هذه هي الشام كما يراها المبدعون
من يريد أن يكتب عن الشام، فما عليه إلّا أن يتوضّأ بماء الورد، ويختار كلمات ما خطرت ببال أحد، ويلبس قميصاً مشغولاً برائحة الياسَمين، ويمشي بتؤدة بين ذاكرة الماضي الجميل، وذاكرة الآن المعبّأة برائحة الموت.
ومن يريد أن يبتهل ويصلّي ويكون أقرب إلى السماء، وإلى سوريةَ، فعليه أن يدخل إلى مساجد الشام، وإلى كنائسها، وخلواتها، وإلى كلّ مكان صار، في ما بعد، علامة فارقة في قصّة الحضارة.
ومن يريد أن يسأل عن الحرف الأول والثقافات البكر، فليتوجه إلى أوغاريت وإيبلا وماري وأفاميا، وإنْ سألها: أين أنتِ الآن؟ قالت: أنا في كلّ مكان.. في الكتاب… في القصيدة… في العمارة… في الشهداء… وفي التلاميذ يتوجهون إلى مدارسهم كلّ صباح غير عابئين برسائل الموت وأصوات الانفجارات.
ومن يريد أن يتحدّث عن الانتقال من حكم القبيلة إلى حكم الدولة فليزر دمشق عاصمة الأمويين؛ ففيها نُظّم البريد، وتُرجمت الدواوين، وشُقّت الطرق، وانتشر العسس، وصار الحكم ملكياً وراثياً مركزياً لإمبراطورية واسعة الأرجاء تبدأ من قاسيون، ولا تنتهي قبل الوصول إلى مضيق جبل طارق.