مقالات وآراء

هل يغرق ترامب في الفرات…؟

 

 محمد حسن الساعدي

 

مع الاستعدادات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية لتولي دونالد ترامب السلطة في 20 كانون الثاني المقبل، ليكون رسمياً رئيس الولايات المتحدة الأميركية للمرة الثانية، فإنّ الأخيرة باتت أمام محنة كبيرة اسمها سورية، فـ ترامب أعلن في خطابه الانتخابي أنه عازم على إنهاء الصراعات في العالم والتوجه نحو الداخل الأميركي وسيعمل بصورة جدية للحدّ من تورّط أميركا في صراعات العالم، وكذلك منع عودة العصابات الداعشية والتي جعلها في مقدّمة أولوياته، ولكن من دون الدخول في تفاصيل الاستراتيجية التي يمكن أن يتّبعها الرئيس الأميركي الجديد.
التقارير الأمنية تشير الى وجود أكثر من 2000 مقاتل أميركي في سورية، وهولاء يُعتبرون كقاعدة متقدمة بذريعة محاربة الإرهاب ويقومون بمهام المراقبة والتجسّس على الانشطة الايرانية في المنطقة، بالإضافة الى الدعم اللوجستي لقوات سورية الديمقراطية (قسد) والتي تتمركز في شمال سورية وتسيطر على الحدود الشمالية مع العراق، حيث عقد المسؤولون في البنتاغون والقيادة المركزية (سنتكوم) اجتماعات مهمة لبحث الوضع الامني في المنطقة، ونقاط الاشتباك المتوقعة فيها، والتي يتوقع ان تكون في الاردن كون القواعد العسكرية هناك تكون واضحة ومكشوفة.
القيادات العسكرية الأميركية أخفت المعلومات عن تزايد الوجود الأميركي في سورية من 900 الى 2000 جندي، وذلك لأنّ ترامب سيعطي الأولوية للحدّ من تورّط الولايات المتحدة في صراعات العالم ومنع عودة داعش وسيكون له الأولوية، ولكن من غير الواضح ما هي الاستراتيجية العسكرية التي قد تسعى إليها الإدارة الجديدة، كما أنّ قوات سورية الديموقراطية أصبحت تواجه تحدياً كبيراً مع فرار المقاتلين غير الأكراد في صفوف المجموعة وأنهم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، بالإضافة إلى السجون والمخيّمات التي تضمّ مسلحي داعش وأفراد أسرهم والتي تحرسها الآن قوات سورية الديمقراطية تشكل مصدر قلق كبير للمسؤولين الأميركيين، كما أنّ الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار في سورية تثير التساؤلات حول مستقبل القوات الأميركية في العراق والتي كانت بمثابة مركز أمني ولوجستي لما سُمّيَ عمليات مكافحة إرهاب داعش في كلا البلدين، وانّ وجود القوات الأميركية يشكل موضوعاً حساساً بالنسبة لقادة العراق، إذ انّ هناك خلافاً داخلياً حول وجود هذه القوات من عدمه.
هناك محادثات تجري بين الحكومة العراقية في بغداد حول تنفيذ اتفاق ثنائي من شأنه أن ينهي في نهاية عام 2025 التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق، إذ أشار إلى أنّ هناك تحولاً في كيفية نظر كبار المسؤولين العراقيين إلى الانسحاب الأميركي المحتمل بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، ولكن وبصورة علنية انّ خروج قوات التحالف الدولي باتت محسومة وقريبة جداً، وانّ العراق أصبح قادراً على حماية نفسه إزاء أيّ خطر يهدّد أمنه واستقراره.
يبقى الشيء الأهمّ هو الدور الأميركي في سورية والذي سيحدّده الرئيس ترامب وطبيعة إدارة الأمور في سورية والعلاقة مع الإدارة الجديدة فيها، فإما أن يكون راعياً للاستقرار في المنطقة أو الغرق في الفرات…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى