دردشة صباحية
طرابلس الأبية… تحيّةً لك
يكتبها الياس عشي
لم أكن منحازاً إلى طرابلس يوم شبّهتها بقارورة العطر، فهذه «الفيحاء» التي تتنفس من زرقتي السماء والبحر، فتحت أبواب بيوتها، وقلوب أهليها، للوافدين إليها هرباً من الهمجية الصهيونية التي لم تميّز، في اعتدائها على لبنان، بين كبير وصغير، ولا بين مدني ومقاتل.
هذه «القارورةُ العطر» الإسمها طرابلس تعاملت مع ضيوفها وكأنهم ولدوا في مدينتهم: هنا «صبحية» بين عائلتين إحداهما طرابلسية والثانية من الضاحية أو الجنوب، وهناك مقهى يختلط به الوافدون بأبناء الحي وكأنهم ولدوا في بيت واحد، وهنالك مساعدات من كلّ الأطراف بدون مِنّة، ولا تشاوف…
طرابلس التي كانت، ولا تزال، رمزاً للتعايش، سكبت عطرها على ضيوفها، وأخرست الأفواه التي طالما ألبستها ثوباً طائفياً، وأكّدت أنّ العيش في ربوعها ليس تعايشاً، وليس دخيلاً على طقوسها، وإنما هو عيش يؤكد ما قاله سعاده:
«كلّنا مسلمون لربّ العالمين: منّا من أسلم لله بالإنجيل، ومنّا من أسلم لله بالقرآن، ومنّا من أسلم لله بالحكمة، وليس لنا من عدوّ يقاتلنا في حقّنا وديننا ووطننا سوى اليهود».
تحية إلى طرابلس التي استقبلت الوافدين إليها بالأحضان، وودّعتهم أمس بالدموع مشاركة منها بهول المصاب.