مقالات وآراء

وقف إطلاق النار وموقف المنافقين…!

 

 د. عمر الحامد

 

كما كان النصر في بنت جبيل في العام 2006 وبعد مجزرة الدبابات في وادي الحجير، جاء نصر الله بنصر من الله فتوّج أولاً مقولته بالنصر، إذا استشهدنا ننتصر وإذا انتصرنا ننتصر، وفي هذا النصر دخلت (الخيام غراد) التاريخ لتصلب واحداً من أعتى واقوى جيوش العالم، والذي سخّر لهذه الحرب بخمس فرق وما يتجاوز 75 ألفاً من عديد قوات النخبة، لكن أرض الجنوب ومقاتلي المقاومة سطروا انتصار 2024.
بعد هذا النصر، لن يكون بأمكان أيّ جهة دولية أو إقليمية أو محلية أن تفرض على لبنان خيارات استراتيجية تتعارض مع حقيقة انّ هذا الصهيوني هو عدو مجرم تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً، وأما بخصوص استمرار سياسة التدمير والتنكيل الصهيونية فهذه ثابتة قديمة لديه… من أيام مجازر عصابات شتيرن وارغون وهاغانا في قبيا ودير ياسين وبحر البقر وغيرها… فهو لا يحتاج الى مبرر للقتل والهجوم والاحتلال.
وسواء كان هنالك مقاومة أم لا فإنّ صهيون يتعمّد سياسة القتل والتدمير مستمداً ذلك من التوارة…
أما الناعقون بأنّ المقاومة جلبت لهم هجوماً صهيونياً فهم من أخبث الخبثاء، ومن أتباع الوحدة 8200 الموسادية الصهيونية، وأحبة أفيخاي أدرعي اللبناني المولد، والذي يقول بإسم حكومة صهيون ب «أنّ جنوب لبنان يجب ان يكون مقراً للمستوطنات الصهيونية»، و «انّ كسروان وفاريا هي أرض إسرائيلية ويجب ان تعود لهم».
أما الرهان على هزيمة المقاومة فقد أصبح من أساطير الأولين ومحاولة تعديل دورها في المعادلة الداخلية اللبنانية كقوة دفاع عن لبنان والدفاع عن حدود الوطن قد تبخرت، وبدأ الذين يعيشون في أوهام ليزا جونسون كما عاشوا في العام 2006 مع كوندوليزا رايس التي نزلت في مطار بيروت الدولي متل الطاووس وقالت إنّ حرب لبنان هي المخاض «الشرق الأوسط الجديد» مع الفارق بين انتصار 2006 وبين تثبيت النصر ومعادلة الردع في العام 2024، انّ المعادلة الثابتة أصبحت جلية متل الشمس، وهي معادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
وفي الواقع فقد فشلت محاولة تفكيك حزب الله وانهياره او إضعافه، ذلك انّ المقاومة تستند الى قاعدة جماهيرية جسّدت إرادة صلبة في مواجهة هذه السياسة التدميرية وفي التفافها حول خيار المقاومة، وستبقى المقاومة جزءاً أساسياً من المعادلة الداخلية اللبنانية وحامية ومدافعة عن حدود لبنان واستقلاله.
انّ ما تعرّضت له المقاومة الإسلامية في هذه المعركة كانت مهولة، ولقد كان أداء حزب الله وسرعة استعادته عافيته وترميم بنيته التنظيمية والإدارية ومنظومة القيادة والسيطرة، بالرغم من نجاح العدو في اختراق صعب وقاتل سرعان ما تجاوزه الحزب بسرعة ملحوظة، فلو تعرّضت أقوى الدول للصدمة المفاجئة التي تعرّض لها الحزب في منظومة الاتصالات والسيطرة والتوجيه مصحوبة بقوة نار كارثية غير مسبوقة واغتيال مجموعة من قادة الصف الأول، وعلى رأسهم سماحة الأمين العام السيد الشهيد حسن نصر الله، وبالرغم من ذلك حافظ الحزب على بنيته العسكرية وبنيته التنظيمية الواسعة، ذلك ان التحدي الأكبر الذي واجه العدو في مرحلة ما بعد الحرب كان سقوط ت أهدافه السياسية والاستراتيجية المعلنة لجمهوره وأعرابه المنتظرين على أحرّ من الجمر!
وكان الكيان اللقيط قد رتب أموره ووعد نفسه ب «شرق أوسط جديد» تحدث عنه المجرم النتن ياهو أمام الجميع والإعلام، وقد دأبت منظومة إعلام الصهيو أعراب وقنواته في الإجرام الإعلامي ونشر الأكاذيب والدعايات والأفلام المفبركة، حيث قامت بعض القنوات بنشر أكاذيب لم تقم بها قنوات صهيون 12 القناة 13 التابعة للنتن نفسه وواظبت على «سيمفونية» جرح جندي إسرائيلي واحد وإصابته طفيفة، وسقطت الصواريخ في «أراض خالية» في محاولة للتقليل من إنجازات المقاومة، ولكن فضحهم إعلام الكيان اللقيط نفسه (بالرغم من المنع بقرار الحاكم العسكري الصهيوني وتغليظ العقوبات على من ينشر اية معلومات او فيديوات او معلومات).
وبعد مرور 66 يوما من كذب نتنياهو وادّعائه بأنه دمّر منظومة صواريخ حزب الله وبنيته التحتية وصواريخه، إلا أنه في النهاية اصبح امام خيارين أحلاهما مرّ…
أن يُصرّ على محاولة تحقيق أهدافه المعلنة، وفي هذا الطرح خطر كبير على وجود الكيان، ما قد يقود في حال تمادى بذلك، إلى حرب إقليمية تؤدّي الى نهايته، كما يجسّد استمرار حرب استنزاف طويلة تؤدّي الى انهياره التدريجي، وهو ما قاله سماحة السيد السيد حين تحدث عن الانتصار بالنقاط وليس بالضربة القاضية.
أن يتجرّع المرّ ويعلن تراجعه عما كان أعلنه من أهداف الحرب بإبعاد حزب الله الى ما وراء نهر الليطاني بالقوة، وإعادة مستوطنيه الى الشمال بالقوة، ومنع إطلاق صواريخ المقاومة على مستعمرات الشمال، وإنهاء وجود حزب الله عسكرياً، وإبعاد تهديده الصاروخي والهجومي على الكيان، وإيجاد رقابة دولية أميركية فرنسية على الحدود بين سورية ولبنان لمنع تدفق السلاح والدعم للمقاومة،
وبالرغم من أنّ العدو لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة والتي يتبعها أهداف غير معلنة بالسيطرة على لبنان سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وإخراج الحزب من الحياة السياسية، وبالتالي اضطر الكيان اللقيط مرغماً للموافقة على قرار وقف إطلاق النار، وهو من أعلنه رسمياً، وفي هذا إظهار لهزيمة الكيان وسقوط اهدافه.
وعلينا ان نأخذ بالحسبان انّ هذا العدو المجرم مراوغ وكاذب، وهو خادع مخادع لا تلزمه مواثيق ولا قوانين، وإلا لو كان باستطاعته لوصل الى بيروت، إنما منطق القوة لدى المقاومة كسرت أمواج أحلامه وكسرت سيوفه.
أما المشككون في قرار المقاومة بقبول وقف إطلاق النار والتنظير ضدّ هذا القرار فهؤلاء أنواع…
إما هم أتباع الوحدة 8200 التابعة للموساد شمال تل أبيب التي تعرّضت للقصف عدة مرات بصواريخ المقاومة.
إما أغبياء تافهون لا يفقهون في السياسية ولم يسمعوا ولم يقرأوا تاريخ الأعراب المهزلة المذلّ في حربهم ضدّ صهيون.
إما طائفي مغرض من أتباع الوهابيين وبني سلول ودوائر الأعراب وانهزاميتهم، فهم متل تلك السيدة الشريفة في قرية البغاء يحاولون قتلها لأنها كشفت كذبهم وتخاذلهم وهوانهم للعدو ولم يعرفوا طعم النصر ولم يخوضوا أية معارك شكلية إلا بالاتفاق مع الكيان اللقيط…!
إنها فعلاً مهزلة ونكته سمجة وقحة، تنمّ عن سخف وجهل وقرف، وهؤلاء يقومون بنشر بنود للاتفاق بطريقة مضللة ومفبركة لتضليل الناس ودغدغة العواطف، بدون الاستناد إلى أيّ حقيقة أو مرجع أو حتى تسريب مقصود، ومن بين هؤلاء نخب، ومراجع وشعبية، ومثقفون وأيضاً أميون… انكشف بعضهم بصورة جلية وقاتلوا إعلامياً باستماتة، وكشروا عن أنيابهم لأنّ هذه معركتهم الأخيرة في محاولتهم إضعاف المقاومة.
أما المحرّض الرئيس إعلامياً ومعنوياً، وهو النظام الرسمي العربي المساند والمشارك لصهيون في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والذي كشف دورهم الكاتب الأميركي الشهير بوب ودوورد (وهو الذي كشف سابقاً فضيحة «ووترغيت» التي حصلت في عهد الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون)، وهو في كتابه الجديد «الحرب» يكشف دور النظام الرسمي العربي بالحرف وبكلمات واضحة في الطلب من النتن ياهو بتسريع إبادة غزة والمقاومة، وهو كلام منشور لم ينكره أيّ زعيم ممن ذكرهم الكاتب…!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى