«داعش» تظهر تحت غطاء التحرير
محمد حسن الساعدي
اتسعت عمليات داعش خلال السنوات الماضية الى ما هو أبعد من العراق وسورية، فهذه العصابات تمتلك مشاريع في أربع دول أفريقية هي (مالي، نيجيريا، الصومال وموزمبيق) فضلاً عن حالة الاستعداد والتعبئة للمقاتلين الأجانب في هذه البلدان، والنمو في العمليات التي استهدفت أرض خراسان خلال الفترة القليلة الماضية، إلا أنّ داعش تمكّنت من العراق وسورية ذات الأهمية السياسية والاقتصادية والتاريخية، وأخذت تتحرك في هذين البلدين، وسيطرت على عدد من القرى والمدن، واستطاعت ان تبني مرتكزات لها وقواعد ومضافات، وبالرغم من العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوى الأمنية في العراق بضربها لهذه المضافات والاستراحات، الا انّ هناك بعض الجيوب لا تزال تظهر بين الحين والآخر، لكن بشكل عام فإنّ داعش في العراق أضعف مما كانت عليه من قبل، على عكس الوضع في سورية حيث ظهرت علامات على إعادة بناء داعش تدريجياً.
ولا يزال تنظيم داعش يشكل تهديداً معقداً يحتاج الى ضغط مستمر للسيطرة عليه، إذ لا يزال مقاتلوه يتمتعون بإرادة على القتال، وإنْ كان بقدرة أقلّ مما كان في السابق، فمع الاعتقالات التي طالت عصابات داعش من قبل القوات الأمنية العراقية، إلا أنّ بقاياه لا تزال طليقة وانّ الأعضاء الحاليين من داعش يواصلون التخطيط والعمل، وانّ المسار المستقبلي لتنظيم داعش في العراق وسورية سوف يتحدّد الى حدّ كبير بمستقبل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
وبالاعتماد على النجاحات المتحققة في مكافحة الإرهاب فإنّ الحكومة العراقية تريد إعادة ترتيب علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة من علاقة قائمة على التحالف الدولي الى علاقة ثنائية وبضوابط جديدة تضبط العلاقة بين الجانبين.
انسحاب القوات الاميركية من شمال شرق سورية بعد سيطرة الجماعات المسلحة على مقاليد السلطة فيها، سيعطي تركيا القدرة على استغلال غياب الولايات المتحدة لزيادة هجماتها ضدّ قوات سورية الديمقراطية وانسحابها من دير الزور لحماية قلب الأكراد في الحسكة، ما يعني استغلال داعش للوضع من خلال إخراج مقاتليها السابقين من سجون قوات سورية الديمقراطية، ويسمح بإشعال حريق هائل في المنطقة مرة اخرى من قبل تنظيمات إرهابية لإعادة انتشارها في العراق.
انّ إعادة تشكيل داعش في سورية سيعيد التاريخ نفسه بالنسبة الى الحكومة العراقية، إذ سيكون للتنظيم القدرة على الاندفاع الى العراق، لذلك باتت المخاطر عالية والتي تهدّد أمن وسيادة العراق ومع وجود معسكر اللاجئين (الهول) والذي يحوي الآلاف من الدواعش وعوائلهم، وهم مستعدون تماماً للقتال مرة أخرى في أيّ جبهة وأيّ مكان وتحت أيّ قيادة، لذلك باتت الأوضاع مفتوحة على جميع الاحتمالات والأوجه، وانّ الأرض خصبة جداً للتحرك من قبل هذه العصابات والتي ستواجه بقوة وحسم من قبل العراق الذي استعد بكلّ إمكانياته وقدراته الأمنية والتسليحية ان لا يعود الى حقبة عام 2014 والتي ضاع فيها ثلث أرض العراق تحت سطوتهم وان لا يتكرّر هذا السيناريو المظلم مرة أخرى…