الحزب التكنولوجية والعسكرية.
المرحلة الحالية تتمثل برغبة حزب الله بالثأر والانتقام وأصبح يمتلك حافزاً كبيراً لاستعادة التوازن وزمام المبادرة وتغيير المعادلة لصالحه، وهذا ما شهدناه من خلال الضربات المركزة والنوعية التي يقوم بها باستهدافه للمواقع العسكرية، بالاتساق مع إعادة بناء نفسه بقدرات شبابية متطورة، مع حذره الشديد على ضرورة ان يكون العمل المقبل قائماً على التخطيط الدقيق والمدروس، من خلال تفعيل دور المؤسّسات والوحدات في داخل حزب الله وبما يحقق الفاعلية في الساحة السياسية والعسكرية، ويأتي ذلك من خلال إيمانه المطلق بالقدرات الروحية والتوكل على الله، وهو ما يحتمه الثبات في مواجهة الضغوط في الميدان، لذلك فإنّ «إسرائيل» باتت تواجه صعوبات في السيطرة على الموقف، في المقابل فإنّ حزب الله مستعدّ لمواجهة التطورات التكنولوجية والتطوّر الهائل في ميدان الاتصال والذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من المعركة، إذ انّ هذه الإمكانات تضاعفت بشكل كبير منذ حرب 2006 ما يعزز موقفه في أيّ مواجهة مستقبلية.