انقرة تحمل دمشق مسؤولية معارك الشمال كاشفة مسؤوليتها عن هجوم «النصرة» / أردوغان لترامب بعد رفض بوتين: جاهز للضغط لتدويل الحدود اللبنانية السورية / قاسم: النصر أكبر من نصر 2006 والمقاومة قوية في الميدان وتنسق مع الجيش
كتب المحرّر السياسيّ
كشفت تركيا مسؤوليتها عن الهجوم الذي شنته جبهة النصرة على مواقع الجيش السوري في أرياف حلب وإدلب، بعدما اعتبرت ان الدولة السورية هي من تسببت باندلاع المواجهة العسكرية، فصار الحديث عن الدعم التركي والدور التركي تحصيل حاصل. ولعل أنقرة أرادت أن تظهر بالتلميح مسؤوليتها ليتسنى لها التفاوض مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قبل أن يعقد اتفاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا ويكون الوضع في سورية من ضمنها، في ظل كلام منسوب لترامب يقول فيه إن لا مبرر لبقاء قواته في سورية وإنه يفضل ان تتولى سورية الحرب على الإرهاب في سورية فهي موجودة تاريخياً هناك وعلاقتها بالدولة السورية تمنحها شرعية ليست لدى القوات الأميركية، وأنه لا يمانع بإدارة موسكو للعملية السياسية في سورية، بينما لا يرى مبرراً لدعم جماعة قسد الكردية وتعريض قواته للخطر لتمكينها من نهب النفط وإقامة كانتون انفصالي، وبينما لم ينتظر أردوغان وصول ترامب لقطف ثمار موقفه من الجماعات الكردية، فبادر لفتح التفاوض مع هذه الجماعات، استفاد من ذلك أيضاً لتنظيم هجوم الشمال ليقول لترامب انه مستعد للمهمة التي رفضها بوتين وهي ضمان أمن كيان الاحتلال من سورية بعد الحرب الفاشلة على المقاومة في لبنان، عبر الضغط لفرض تدويل الحدود السورية اللبنانية، كما ترغب «إسرائيل» وكما تشجع واشنطن، وكانت مساعي تل أبيب لإقناع موسكو بتولي المهمة قد فشلت بعد زيارة لوزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة بنيامين نتنياهو الى موسكو، وخرج المبعوث الروسي الى سورية الكسندر لافرنتيف يؤكد رفض موسكو التدخل في شأن سيادي سوري. وميدانياً تبدو النجاحات التي حققها هجوم النصرة بدعم تركيا، أمام مواجهة ضارية مع الجيش السوري وحلفائه بدأت أمس ويتوقع أن تبدأ نتائجها بالظهور اليوم.
في لبنان تحدّث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم للمرة الأولى بعد وقف النار فقال: سنهتم باكتمال عقد المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب رئيس في 9 كانون الثاني، وفي المرحلة المقبلة سنتابع مع شعبنا عملية الإعمار وإعادة البناء وهي عملية كبرى. وأضاف أن الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقّنا بالدفاع والمقاومة قوية بالميدان، مشيراً إلى ان التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ الاتفاق ولا يراهن أحد على أي خلاف بيننا، معتبراً أن جوهر الاتفاق أنه يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها وينتشر الجيش اللبناني في الجنوب، واصفاً الاتفاق بأنه إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701. وقال الشيخ قاسم: نتيجة لمعركة «أولي البأس» نعلن أننا أمام انتصار كبير يفوق انتصار عام 2006 بسبب طول المدة وشراسة المعركة والتضحيات الكبيرة.
وأعلن الشيخ قاسم أننا أمام انتصار كبير في معركة «أولي البأس» يفوق النصر الذي تحقّق عام 2006.
وفي كلمة ألقاها مساء أمس، شدّد على أن «الحرب بناها الاحتلال منذ 64 يومًا على أساس إبادة حزب الله وإعادة «سكان» الشمال والعمل على بناء شرق أوسط جديد»، موضحًا أن «الإسرائيلي» توقّع أن يُنجز أهدافه خلال وقت قصير بعد ضرب منظومة القيادة وإمكانات كانت موجودة لدينا.
وأشار إلى أن خلال هذه الحرب بات هناك مئات الآلاف من النازحين في «إسرائيل» بدل الـ 70 ألفًا، وأثبتت المقاومة بالحرب أنّها جاهزة والخطط التي وضعها الشهيد السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات. وأكد أن صمود المقاومين الأسطوري أرعب الجيش «الإسرائيلي» وأدخل اليأس عند سياسيّيه وشعبه، وقال: «لم نُرِد الحرب منذ البداية، ولكن نتيجتها بإيقافها أردناها من موقع قوّتنا وتحت النار»، لافتًا إلى أن «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المُضيفين وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى».
وأضاف الشيخ: «نعلن أننا أمام انتصار كبير في معركة «أولي البأس» يفوق النصر الذي تحقّق عام 2006.. انتصرنا لأننا منعنا الكيان الصهيونيّ من إنهاء وإضعاف المقاومة وتدمير حزب الله، والهزيمة تحيط بالعدو «الإسرائيلي» من كلّ جانب».
وأوضح أن «اتفاق وقف إطلاق النار ليس معاهدة وهو يؤكد على خروج الجيش «الاسرائيلي» من كل الأماكن التي احتلّها وينتشر الجيش اللبنانيّ جنوب نهر الليطاني»، مشيرًا إلى أن «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقّنا في الدفاع».
وشدّد الشيخ قاسم على أن التنسيق بين المقاومة والجيش اللبنانيّ سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، وقال: «نظرتنا للجيش اللبناني هي أنه جيش وطني قيادةً وأفرادًا وسينتشر في وطنه ووطننا». وإذ حيّا المقاومين الذي أذلوا العدو، توجه بـ»الشكر الكبير للمفاوض السياسي المقاوم رئيس مجلس النواب نبيه بري والشكر لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية والإمام الخامنئي وحرس الثورة الإسلامي والشعب الإيراني، والشكر لليمن شعبًا وقيادة وخاصة السيد عبد الملك الحوثي والعراق الأبيّ بمرجعيّته وحشده وشعبه، والشكر لسورية قيادة وشعبًا على دعمها للمقاومة».
وأكد الشيخ نعيم قاسم أن «دعمنا لفلسطين لن يتوقّف، فلسطين هي قبلة الأحرار وقد برز دعمنا في الميدان وسيستمرّ بطرق مختلفة. وأعلن أننا «سنتابع مع أهلنا عملية الإعمار ولدينا الآليات المناسبة وسنتعاون مع الدولة، وسنهتمّ باكتمال عقد المؤسسات الدستوريّة وعلى رأسها انتخاب الرئيس وسيكون بالموعد المحدّد، وسيكون عملنا الوطنيّ بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».
وعلى الرغم من مرور ثلاثة أيام على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ووصول رئيس لجنة المراقبة لوقف النار الى بيروت، واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، كما التحذيرات للسكان بمنع التنقل أو الانتقال جنوب نهر الليطاني خلال ساعات الليل، فيما سجّلت تطوّرات عسكرية غير مسبوقة تمثلت بتوغل 4 دبابات وجرافتين إسرائيليتين في أحد الأحياء الغربية في بلدة الخيام، حيث يستغل العدو الهدنة لفرض أمر وواقع أمني – عسكري لم يستطع فرضه طيلة مدة الحرب.
وعلمت «البناء» أن الحكومة اللبنانية عبر رئيسها نجيب ميقاتي ووزارة الخارجية أجرت سلسلة اتصالات خارجية لا سيما بالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأمم المتحدة للمطالبة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان. على أن مصادر مطلعة لفتت لـ»البناء» الى أن مراجع لبنانية أبلغت بأن وقف الخروق الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي التي احتلتها، مرتبط باستكمال جهوزية الجيش اللبناني للقيام بدوره المنوط به في كامل مناطق الجنوب ووصول أعضاء اللجنة الدولية المكلفة مراقبة تطبيق القرار 1701». وتوقعت المصادر أن تبدأ اللجنة عملها خلال الأسبوعين المقبلين وأن ينتهي الجيش من عملية انتشاره خلال أسبوع كي يبدأ بتطبيق الخطط التي أعدتها قيادة الجيش لمراقبة تطبيق القرار وآليات تنفيذه على أرض الواقع وفق اتفاق وقف إطلاق النار. لكن المصادر أبدت مخاوفها من أن «تستغل «إسرائيل» هذه المدّة للاستمرار بعدوانها لاستكمال أهداف الحرب العسكرية، وإنشاء منطقة عازلة بقوة الأمر الواقع وتكريس معادلات وقواعد اشتباك مثل امتلاك حرية التحرّك العسكري والأمني في كل الجنوب وربما في مناطق أخرى». وشدّدت المصادر على أن ما يقوم به جيش العدو يشكل انتهاكاً فاضحاً لاتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار وقد يدفع المقاومة الى التصدّي له في أي وقت إذا لم تستطع الجهات المعنية من الجيش واليونفيل واللجنة الدولية لجمه.
ويتصرّف جيش العدو على أن الحرب مستمرّة، حيث رصدت خروق إسرائيلية تعدّت حدود اطلاق النار والقذائف، الى جرائم بيئية مع جرف واقتلاع أشجار الزيتون قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا حيث هدموا ملعب البلدة، تزامناً مع قصف مدفعي إسرائيلي استهدف أطراف بلدتي مركبا وطلوسة منذ بعض الوقت. وكان جيش العدو أطلق النار على مواطنين في بلدة الخيام، خلال تشييع أحد أبنائها، فيما سقطت قذائف مدفعية إسرائيلية على البلدة. وقام جنود جيش الاحتلال بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة في مارون الراس. وفي قرى قضاءي صور وبنت جبيل يعيش السكان حالاً من الحذر والترقب، بعدما مُنعوا من دخول القرى المتاخمة للحدود بعمق ثلاثة كيلومترات ويقدر عدد هذه القرى بعشرين قرية تضاف إليها مدينة بنت جبيل. وكان جيش الإحتلال وجّه تهديداً إلى سكان عدد من القرى في الجنوب.
ومساء أمس، أفادت «الوكالة الوطنيّة للإعلام»، بأنّ «الجيش الإسرائيلي أطلق قنابل مضيئة فوق سهل مرجعيون، وصولًا إلى تلة حمامص. كما أغارت مسيّرة إسرائيليّة بصاروخ على وطى الخيام». وأشارت إلى أنّ «جنودًا إسرائيليّين عمدوا إلى إطلاق نيران رشاشاتهم الثّقيلة من موقع تمركزهم في محيط بلدة مارون الراس، في اتجاه محيط مستشفى بنت جبيل الحكومي، وعلى عدد من أحياء المدينة».
وزعم جيش العدو في بلاغ، بأنه رصد «عمليات مشبوهة شكلت خطراً على «إسرائيل» من جانب حزب الله في ما يعد خرقاً لوقف إطلاق النار».
وفيما أفادت القناة 12 الإسرائيلية، بأن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد الليلة (أمس) مناقشة أمنية خاصة مع كبار المسؤولين الأمنيين بشأن سورية ولبنان»، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ نسبة احتمال استئناف الحرب على لبنان تصل لخمسين في المئة. وكشفت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن السبب الذي منع حكومة نتنياهو دعوة النازحين من شمال «إسرائيل» للعودة إلى بيوتهم، هو وجود مخاوف كبيرة من احتمال استئناف الحرب ضد حزب الله.
وكان قائد الجيش العماد جوزف عون استقبل في مكتبه في اليرزة رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي Major Gen. Jasper Jeffers، وتناول البحث الأوضاع العامة وآلية التنسيق بين الأطراف المعنية في الجنوب.
وعلى وقع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، أطلق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سلسلة تصريحات انتقد خلالها حزب الله، حيث تجاوزت مطالب جعجع ما ينصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، وتعدّت أيضاً الأهداف التي وضعتها حكومة العدو في نهاية الحرب، وهو «إبعاد خطر حزب الله وسلاحه في منطقة الليطاني»! ودعا جعجع إلى «تنفيذ قرار وقف إطلاق النار من خلال الجلوس مع قيادة الجيش اللبناني وبدء عملية تفكيك البنى التحتية العسكرية على الأراضي اللبنانية كافة، كما ينص الاتفاق».
وفيما تجاهل جعجع ما يقوم به العدو من خروق لاتفاق الهدنة في الجنوب، قال بنبرة مرتفعة وغير معتادة ما قبل الحرب: «أوعى حدا يفكر إنو ممكن نرجع لمرحلة ما قبل 7 تشرين الأول 2023. مستحيل نعود إلى ما كنّا عليه سابقًا. وإذا ما بدكن دولة، قولو لنعرف حالنا شو بدنا نعمل. لبنان لا يمكن أن يبقى على هذا الحال من دون وضوح أو مسؤولية من الجميع».
على صعيد آخر، أكد المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، في ختام زيارته إلى بيروت، الحاجة الملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقدها. وقال لودريان في حديث لوكالة «فرانس برس»: «جئت إلى لبنان فور إعلان وقف إطلاق النار لإبداء دعم فرنسا لتطبيقه بالكامل ولتأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية واستئناف العملية المؤسسية». وأعرب عن «ارتياحه» لإعلان بري الخميس عقد جلسة لانتخاب رئيس في 9 كانون الثاني المقبل.