بين عامين
– لعلها من المرات القليلة في تاريخ المنطقة التي يترافق فيها الانتقال من عام يمضي إلى عام جديد، مع هذا الكم من الأحداث الضخمة المفاجئة والدراماتيكية، والغموض تجاه أحداث مقبلة ربما تكون أشد ضخامة وأكثر هولاً.
– أولى المفاجآت الكبرى كانت قبل دخول العام 2024 مع طوفان الأقصى الذي أصاب المنطقة والعالم بالذهول نظراً لحجم المفاجأة وضخامة الحدث، وتبعته جبهات الإسناد من محور المقاومة وكانت جبهة لبنان أبرزها، لكن العام 2024 حمل مفاجآت بحجم رحيل قادة الطوفان والإسناد اللبناني، فاستشهد السيد حسن نصرالله وعدد كبير من قادة المقاومة في لبنان، واستشهد القائد يحيى السنوار صانع الطوفان وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
– حدث الزلزال السوري الذي لا تزال تداعياته تتواصل لما حمل من تغيير جيوسياسي كبير في توازنات ومعادلة منطقة شديدة الحساسية وعالية الاستقطاب للقوى العظمى، حيث في سورية دون سواها كانت أميركا وروسيا وإيران وتركيا و”إسرائيل” وكل تنظيمات التطرّف والإرهاب وكل تشكيلات المقاومة، ووقع الزلزال الذي سقط معه النظام السابق برعاية تركية بصورة أنشأت معادلة دولية إقليمية جديدة.
– على خلفية الزلازل الجارية بصورة متلاحقة كان اليمن مفاجأة العام 2024، بقدرته على تحدّي الهيمنة الأميركية على البحر الأحمر، ثم بنجاحه في فرض إرادته بمنع السفن المتوجّهة إلى موانئ كيان الاحتلال من العبور، ثم بتحدّي الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية ونجاحه بالتحوّل إلى مصدر قلق إسرائيلي كبير، ربما يتسبّب بتفجير حرب تشعل الخليج وممرّات النفط وتصيب التجارة العالمية بالشلل.
– 2025 عام اليمن بامتياز، لكنّه عام غزة ولبنان أيضاً حيث سوف يُحسم مصير اتفاق محتمل في غزة، واتفاق قيد التنفيذ في لبنان يعاني من خلل قد ينتهي بسقوطه.
– 2025 هو عام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ليترك بصمته في مستقبل العالم، بين خيارَي الذهاب لمزيد من الحروب أو إطفاء نيرانها لترجمة شعاره بالتفرّغ نحو أميركا العظيمة بدلاً من مواصلة الاستنزاف في حروب أميركا العظمى.
– في لبنان ترقب وانتظار وتشوّش وضياع بين مَن يقول بنهاية المقاومة وسلاحها ومَن يقول بأنها ربحت حربها وفرضت حضورها بعدما خرجت كطائر الفينيق من الرماد، بعد الضربات التي أصابتها، ونجحت بمنع الاحتلال من التقدّم في الجبهة الحدوديّة وفرضت معادلات النار على الداخل الإسرائيليّ حتى صار القبول بوقف إطلاق النار تحت سقف القرار 1701 حتمياً على قيادة الاحتلال.
– 2024 كان عام الزلازل وعام 2025 هو عام الهزات الارتدادية ما يستدعي الترقب، ولعل موعد انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان في أول أيام العام الجديد، سوف يُعطي إشارات مهمة حول اتجاه العام، حيث التأجيل يعني شيئاً والنجاح بالانتخاب يعني شيئاً آخر، وهوية الرئيس المنتخب تقول أشياء كثيرة.