نقاط على الحروف

المقاومة… لمزيد من الصبر

 

ناصر قنديل

 

– تزداد الخروق الإسرائيلية في استفزاز كل مشاعر السيادة والوطنيّة، كماً ونوعاً، حيث العدد صار بالمئات، والخروق تتوزّع من جرائم قتل بدم بارد بالطائرات المسيّرة، وتفجير المنازل والمساجد، والتوغل في مناطق لم تصل إليها قوات الاحتلال خلال الحرب، وتوّجها يوم أمس ظهور فرق من المستوطنين في الأراضي اللبنانية ينصبون الخيام وينشدون تراتيل تلمودية. ومع هذا التغوّل في سلوك الاحتلال يتساءل البعض عما تنتظره المقاومة حتى تقوم بالردّ، ما لم تكن قد باتت تخشى مواجهة الاحتلال وتتصرّف كأنها مردوعة ومهزومة بعد الحرب.

– تحت ضغط هذه المطالبات التي تصل حد الاستفزاز وتتخذ شكل الابتزاز لا بدّ من التفكير ملياً قبل دعوة المقاومة للردّ، بل ومطالبتها بتحمل كل هذه المزايدات الصادرة غالباً من مواقع لا تهمها المقاومة، بمقدار ما يهمها تسجيل النقاط على المقاومة، فإن قامت بالردّ على الاعتداءات وتسبب ذلك بجولة قتال جديدة يقول هؤلاء أنفسهم إن المقاومة ورطت لبنان بالحرب وإنه لولاها لكانت المداخلات الدولية والضغوط الدبلوماسية أفلحت بضبط الانتهاكات الإسرائيلية.

– المقاومة معنيّة في هذه المرحلة بإلقاء الحجة على الذين يقولون بأن الرعاية الأميركيّة الفرنسيّة لاتفاق وقف إطلاق النار تشكّل ضمانة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، ولذلك تجب مطالبة هؤلاء بصوت مرتفع بتحمّل مسؤولياتهم، داخل الحكومة وخارجها، ويجب البدء بالتفكير بتنظيم تظاهرات شعبيّة من القرى التي تتعرّض للاعتداءات ترفع صوتها أمام المقار الحكوميّة وعند كل اجتماع للجنة الخماسيّة المشرفة على وقف إطلاق النار، وسؤال الحكومة ماذا تنتظر حتى تصدر تعليماتها للجيش اللبناني للتصدّي للاعتداءات، وهؤلاء في أغلبهم يقولون إن لا حاجة للمقاومة وإن ثنائية الجيش واليونيفيل تحت مظلة أميركية ضمانة كافية لمنع الاعتداءات الإسرائيلية.

– المقاومة معنيّة بالصبر والتريث، وإلقاء الحجة، ورصد التفاصيل وإعداد الردود المحتملة، لكن عدم الاستعجال، فإن توقفت الاعتداءات تحقق الهدف، وإن لم تتوقف وصار المزاج الشعبيّ والمناخ السياسيّ في وضع يؤمّن النصاب اللازم والغطاء الكافي لقيام المقاومة بالإمساك بزمام المبادرة والقيام بردّ موجع وليس مجرد إطلاق نار تحذيريّ، فالمطلوب عندما تردّ المقاومة أن تصيب القوة المتوغّلة في الأراضي اللبنانيّة، وفي أكثر من محور دفعة واحدة، وتكون قد أصدرت مواقف علنيّة تحذّر من أنها سوف تردّ، بما يؤلم ولن تكتفي بردود تحذيريّة، وعندها على الاحتلال ان يختار الالتزام بالاتفاق أو الخروج منه.

– الذين ثقبوا آذاننا بالحديث عن حلول دفاعيّة لا تكون المقاومة في قلبها أن يظهروا الآن تلك الحلول، فهذا هو الحوار الحقيقيّ حول الاستراتيجية الدفاعية، يجري في الميدان بأفضل ما يمكن أن يجري، وحصيلته حتى الآن تقول إنّه عندما لا تكون المقاومة في الميدان فإن الاحتلال يسرح ويمرح ويفعل ما يشاء بلا رادع، وإن الجيش لا يستطيع المواجهة، وإن الرعاة لا يملكون الرغبة ولا القدرة على لجم الاحتلال. وهذا كله تأكيد أن لا فرص لحماية لبنان إلا عبر المقاومة، ومن لديه بديل فليقدّمه الآن عملياً وإلا فليخرس الى الأبد. فهذه هي المعادلة التي يجب أن تُشرح وتُمنح أعلى الأصوات كي تثقب آذان الجميع.

– الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية جار على مدار الساعة على أطراف الجنوب وقراه، حيث الاعتداء مستمرّ ويتمادى، وفي الأجواء اللبنانيّة التي تجول فيها الطائرات المسيّرة للاحتلال ولا تقيم اعتباراً لشيء اسمه القانون الدولي ولا مفهوماً للسيادة اللبنانية. وإذا كانت الدبلوماسية والعلاقات الدولية والشرعية والجيش الذي لا يملك سلاحاً كافياً لمواجهة الاحتلال، هي الاستراتيجية فليُرنا أصحابها كيف تعمل الآن وليس غداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى