وقف إطلاق النار واستمرار معركة الإسناد
حمزة البشتاوي
يتوهّم من يعتقد أنه يمكن فصل لبنان والمنطقة كلها عن فلسطين فكيف بحزب الله وبنيته العقائدية والفكرية والسياسية والجهادية حيث لم يكن واجب إسناد غزة أمراً إيمانياً أخلاقياً وإنسانياً فحسب بل واجباً وطنياً أيضاً للدفاع عن لبنان. ويتوقع أن تستمرّ المقاومة في لبنان بهذا الواجب عبر تقديم كلّ أشكال الدعم المادي والسياسي والإعلامي للشعب الفلسطيني الذي لم يستطع النظام الرسمي العربي تقديم شربة ماء أو رغيف خبز له بمواجهة حرب الإبادة والتجويع.
وإذا كان العدوان قد انتهى مع وجود خروقات بهدف التغطية على الهزيمة إضافة لمحاولات خنق وحصار المقاومة في لبنان التي قدّمت الكثير من التضحيات والشهداء على طريق القدس التي ستبقى بما تحمله من قداسة المبنى والمعنى قضية كلّ حر وشريف في هذا العالم مهما تغيّرت الظروف وكثرت المؤامرات فإنّ معركة الإسناد لن تتوقف وهي تساهم اليوم بالضغط لتحقيق هدنة في غزة تكون مقدمة لوقف حرب الإبادة الوحشية والعدوان.
وبما أنّ الحروب والمعارك تقاس بنتائجها فإنّ النتيجة التي وصل إليها جيش الإحتلال «الإسرائيلي» في هذه الحرب هي أنّ الوقت قد حان لوقف إطلاق النار في غزة بعد وقف إطلاق النار على جبهة الشمال والفشل في تحقيق عودة (النازحين) إلى مستوطنات الشمال وعدم القدرة على تدمير البنية التحتية لحزب الله وتقليص قدراته الصاروخية أو الدخول والتموضع في البياضة وبلدة الخيام.
وقد استطاع حزب الله خلال المواجهة تحويل الضغط من المفاوضات على الميدان إلى ضغط من الميدان على المفاوضات وإجبار نتنياهو على وقف العدوان بعد تصاعد وتيرة استهداف وسط تل أبيب والقواعد العسكرية والاستخبارية في محيطها. وهذه اعتبارات أساسية دفعت نتنياهو للرضوخ والقبول بوقف لإطلاق النار الذي لن يؤدّي إلى وقف معركة الإسناد التي يتوقع أن تستمرّ بأساليب وتكتيكات جديدة في المرحلة المقبلة مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف لبنان والقواعد الأساسية المتعلقة بثوابت المقاومة تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عنها بمواجهة القهر والظلم والاحتلال.
وهذه الثوابت لا تلغي دعوة كلّ العرب وكلّ المسلمين وكلّ الأحرار في العالم إلى مغادرة مقاعد المتفرّجين والنزول إلى ميدان إسناد غزة ودعم الشعب الفلسطيني في معركة الدفاع عن النفس والبقاء بمواجهة حرب الإبادة، وقد أكدت تضحيات المقاومة وأهلها في لبنان على المصداق الحقيقي للالتزام المبدئي والأخلاقي بإسناد المظلوم ومقاومة الظلم والعدوان.
وسيبقى الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم خاصة في الداخل الفلسطيني يتذكرون باعتزاز كبير صواريخ المقاومة وهي تضيء سماء صفد وعكا وحيفا وتل أبيب رغم أن عدد منها ومن الصواريخ الاعتراضية لها قد سقط بالقرب من منازلهم خاصة بعد النقص الذي حصل في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي لم تنصب خلال الحرب إلا في المناطق ذات الغالبية اليهودية وتنشر بشكل أقلّ في المناطق المختلطة ولا تنشر مطلقاً في البلدات والقرى الفلسطينية باعتبارها تصنف من المناطق المفتوحة وغير المأهولة وهي رغم الكثافة السكانية فيها لا تتوفر بها الملاجئ ولهذا السبب سقط منهم قتلى وجرحى ولكنهم منذ بداية معركة الإسناد وحتى وقف العدوان على جبهة الشمال يردّدون مع الشعب اللبناني ومقاومته: إن أقبلوا فلا مساومة المجد للمقاومة، التي ستبقى رايتها عالية بشموخ وكبرياء رغم كلّ الجراح وتكالب الأعداء.