اقتصاديّون جزائريّون: الرئيس تبون رسم خريطة طريق للمضي قدماً في النموذج الاقتصادي الجديد
أكد خبراء اقتصاديون جزائريون، (أمس) الاثنين، أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ومن خلال خطابه أمس الأول أمام البرلمان، وضع خريطة طريق للمضي قدماً في مسعى تنويع الاقتصاد عبر النموذج الاقتصادي الجديد، مبرزين أهميّة الرسائل التي تضمنها الخطاب والتي تكمن في أنه رسم «معالم» سياسة اقتصاديّة تستهدف الوصول بالبلاد إلى مصاف الدول الناشئة.
وأبرز الخبراء، في حديثهم لوكالة الأنباء الجزائرية، أن الجزائر في “الطريق الصحيح” في إطار هذا النموذج الرامي لبناء اقتصاد متنوّع ومدعوم بـ “إرادة سياسية من لدن رئيس الجمهورية في مجال تحرير الاقتصاد والاستثمار”، مؤكدين أن من بين ركائز هذا النموذج دعم الصادرات خارج المحروقات الذي قطعت فيه الجزائر “أشواطاً كبيرة”.
في هذا الصدد، نوّه الخبير والمستشار الاقتصادي، عبد القادر سليماني، بأهمية خطاب رئيس الجمهورية في رسم معالم السياسة والنموذج الاقتصاديين للبلاد بهدف الارتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول الناشئة من خلال تحفيز الاستثمار في إطار القانون الجديد الذي أرسى وللمرة الأولى أساساً تشريعياً مستقراً.
كما نوّه السيد سليماني بالنتائج التي تسجلها الجزائر إثر الجهود المبذولة خلال السنوات القليلة الماضية في قطاع المناجم “حيث ستصبح الجزائر في المدى المتوسط، مثلما أشار إليه رئيس الجمهورية، مصدراً للحديد بعد إتمام خط السكك الحديدية بشار غارا جبيلات وربط هذا الخط مباشرة بميناء وهران في غضون 2026”.
ولفت الخبير إلى “الحيّز الهام” الذي أفرده رئيس الجمهورية، في خطابه، للأمن الغذائي للبلاد وكل ما من شأنه المساهمة في تجسيده، على غرار توسيع الأراضي المسقية مع تسطير هدف بلوغ 3 ملايين هكتار كمساحات مسقيّة وبرنامج تحلية مياه البحر بالموازاة مع الحثّ على تعزيز استعمال المياه المستعملة المصفاة للوصول مستقبلاً إلى نسبة تغطية بـ30 بالمئة.
وأشار سليماني إلى أن الإطار القانوني والهيكل المؤسسي المصاحب سمح في ظرف وجيز بتسجيل ما لا يقلّ عن 11 ألف مشروع استثماريّ منها العديد من المشاريع لمستثمرين أجانب ناهيك عن خلق المؤسسات الناشئة التي قفز عددها في فترة قصيرة.
تطوّر الصناعة وبعث الاستثمار: تحوّل جذري في الاقتصاد الجزائريّ
من جهته، أكد الأستاذ المحاضر في الاقتصاد، محمد عشير، أن “الاقتصاد الوطني يعرف تحولاً جذرياً”، لافتاً إلى أن هذا التحوّل يمكن تلمسه في “المؤشرات الاقتصادية الكلية لا سيما نسبة النمو المعتبرة واستمرار التوجه نحو تنويع الاقتصاد وتحفيز الاستثمار في عديد القطاعات الاستراتيجية على غرار الزراعة والموارد المنجميّة والصناعة بكافة شعبها”.
وأضاف أن رئيس الجمهورية ومن خلال خطابه “رسم خريطة طريق لتنويع الاقتصاد الوطني مع التركيز على القطاع الصناعيّ بكافة شعبه عبر تحفيزات مختلفة”، مبرزاً الأشواط التي قطعتها البلاد في مجال الصناعة والتقدّم الملحوظ المسجل في مجال الصناعات التحويلية والميكانيكية وكذا الصناعات العسكرية.
واعتبر عشير أن الجزائر “في الطريق الصحيح” في إطار هذا النموذج الرامي إلى تنويع الاقتصاد وهو توجّه دعمته “إرادة سياسية من لدن الرئيس في مجال تحرير الاقتصاد والاستثمار عبر رفع العراقيل البيروقراطية ورقمنة الإدارة”.
وأوضح أن التسهيلات التي أقرّها الإطار التشريعيّ والمؤسسيّ الناظم للاستثمار ومناخ الأعمال سهل “بشكل كبير الحصول على مزايا الاستثمار والعقار الاقتصاديّ ما انعكس إيجاباً على جاذبية بيئة الاستثمار بالجزائر ورفع من تنافسية المنتج الجزائري لا سيما عند التصدير”.
بدوره، أبرز أستاذ الاقتصاد، احمد حيدوسي، أن النموذج الاقتصادي الجديد يقوم على عدد من الأسس منها تحرير المبادرات لا سيّما من خلال قانون الاستثمار الذي رفع العراقيل التي كان يواجهها حاملو المشاريع في كافة القطاعات في السنوات السابقة، ما انعكس إيجاباً على حركيّة إنشاء المؤسسات.
وذكر في المنحى ذاته أن السلطات العمومية، ومثلما أكد عليه رئيس الجمهورية، “تركّز على قطاعات ونشاطات هامة والتي من شأنها تسريع نمو اقتصاد الجزائر وتحسين أدائه والارتقاء به إلى مصاف الدول الناشئة”.
وأشاد في الصدد ذاته بالمكانة التي صار يحظى بها قطاع الصناعة، لا سيما الصناعات التحويلية والميكانيكية والتعدين بعد ما كان يساهم في السابق “بنسبة هامشيّة في الناتج الداخلي الخام” للبلاد، منوّهاً بـ”الأهميّة الخاصة التي أولاها رئيس الجمهورية في خطابه لهذا القطاع ولدوره في الخروج من التبعيّة للمحروقات وباعتباره رافداً مهماً للخزينة” لا سيّما من حيث التصدير.
كما لفت إلى “الطابع الاستراتيجيّ الذي تكتسيه المشاريع المرافقة على غرار تجديد وتوسيع الموانئ وبشكل أخصّ مشاريع السكك الحديديّة”.
وكان الرئيس تبون وضع في خطابه، خريطة طريق اقتصادية لبلاده، وجدّد عزمه على “مواصلة تعزيز المكاسب المحققة لحفظ كرامة المواطن وتحسين الإطار المعيشي العام” وكذلك “تنفيذ البرامج الموجهة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة”.