نقابة المحررين نعت نقيبها السابق سعيد آل ناصر الدين / القصيفي: جمعَ الجرأة والحكمة وصلابة الموقف والاعتدال
![](https://www.al-binaa.com/wp-content/uploads/2025/01/النقيب-الراحل-سعيد-آل-ناصر-الدين.jpg)
نعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية إلى الزميلات والزملاء الأمير سعيد نديم آل ناصر الدين نقيب المحررين السابق الذي خلف النقيب الراحل ملحم كرم بعد رحيله، وكان نائباً للنقيب لدورات عدة، كما كان لعقود عضواً في مجلس النقابة التي انتسب إليها في العام 1962. وعُرف بصلابته وعنفوانه وطيب معشره. وسجن لمرتين، وفي إحداهما انتخب وهو نزيل السجن. عمل في صحف: “الصفاء”، مديراً مسؤولاً ومحرراً في جريدة “البيرق”، وجريدة “الشرق”، كان صاحب مجلة “النجوى” وأحد صاحبي مجلة “العصور”. كان متضلّعاً من لغة الضاد، ومتمكّناً منها، ويمكن تلمّس ذلك من أسلوبه، وإجادة استخدامه للغة في التعبير عن رأيه بوضوح. وبرحيله طويت صفحة مشرقة من صفحات نقابة المحررين والصحافة اللبنانية اللتين ودّعتا في اليوم الأول من العام الجديد هذه القامة المأسوف عليها.
وقال النقيب جوزف القصيفي في وداع النقيب ناصر الدين: بكلّ ألم وحزن وتسليم بقضاء الله وقدره تلقيت، وأنا خارج لبنان، نبأ وفاة نقيب محرري الصحافة السابق، ونائب النقيب لدورات عدة، وعضو مجلس النقابة ومستشارها الأمير سعيد نديم آل ناصر الدين، إبن الدوحة الكريمة الرفيعة الشأن، التي أعطت الصحافة واللغة العربية كباراً خلّفوا بصمات خالدة لا تُمحى منذ الهزيع الأخير للقرن التاسع عشر إلى يومنا هذا. والراحل الغالي هو من المناضلين في وجه كلّ من حاول أن يكمّ أفواه الصحافيين، ويكسر جناح الحرية، ويقيّد الأحرار بقوة السلطان القاهر، وقد كلفته مواقفه غالياً، فسُجن لمرتين وضيّق عليه، ولم يثنه ترهيب وترغيب عن وفائه لمبادئه وأصدقائه، وكان إلى جانب النقيب السابق ملحم كرم في المعارك التي خاضها ضدّ السلطة يومذاك في مواجهة حملات التضييق التي طاولت زملاء المهنة. وهو لم يكن مناضلاً وطنياً ونقابياً فحسب، بل كان صحافياً محترفاً عمل في العديد من صحف لبنان منذ أواخر الخمسينيات إلى مطالع تسعينيات القرن المنصرم. إتسم أسلوبه بالسهل الممتنع، والإيجاز البليغ، مباشر في التعبير عن رأيه: كلامه نعم نعم، ولا ولا.
وأضاف القصيفي: فقدت نقابة محرري الصحافة اللبنانية واحداً من أكرم وجوهها، وأكثرها التزاماً، جمع الجرأة إلى الحكمة، وصلابة الموقف إلى الإعتدال. وهي ستفتقده، وترى في رحيله خسارة لا يعوّضها إلا ذكره الطيب.
وختم قائلاً: لقد فقدت شخصياً بغيابه الأخ والصديق الذي جمعتني به علائق مودة ومحبة وزمالة ومشوار طويل في “دار ألف ليلة وليلة” وفي “نقابة محرري الصحافة اللبنانية”، ولم تنصرم حبال هذه العلائق يوماً، بل زادتها الأيام متانة ووثوقاً. فيا أكرم الراحلين وأنبلهم، أبكيك بكلّ ما في مقلتي من دمع، واستذكرك بكلّ ما يعتصر فؤادي من حسرة، مستعيداً الأيام الخوالي، حيث كان للنضال نكهة، وللوقفة وقع، وللموقف صدى لا يذهب هباء. فوداعاً يا رعاك الله، وليهنأ لك الرقاد في تربة كفرمتى بجوار وحيدك والآباء والجدود، وثق بأنه في كلّ مرة يؤتى فيها على ذكر الكبار الذين عطروا دنياهم بالمسلك الحسن والصيت الحميد، والخصائل البيض، وشهامة الفرسان، تتراءى صورتك البهية مخترقة حجب النسيان لتستقر أيقونة في قلوبنا النابضة بالوفاء لما قدّمت وبذلت من ثمين التضحيات في سبيل المهنة وأبنائها. رحمك الله رحمة واسعة قدر ما تستحق، وانك لمستحق وأكثر، وليكن ذكرك مخلداً.