أولى

خطاب المقاومة وخروق الاحتلال

 

– تخوض المقاومة معارك ثقافية سياسية على الخطاب الاستراتيجي، منذ إعلان موافقتها على مفاوضات لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، وتالياً بعد التوصل للاتفاق وإعلانها الموافقة عليه واستعدادها لتنفيذ الالتزامات بما فيها الانسحاب من جنوب نهر الليطاني. وجوهر هذه المعارك هو إثبات حقيقة يسعى كثيرون إلى إنكارها، ومضمونها أن الاحتلال لا يؤتمن مهما كانت الاتفاقات ومهما كانت الضمانات، وأن الضمانة الوحيدة للبنان هي المقاومة.
– خلال أسبوعين من إعلان وقف إطلاق النار تصرّفت المقاومة بطريقة المطالبة للحكومة وضامني الاتفاق بوضع حد للخروق الإسرائيلية، والاكتفاء بعملية تحذيرية واحدة للقول إن المقاومة قادرة وحاضرة، لكنها تريد سلوك الطريق الآخر. وقد أدّت هذه الطريقة إلى إحراج رعاة الاتفاق الأميركيين والفرنسيين الذين ظهروا عاجزين عن ضبط الخروق الإسرائيلية بعد عجزهم عن إنكار أنها انتهاكات صارخة للاتفاق، ومع كل يوم يمرّ يزداد هذا الإحراج.
– تجربة مدينة الخيام التي انسحب منها جيش الاحتلال أمس، وقام بتسليمها لقوات اليونيفيل ومن بعدها للجيش اللبناني، ثم لم يلبث أن انتهك وقف إطلاق النار فيها فقام باستهداف المدنيين فيها بعد انتشار الجيش اللبناني واليونيفيل، بصورة قالت بوضوح إن الاتفاق يطبق بالطريقة الإسرائيلية على قاعدة أن الانسحاب لا يعني وقف الخروق، وينقل الإحراج من رعاة الاتفاق وضامنيه إلى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، خصوصاً أن كل الخطاب المناوئ للمقاومة يقول إنه يمكن الاعتماد على ثنائية الدعم الدولي وشرعية الدولة اللبنانية وجيشها لمنع الاعتداءات الإسرائيلية، وتأتي الانتهاكات الإسرائيلية المحكومة بمحاكاة داخل “إسرائيل” غاضب لا يعترف بنصر مزعوم من جيشه وحكومته، لتقول له ها نحن منتصرون ونفعل ما نشاء، لكن الحصيلة أن الانتهاكات والخروق تقول إن لا شيء و لا أحد يردع “إسرائيل” إلا القوة، ولا قوة إلا المقاومة تستطيع فعل ذلك.
– بمثل ما تشكل الأيام الماضية والمقبلة من تطبيق وقف إطلاق النار فرصة لإثبات أن الشرعية اللبنانية المدعومة بشرعية دولية توفر الحماية للبنان، فإن ما حدث حتى الآن بفضل هدوء المقاومة وصبرها، قال بوضوح عكس ذلك، والجنوبيّون الذين يشكلون الشعب الذي يدور التنافس على خياراته، والذي يتم إعداد الخطاب المناسب للاستحواذ على قناعاته، يكتشفون كل يوم أنهم آمنون ومطمئنون لعودتهم فقط بمقدار ما تكون مقاومتهم قوية، وأن لا شيء ولا أحد يستطيع منع الإسرائيلي من التصرف الإجراميّ المتوحش إلا قوة المقاومة، وهذه مسودة نقاش سوف يجري وطنياً بعد شهور ربما وسوف تكون وقائع هذه الأيام هي مادته الموثقة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى