تحرير فلسطين ليس مجرد شعار
محمد شراق ـ مراكش المغرب
النضال ضدّ الاحتلال الصهيوني ـ الأميركي ليس مجرد صراع إقليمي أو نزاع محدود بجغرافيا معينة؛ بل هو قضية أممية تمسّ كلّ شعوب العالم التوّاقة للحرية والعدالة. إنه معركة تتطلب تكامل الجهود وتوحيد الصفوف في إطار مقاومة شاملة وعابرة للحدود.
إنّ محاولة تفتيت الصراع بين غزة وسورية، أو بين أيّ من جبهات المقاومة، تخدم مباشرة أجندات الهيمنة التي يسعى العدو الصهيوني إلى ترسيخها. فهذه السياسات تعتمد على تقسيم الخصوم وتشتيت جهودهم، مما يجعل أيّ محاولة لفصل الساحات تصبّ في مصلحة الاحتلال.
أكثر ما يضعف هذه المقاومة هو الخطاب المزدوج الذي يتبناه بعض الأطراف. فمن يدّعي دعم تحرير فلسطين، لكنه يضع شروطاً للمقاومة أو يستثني أطرافاً بناءً على انتماءاتها الأيديولوجية والسياسية، فإنّ صدق نواياه محلّ شكّ. التعامل مع القضية الفلسطينية وفق حسابات مذهبية أو فئوية يعكس رؤية ضيقة تتماهى مع استراتيجية الاحتلال القائمة على تفتيت الصفوف وإضعاف الجبهات.
تركيا، على سبيل المثال، تُعتبر نموذجاً واضحاً لهذا التناقض. فهي تقدّم خطاباً داعماً للقضية الفلسطينية من جهة، لكنها في الوقت ذاته تحافظ على علاقات استراتيجية واقتصادية مع «إسرائيل» والقوى الكبرى، في سلوك يعكس انتهازية سياسية واضحة. هذه الازدواجية تؤثر سلباً على مصداقية أيّ مشروع تحرري.
تحرير فلسطين ليس مجرد شعار أو معركة جغرافية محدودة، بل هو مشروع عالمي يتطلب تجاوز الحسابات السياسية الضيقة. إنه يستدعي خطاباً جامعاً يضع الأولويات الوطنية والقومية فوق كلّ اعتبار، ويكرّس حقيقة أنّ المعركة مع الاحتلال الصهيوني هي معركة واحدة ومصيرية، بغضّ النظر عن اختلاف مواقعها أو انتماءات أطرافها.
المطلوب اليوم هو توحيد الجهود تحت راية واحدة تتجاوز الأيديولوجيات الإقصائية، وتُحبط محاولات الأعداء لتقسيم الصفوف. إنّ مقاومة الاحتلال ليست شأناً فلسطينياً فقط، بل هي قضية إنسانية تمثل اختباراً لكلّ من يؤمن بالحرية والعدالة. ما لم يُعتمد خطاب جامع يضع مصلحة الأمة فوق كلّ اعتبار، سيظلّ الاحتلال متمادياً في فرض هيمنته وتقسيم خصومه.
في النهاية، فإنّ القضية الفلسطينية تفرض على الجميع تجاوز الخلافات والعمل ضمن رؤية استراتيجية واحدة تعيد تعريف الأولويات وتُوحّد الساحات، ليبقى الهدف الأساسي هو تحرير الأرض والإنسان من الاحتلال الغاشم…