ثرثرة على عتبات العام الجديد
بين ثرثرة وأخرى يتكامَل مشهد عام آخر، عام يضاف إلى الروزنامة العربية المليئة بالانتكاسات، وخيبات الأمل، والأحلام التي لم تتحقق بعد.
الثرثرة الأولى: مع بداية كلّ عام جديد يخلع ليل الأغنياء عباءته السوداء، وتلبس سماؤهم ثوباً مشغولاً بملايين الأسهم النارية، والمفرقعات، والأضواء… فيما ليل الفقراء يبحث عن شمعة، ورغيف، وقميص، وحذاء!
الثرثرة الثانية: مع بداية هذه السنة سيولد جيل آخر من حدائق الياسمين، وستعيش على شبابيك بيروت ودمشق القديمة، وتزيّن بركها، وتعيد النبض إليها، ويصدح في أرجائها صوت نزار، ويأتي الزوّار من كلّ صوب «ليرسموا بالكلمات» ضفيرة «بلقيس».
الثرثرة الثالثة والأخيرة: هدية إلى الملوك والرؤساء والخطباء والكتّاب والإعلاميين العرب، مقطع صغير من كتاب «كليلة ودمنة»:
تجمع ملوك الأقاليم من الصين والهند وفارس والروم، وقالوا: ينبغي أن يتكلّم كلّ واحد منّا بكلمة تدوّن عنه إلى غابر الدهر. فقال ملك الصين: أنا على ردّ ما لم أقلْ أقدرُ منّي على ردّ ما قلت. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة إنْ كانت له لم تنفعه وإنْ كانت عليه أوْهنته. وقال ملك فارس: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الروم: لم أندم قطُّ على ما لم أقل، ولقد ندمت على ما قلته كثيراً، والسكوت عند الملوك أحسن من الهذر الذي لا يرجَع منه إلى نفع، وأفضل ما استظلّ به الإنسان لسانُه.