وزارة الثقافة الفلسطينية تحيي فعاليات يوم التطريز الفلسطيني في مدينة البيرة
أحيت وزارة الثقافة الفلسطينية وجمعيّة إنعاش الأسرة، فعاليات يوم التطريز الفلسطيني تحت عنوان «غرزة وحكاية»، وذلك في مقر الجمعية الكائن في مدينة البيرة.
وقال وزير الثقافة، عماد حمدان، في كلمته: نجتمع هنا لنحتفل سويةً باليوم الوطني للتطريز الفلسطيني، وهو يوم نحتفل فيه بتراثنا الثقافي الغني، الذي يجسّد هويتنا وتاريخنا.
وأضاف: التطريز الفلسطيني هو أكثر من مجرد حرفة يدويّة؛ إنه فن يعكس قصص أجدادنا وتراثهم، ويجسّد آلامهم وآمالهم. لكل غرزة حكاية، ولكل نقشة رمز يحمل معاني النضال والصمود. إن التطريز يعكس التنوّع والجمال الذي يميز بلادنا، حيث تبرز الألوان والتصاميم المستوحاة من الطبيعة والتراث الفلسطيني الأصيل.
وتابع: إن اليوم الوطني للتطريز هو فرصة لنحتفل أيضاً بنسائنا الفلسطينيات اللواتي حفظن هذا التراث، اللواتي رسمن بأيديهن خيوط الأمل والحرية. يجب دائماً أن نتذكّر أن التطريز ليس فقط حرفة للزينة، بل هو أداة من أدوات مقاومة الاحتلال، فقد كان وسيلة للتعبير عن الرفض والتمسك بالهوية الفلسطينية.
وختم حمدان: دعونا نعمل معًا من أجل تعزيز هذه الثقافة وإحيائها، ولنجعل من يومنا هذا فرصة لنشر الوعي بأهمية التراث الشعبي الفلسطيني، ولنساهم جميعًا في بناء جيل يعتز بمورثه الثقافي.
بدورها، قالت رئيسة جمعية إنعاش الأسرة، ريم مسروجي: كان من أهم أهداف الجمعية منذ تأسيسها الحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني لما يشكل من انعكاس للتجذر التاريخي لشعبنا الأصيل في أرضه ووطنه. فقامت بتأسيس متحف التراث الفلسطيني وبدأت بجمع كافة الأدوات والأشكال التي تعبر عن هذا الامتداد التاريخي الطويل. أما التطريز بشكل خاص فقد تعرّض للسرقة بشكل واضح خاصة بعد أن قامت شركة طيران العال الصهيونية بإدخال التطريز على زي مضيفاتها ما أثار حفيظة مؤسسة الجمعية سميحة خليل وزميلاتها وقررن أن يضعن جهوداً مضاعفة من أجل توثيق وحفظ هذه الأثواب من السلب والنهب والتدمير، كما قام الاحتلال ويقوم بذلك في كافة مناحي حياتنا منذ عام 48، وما غزة إلا شاهدة وشهيدة لممارسة هذا الوحش المجرم المتمادي في غيه وعربدته. فهم يحاولون سلبنا الماء والطعام والمسكن فيقتلون ويدمرون ويعيثون في الأرض فساداً. ولكن هيهات لهم ذلك فنحن هنا باقون وهنا متجذرون تماماً كما شجر الزيتون.
وبيّنت مسروجي الخطوات العملية التي قامت بها الجمعية للحفاظ على التطريز، حيث عمدت الى جمع الأثواب القديمة وإقامة متحف التراث الفلسطيني داخل الجمعية في بداية السبعينيات من ناحية وتوثيق الأثواب لكل مدينة وقرية.
كما قام الفنانان المرموقان نبيل عناني وسليمان منصور في نهاية السبعينيات بجولات توثيقية على كل المدن والقرى ورسم الغرز وألوانها بحذافيرها وتأليف كتابين، الأول دليل فن التطريز، والثاني الملابس الشعبية الفلسطينية، واللذان يعتبران مرجعين هامين جداً في توثيق التطريز الفلسطيني وأنا هنا أطلب من وزارة الثقافة مساعدة الجمعية في إعادة طباعة هذه الكتب لأهميتها ليس فقط للجمعية ولكن لوطننا بشكل عام.
وأسست الجمعية مشروع التطريز وخلقت فرص عمل وتمكين للسيدات من خلال حفظ هذا الموروث وأدّى ذلك إلى تمكين مئات بل آلاف السيدات اللواتي استطعن من إعالة أسرهن في ظل غياب الراعي للعائلة بعد أن تعرض رب الأسرة للأسر أو القتل. والفكرة أن السيدة تعمل في منزلها دون عناء التنقل، وعند الانتهاء من القطعة تحضرها للجمعية حيث تقوم الجمعية بوضع اللمسات النهائية عليها وتجميعها ومن ثم بيعها في معرض التطريز.
كما تقوم الجمعية بشكل دوري وفي المناسبات الهامة بعمل عرض أزياء للأثواب الفلسطينية حسب المناطق بكامل مكملات الزيّ من أجل الحفاظ عليه، ومن أجل أن يتعلم الصغار ويفخرون بهذا الإرث الجميل وننقل هذا الجمال إلى كل العالم. ونرى من هنا أن هذا الشعب الممتد لآلاف السنوات استطاع أن يشكل إرثه وتراثه على هذا الشكل الجميل وما جهود إنعاش الأسرة إلا جزء من الجهود الكاملة التي قامت بها السيدات الفلسطينيات في كل أنحاء العالم وخصوصاً في العالم العربي.
وضمن برنامج الفعاليات، قدّمت الخبيرة في التراث تانيا تماري ناصر، مداخلة حول دليل “سبع عشرة غرزة تطريز من فلسطين” تحدّثت فيها عن تطور التطريز الفلسطيني، وانتقال التطريز من نطاق العمل الخاص إلى العام، مؤكدة أن فن التطريز من الفنون الشعبية الفلسطينية المتوارثة عبر الأجيال، والتي تطورت مع مرور الزمن إلى حرفة، حيث إن توثيق هذه الفنون وفهرستها قبل أن تختفي من ذاكرة فلسطين يشكل تحدياً ويتطلّب سباقاً مع الزمن لتصبح هذه التقنيات معروفة وضمن المستقبل الفلسطيني.
ومن جهته تحدث مدير وحدة المجموعات في المتحف الفلسطيني وأمين متحف التراث الفلسطيني في القدس، بهاء الجعبة، عن تاريخ التطريز الفلسطيني، لافتاً إلى أن الثوب هو وثيقة تاريخية ندرسه بغرزاته وكل تفاصيله، وهو واحد من المصادر المهمة لكتابة ودراسة التاريخ الفلسطيني. وتحدث عن تأثير الأحداث السياسية والعزل والتشريد على التطريز الفلسطيني، وتأثير الحداثة والتطور الصناعي الذي أدى الى تغير الخامات في الخيطان والصبغات والأقمشة.
وتخللت الفعالية جولة في متحف التراث الفلسطيني، وعرضاً لأثواب عدد من المدن الفلسطينية، وبازاراً لمعرض المطرزات الفلسطينية، وفقرة فنية قدّمتها جمعية الكمنجاتي، وفقرة فنية بالثوب المطرّز لطالبات من مديرة رياض الياسمين.