وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا في دمشق لمشاركة الطوائف والأكراد ببناء الدولة / اشتباكات بين الجيش ومسلّحين على الحدود.. والشرع يدعو ميقاتي للعلاقات الثنائيّة / فضيحة تفتيش الطائرة الإيرانية «بلا غلة»… والخطيب يدعو مولوي للبطولة جنوباً
كتب المحرّر السياسيّ
أنهى وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا زيارة سريعة إلى دمشق ركّزت على استعداد الدول الأوروبية للانفتاح على الحكم الجديد في سورية، وإدارة التفاوض على رفع تدريجيّ للعقوبات، على قاعدة مراقبة مسار بناء الدولة الجديدة وفق معايير تحقق مشاركة جامعة في المرحلة الانتقالية التي يفترض أن تنتهي بدستور مدني وانتخابات موثوقة. وقالت تصريحات الوزيرين إن مفتاح العملية السياسية الموثوقة هو النجاح بدمج الأكراد في المرحلة الانتقاليّة، ومشاركتهم في بناء الجيش الجديد ووضع الدستور والحكومة، مقابل استعداد أوروبيّ للمساعدة في التفاوض مع الجانب الكرديّ إذا توافرت ضمانات كافية للاطمئنان إلى مستقبل الدور السياسيّ والأمن الإقليميّ للأكراد.
في ضفة موازية، بدت العلاقة اللبنانية السورية على طاولة البحث مجدداً في ضوء الاشتباكات التي شهدتها الحدود اللبنانية السورية في منطقتي البقاع وعكار، حيث فتحت جماعات مسلحة النار على الجيش اللبنانيّ عندما كان يقوم بإقفال معابر غير شرعيّة يستخدمها المهرّبون، وأصيب خلالها عدد من جنود الجيش اللبنانيّ، ولم تتوقف الاشتباكات إلا بعد عدة ساعات ووصول قوة من دمشق لضبط الجماعات المسلحة التي قامت بفتح النيران على الجيش اللبناني. ومساء أمس وجّه أحمد الشرع رئيس الإدارة المؤقتة في دمشق دعوة لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لزيارة دمشق من أجل التباحث بالعلاقات الثنائيّة بين البلدين. وكانت الإدارة الجديدة في سورية قد أعلنت عن منع اللبنانيين الذين لا يملكون إقامة دائمة في سورية من دخول الأراضي السورية، قيل إنها إجراءات تأتي رداً على التقييدات المفروضة على المعابر اللبنانية على دخول السوريين، بينما توضح المراجع اللبنانية المعنية أن إجراءاتها تأتي بعدما بلغ عدد النازحين السوريين في لبنان قرابة المليونين، بما فاق قدرة لبنان على التحمّل.
في لبنان، بقي حادث إخضاع الطائرة الإيرانية التي كانت تحمل زواراً لبنانيين عائدين من زيارة العتبات المقدّسة في إيران، لتفتيش استثنائيّ استمرّ لساعات عديدة، وشارك فيه أجانب، كما قال عدد من المسافرين على متن الطائرة، وخضع خلاله الركاب لمعاملة لم تطبَّق على سواهم، ربطاً بكونهم عائدين من إيران، وما يرتبط به ذلك من إيحاءات طائفية وسياسية، والتفتيش الانتقامي، كما وصفه عدد من الركاب، والعقابي، كما وصفه آخرون، يستهدف بيئة المقاومة بتحريض أجنبيّ، عبرت عنه قناة الحدث التي كانت صاحبة الخبر المضلّل عن نقل مليارات الدولارات على متن الطائرة، وبعد الفضيحة التي انتهت «دون غلة»، تحدّث غاضباً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب عن خطورة معاملة الطائفة الشيعيّة وكأنّها طائفة مهزومة، داعياً وزير الداخلية بسام مولوي للبطولة جنوباً حيث يعتدي الاحتلال على السيادة اللبنانية ولا يقيم أي اعتبار للاتفاقيّات والقوانين.
وفيما بدأ العد العكسي للمهلة الفاصلة عن جلسة المجلس النيابي المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية من دون التوصل إلى توافق بين الكتل النيابية حتى الساعة، وفق معلومات «البناء» من أكثر من مصدر نيابيّ، تصل الوفود الدبلوماسية تباعاً للبنان في إطار الحراك الدبلوماسي الخارجي في استحقاق الرئاسة والجهود الدولية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، إذ وصل المكلّف بالملف اللّبناني في وزارة الخارجية السعودية يزيد بن فرحان أمس، لبيروت، فيما أفيد أن الموفد الأميركي أموس هوكشتاين سيصل يوم الاثنين المقبل لبيروت في مهمة مزدوجة تتعلق بمراقبة بوقف إطلاق النار وانتخابات الرئاسة.
وفيما كانت الأنظار منصبّة على أحداث الجنوب ومطار بيروت الدولي، سرقت الحدود اللبنانية – السورية الأضواء حيث شهدت تطورات أمنية وسياسية وإدارية، تمثل الأول باشتباكات مسلحة في منطقة معربون بين الجيش اللبناني وعناصر مسلحة سورية أفيد أنهم مهربون معروفون في المنطقة، والثاني يتعلق بمنع اللبنانيين من الدخول إلى سورية إلا بشروط معينة، والثالث تمثل بدعوة تلقاها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لزيارة سورية.
في الجانب الأمنيّ، أعلنت قيادة الجيش أنه «أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعيّ عند الحدود اللبنانية السورية في منطقة معربون – بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلق عناصر الجيش نيرانًا تحذيريّة في الهواء، وعمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش ما أدّى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين». وما لبثت أن تجدُّدت الاشتباكات في منطقة معربون – بعلبك وفق بيان الجيش عند الحدود اللبنانية السورية بين الجيش ومسلحين سوريين بعد استهدافهم وحدة عسكرية بواسطة سلاح متوسط، ما أدّى إلى تعرُّض ٤ عناصر من الجيش لإصابات متوسطة».
ووفق معلومات «البناء» لا علاقة لهيئة «تحرير الشام» بالاشتباكات، حيث أرسلت «الهيئة» قوة الى سرغايا وأجرت اتصالات مع الجانب اللبناني لضبط الوضع.
وأوضح وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أنّ «المسلحين الذين اشتبك معهم الجيش اللبنانيّ على الحدود لا يتبعون لإدارة سورية الجديدة».
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء، أنّ «اتصالًا جرى بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الإدارة السّوريّة الجديدة أحمد الشرع، تمّ خلاله البحث في العلاقات بين البلدين وبشكل خاص الملفّات الطّارئة. كما تطرّق البحث إلى ما تعرّض له الجيش على الحدود مع سورية في البقاع».
وأوضحت في بيان، أنّ «الشّرع أكّد أنّ الأجهزة السّوريّة المعنيّة قامت بكلّ ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود، ومنع تجدّد ما حصل»، مشيرةً إلى أنّ «في ختام الاتصال، وجّه الشّرع دعوة لرئيس الحكومة لزيارة سورية، من أجل البحث في الملفّات المشتركة بين البلدين وتمتين العلاقات الثّنائيّة».
ومنع الأمن العام اللبناني اللبنانيين من عبور نقطة المصنع الحدودية في اتجاه سورية، منذ ساعات الليل (أمس الأول)، بناءً على توصيات سورية بمنع دخول اللبنانيين إلى البلد، إلّا لمن يحمل إقامة سوريّة. وعليه، توقّف الأمن العام اللبناني عن السماح للمواطنين اللبنانيين بالعبور إلى الداخل السوريّ، على عدد من المعابر الحدودية البقاعية شرقاً، وشمالاً أيضاً في العريضة والعبودية وجسر قمار. وأفادت المعلومات بأنّ القرار السوريّ أتى ردّاً على إجراءات لبنانيّة مماثلة تمنع دخول السوريين غير المستوفين للشروط اللبنانية، وأبرزها إقامة لبنانيّة سارية المفعول. وبحسب المتداول، فإنّ الإجراءات السورية الجديدة تتطلّب من اللبناني أن يكون حائزاً على إقامة سوريّة سارية المفعول، أو حجز فندقي ومبلغ ألفي دولار، أو موعد طبيّ مع وجود كفيل سوريّ، مع الإشارة إلى أنّ «أيّ مخالفة بالإقامة داخل الأراضي السوريّة ليوم إضافيّ تفرض على اللبناني غرامة مالية، مع منعه من دخول سورية لمدة عام». وأوضحت المعلومات أن السلطات السورية طلبت من وزير الداخلية اللبناني التواصل مع نظيره السوري لحل مسألة منع اللبنانيين من دخول سورية.
وأكد المولوي، في حديث لـ»فرانس برس» أن «العمل جار لحلّ مسألة «منع» دخول مواطنيه إلى سورية. ولفت المولوي في تصريح إلى أن «دخول السوريين إلى لبنان يتم وفق التعليمات والقانون، ونحن لا نوقف أي سوري إلا إذا كان مطلوباً في لبنان أو صدرت بحقه مذكرة دولية». وأوضح أنّ «السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بصورة غير شرعية موقوفون حالياً، ورحّلنا بعض السوريين الذين دخلوا بصورة غير شرعية إلى بلدهم، بعد انتهاء التحقيق معهم».
إلى ذلك تفاعلت حادثة تفتيش الأجهزة الأمنية اللبنانية طائرة إيرانية بناء على معلومات أنها تحمل على متنها مبالغ مالية لحزب الله في حقيبة دبلوماسية، لا سيما أن تفتيش الحقائب الدبلوماسية تخالف القوانين والأعراف الدبلوماسية لا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسيّة، حيث أن الحقائب الدبلوماسية تُمنح الحصانة الدبلوماسية، كما مراكز السفارات.
وفيما شهدت الضاحية الجنوبية احتجاجات رفضاً لهذه الخطوة ومنع الأموال الإيرانيّة المخصصة لإعادة الإعمار من الوصول للبنان، أوضح بيان لوزارة الخارجية اللبنانية، أنها تلقت «مذكرة توضيحيّة» من السفارة الإيرانية في بيروت، بشأن محتويات حقيبتين صغيرتين دبلوماسيتين على متن طائرة قدمت، الخميس، حيث كانت داخلهما «وثائق ومستندات وأوراق نقديّة، لتسديد نفقات تشغيلية خاصة باستعمال السفارة فقط». وأشار بيان الخارجية اللبنانية إلى أنه تمّ السماح بدخول الحقيبتين، وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
وأوضح مستشار الوزير مولوي في هذا الاطار، إلى أننا «نفتش كل من يمرّ عبر مطار بيروت حتى الدبلوماسيين، وعثرنا على مبالغ مالية تشغيلية ومستندات لسفارة إيران بحقائب أمس».
بدوره أعلن المدير العام للطّيران المدني فادي الحسن، أنّ «طائرةً إيرانيّةً أخرى وصلت اليوم (أمس) إلى مطار بيروت الدولي، وتمّ تفتيش ركّابِها كما جرى بالأمس (أمس الأول)، من دون أن تُسجّل أي شكوى»، مؤكّدًا أنّ «إجراءات التّفتيش المشدّدة في المطار تنفَّذ على القادمين كافّة».
وشدّد في تصريح على «أنّنا لن نوفّر أيّ لحظة في سبيل استمرار عمل مطار بيروت، والطّيران الإماراتي وبعض شركات الطّيران الأخرى تترقّب الوضع قبل عودة رحلاتها إلى لبنان»، مشيرًا إلى أنّ «وطننا دائمًا بحاجة إلى مغتربيه ويرحّب بهم، فالمطار بحاجة إلى وجود المستثمرين وشركات الطّيران، والمستفيد الأوّل هو الدّولة اللّبنانيّة».
في غضون ذلك، واصل العدو الإسرائيلي خروقاته اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكشفت جهات دبلوماسية غربية لـ»البناء» أن اتفاق وقف إطلاق النار سيسلك طريقه الى التنفيذ بعد نهاية مدة هدنة الستين يوماً رغم كل الخروقات الإسرائيلية، وهناك اهتمام والتزام أميركي – فرنسي باحترام جميع الأطراف لاتفاق وقف إطلاق النار وعدم انزلاق الأمور الى التوتر»، وشدّدت الجهات على أن «اللجنة الدولية لمراقبة تنفيذ الاتفاق ستقوم بواجباتها ومسؤولياتها المحددة وفق الاتفاق وستعمل على وقف الخروقات من أي جانب كانت وتحثّ أيضاً الدولة اللبنانية على التحقق من تطبيق الاتفاق المتعلق بانسحاب حزب الله وسلاحه من جنوب الليطاني وفق القرار 1701 وكل الالتزامات والقرارات ذات الصلة».
وفي سياق ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم مجلس الأمن في البيت الأبيض جون كيربي، أننا «ملتزمون بالعمل لضمان الحفاظ على وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل»».
وكان جيش الاحتلال نفذ عملية نسف في محيط بلدة بني حيان، في حين أحرقت قوات الاحتلال منزلين في البلدة بعد تفتيشهما. كما قامت بعمليات تجريف تظهر في الوادي الذي يصل إلى البلدة من الجهة الغربية وصولًا إلى وادي السلوقي. ونفذت أيضاً عملية نسف كبيرة في كفركلا سُمع دويها في أرجاء الجنوب وفي بلدتي الضهيرة وأطراف الجبين. وعملية تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة بين بلدتي بني حيان وطلوسة. كما عمد جنود العدو إلى إشعال النّيران في عدد من المنازل السّكنيّة في بلدة حولا.
ومساء أمس، تقدمت قوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من عدد من سيارات الهامر المصفّحة من أطراف بلدة كفركلا باتجاه أطراف برج الملوك، حيث قام عناصرها بوضع أسلاك معدنية وشائكة، قطعوا خلالها الطريق وما لبثوا أن غادروا المنطقة.
ووجّه جيش الاحتلال تهديداً إلى سكان عدد من القرى في جنوب لبنان من الانتقال جنوبًا إلى خط القرى التالية ومحيطها: شبعا، الهبارية، مرجعيون، أرنون، يحمر، القنطرة، شقرا، برعشيت، ياطر، المنصوري حتى إشعار آخر».
وجال رئيس لجنة المتابعة الدولية لوقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز في الخيام، برفقة قائد اللواء السابع في الجيش اللبناني العميد الركن طوني فارس ووفد مرافق.
ولم يسجل الملف الرئاسي أي جديد باستثناء زيارة المسؤول السعودي عن الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، الذي التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً عن الإعلام، وفق مصادر إعلامية محلية، حيث استمرت زيارته ساعات قليلة وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتوقعت أوساط نيابية عبر «البناء» أن تنشط الاتصالات واللقاءات مطلع الأسبوع في إطار التشاور بين الكتل النيابية للتوصل الى تفاهم حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على أن يتضح المشهد قبيل موعد الجلسة بيومين. كما لفتت الأوساط الى أن جميع الأطراف السياسية لم تفصح عن مواقفها الحقيقية ولا عن «الخطة ب»، أي أسماء المرشحين غير المعلنين، لكن الأسماء المتداولة التي تملك فرص الفوز تتراوح بين قائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام بالوكالة اللواء الياس البيسري والوزير السابق جهاد أزعور والمصرفي سمير عساف. لكن الأوساط شدّدت على أن كافة الاحتمالات واردة ومنها تعذر انتخاب الرئيس في جلسة 9 كانون الحالي.