مقالات وآراء

سوف تنتهي الحرب

 

(مقطع)

 

 حسين سويطي

 

كلُّ ما في الأرضِ من حَجَرٍ تحطمْ
صارَ غباراً وانتشرْ
كلُّ ما في الجسمِ من عَظْمٍ تكسرْ
صارَ هشيماً وتبعثرْ
هذا نزعُ موتِ العتمِ
والفجرُ قريبٌ آتٍ،
الفجرُ آتٍ قريبْ!

*****
وأنا أواصلُ سهرتي،
عندما حاصرتُ وزيرَهُ، على رقعة الشطرنج أقصد، صاح جُندُه “عاشَ الملك”
وعندما سقطتْ قلعتُهُ، صاح الجُنْدُ “عاشَ الملك”، وعندما حاصرتُ الملك، صمتَ الجُندُ وصاحَ وزيرُهُ “ماتَ الملكُ عاشَ الملكْ…”

*****
حفاةٌ عراةٌ لا حولَ لهم
بيوتهمْ قبورهمْ
قبورهمْ بيوتهمْ
وأنا أتمسّكُ بما هو كائنٌ إذا عجزتُ عن تحقيقِ ما أريدْ
ويفسّرُ العالمونَ ببواطنِ الأمورِ السكوتَ، علامةَ الرضا،
وغداً او بعدَ غدٍ او بعدَ بعدَ غدٍ أو بعدَ ما بعدَ بعدْ،
سوفَ تنتهي الحربُ وهي لا تمضي الى غاياتِها، سيلتقي الرؤساءُ والملوكُ والأمراءُ والوزراءُ والقادةُ العظماءُ والنجباءُ
وسيتصافحون،
وقد يتعانقون،
وتمضي الجيوشُ المنتصرةُ والخاسرةُ سيّانَ الى ثكناتِها
كلٌّ يدبُّ على عَتادِهِ
يبكي الجنودُ
سيّانَ فرحينَ منتصرينْ
أو خائبينَ منكسرينْ
والحقيقةُ الحقيقةْ،
لنْ تنتهي الحربُ،
سيحتفلُ الجيشُ المنتصرُ باكياً
وهو يَعُدُّ ضحاياهُ ويشكو معاناةَ جرحاهْ
وتمتلئُ الأرضُ الصغيرةُ بالجيوشِ الخاسرةِ الكبيرةْ
جيوشٌ جديدةٌ ستخرجُ للملأْ
جيشُ اليتامى يبحثونَ عن آبائهمْ وأمّهاتهمْ
جيشُ الآباءِ والأمهات الثكالى يبحثون عن أبنائهم بين الركامِ وحطامِ المنازلْ
جيش آلافٍ من الجرحى وجيشُ النساءِ الأراملْ والعرائسِ والحواملْ
جيشُ الراقصينَ على الجراحْ
جيشُ الفقراءِ وقودُ الحربِ
يبحثون عن كِسرَةِ خبزْ من خيرٍ مُتاح
جيشُ الخائبينَ الباحثينَ عن الأملْ
جيشُ العاملينَ المعطَّلينَ عن العملْ
بعدما سُوِّيَتِ الأرضُ ولم يبقَ فيها موقعٌ أو أَثَرْ أو مكانٌ للمخابزِ والمقابِرْ
فلا عزاءَ عندما تبكي الشعوبُ
ويُطحن العظمُ
ويُدكّ الحجرْ والشجرُ
ويقذِفُ البحرُ أحشاءَه عندما لم يَعُدْ للأسماكِ في الأرضِ مَن يصطادَها ومَن يرمي الشِباكَ ومَن يعملُ في المزارعِ والمعاملْ
عندما تتيهُ العصافيرُ وهي تبحثُ عن مكانٍ تبني فيه أعشاشَها،
هنا كانت شجرةٌ وهناكَ كان بيتٌ وشرفةٌ كانت تُطلّ على مَشرقِ الشمسِ من صوبِ الوطن، هنا كان جدارٌ أو سياجٌ حول حاكورةٍ زيّنَها عِطرُ الأرضِ مزروعةً كانت بما يُطعمُ الروحَ عشقاً وجوىً
والحبُ كالدينِ لا يحتمل شراكةً ولا انقساماً
وأنا يقتلني الصمتُ
والكذبُ والرياءُ والنفاقُ
حتى إذا احترقتْ بقرةٌ في الهندِ
صرخَ الرَّدودُ بحيّنا
“حرّقتَ قلبَنا يا عراقُ”!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى