أخيرة

دبوس

نتنياهو المُدان… وضجيج الميدان

شخصيّاً، أعتبر قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات القبض على نتنياهو وغالانت بمثابة التدشين لهجوم الجنوب المعاكس على الشمال الذي تمادى في عدوانيته وعنصريته وأنانيته، وفوق كلّ ذلك لاأخلاقيته.
لقد بدأ الهجوم بقصف تمهيدي أخلاقي، وبلطمة إلى كلّ ذلك الغلوّ الصهيوـ انجلوـ ساكسوني في التعظيم في تقييم الذات، والتضئيل في تقييم الآخر، فالمحكمة الجنائية الدولية أريدَ لها ان تكون منبراً لمعاقبة الجنوب، وفقط الجنوب، ليأتي هذا القرار الثوري ليقول لهم، والشمال أيضاً، كلّ الشمال، سوف يطرب آذاننا أن نسمع لاحقاً، بيانات إصدار مذكرات قبض أخرى ضد جو بايدن وأنطوني بلينكن ولويد أوستن وجون كيربي وأولاف شولتز وأنالينا بيربوك…
لقد بدأت رياح التغيير تهب علينا، وبدأنا نستشعر نسيمها العليل يخفق حوالينا ويكفكف تلك الدموع والجروح التي نزفت لعقود وعقود من الظلم والظلام الآتي من الشمال، لقد تعلّمنا الدرس واستوعبنا العبرة، وأدركنا ما وراء البائن من جميل اللفظ ومعسول الحديث، فحينما يتحدّث الشمال بحرارة عن حقوق الأطفال والنساء وحرية التعبير والاختيار، كان علينا ان نفهم أنّ هذا الشمال المكتنز، والمتكدّس على ذاته، والذي لا يرى أحداً سواه، أسقط عن سابق إصرار وترصّد، وحتى يبدو على هيئة إنسان ويخفي ذلك الوحش القابع في جوفه، أسقط كلمة الأبيض بعد حقوق الأطفال، وحقوق النساء وحرية التعبير وحرية الاختيار، وترك ذلك لمفهوميّتنا ومقدرتنا على استدراك الباطن من الأمور…
ودعونا في مكان آخر نستذكر ما حدث في الخيمة 101، على طريق القاهرة – السويس، قبل أكثر من نصف قرن، حينما جلس المتفاوضون لوقف إطلاق النار بين مصر و «إسرائيل»، حول طاولة التفاوض، انزيو سيلاسيو عن الجانب الدولي، الجنرال عبد الغني الجمسي عن الجانب المصري، الجنرال أهارون ياريف عن الجانب «الاسرائيلي»، ثم قام الجنرال «الإسرائيلي» بلفت انتباه الحاضرين، وبالذات الجانب المصري، بأنّ الحاضرين للتفاوض من الجانبين، يقتصر دورهم على تمثيل موازين القوى في ساحة المعركة، أو الميدان، لا أكثر، ولا أقلّ…
لقد نطق ذاك الجنرال بالحقيقة الصارمة، من دون لفّ ولا دوران، نعم لتصمت كل الأصوات حينما يتحدث الميدان، هناك في الخيام والنبطية والناقورة وشمع والبياضة وجباليا وبيت لاهيا والعطاطرة وكذلك جنين وطولكرم ونابلس وطوباس وقلقيلية، هنالك في هذا الميدان حيث يشتبك الحسينيون الرضوانيون والقساميون وشهداء الأقصى والجهاديون وسواعد وزنود قدّت من فولاذ، وقلوب مفعَمة بعشق الشهادة، وإرادة لا تلين، ونفوس منتصرة بالانتصار أو الشهادة، وتدفّق لا ينتهي تمثّلاً بالحسين ونصرالله وسليماني والمهندس والسنوار وهنية ومغنية والصّفي، دفق لن ينتهي إلّا بالإزالة، ولن يرعوي إلا بالعدل والإنصاف وعودة الحق لمن يستحق…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى