نقاط على الحروف

الرئاسة تنتظر التوافق

 

ناصر قنديل

 

– لم تنجح محاولات استخدام الاستحقاق الرئاسي منصة تسويق لنظرية هزيمة المقاومة والقدرة على تجاوز وزنها التمثيلي الذي يشكّل الثنائي الوطني لكتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة نواته الصلبة، فقد انتهت موجة الضغط الدولي والإقليمي عند حافة دون الـ 86 صوتاً لصالح المرشح الأوحد لرئاسة الجمهورية قائد الجيش العماد جوزف عون، وفشلت محاولات تجاوز رقم الـ 86 صوتاً بهدف القول للثنائي إن المرشح الأوحد فائز معكم وبدونكم ونظراً للمشكلة الميثاقية الناجمة عن الحاجة لمشاركة نواب من كل الطوائف في العملية الانتخابية نحتاج إلى تصويتكم، ونترك لكم فرصة الالتحاق بالركب، لكن الحصيلة جاءت معاكسة فالرقم الذهبي 86 لا يكتمل دون الثنائي.

– تعامل الثنائي مع الاستحقاق وفق معادلتين متلازمتين، الأولى تنطلق من أنه لا مشكلة لديه مع المرشح الأوحد حالياً قائد الجيش، الذي قدّم خلال تجربته كقائد للجيش ما يطمئن المقاومة، والذي يمثل على مستوى روحيته الوطنية وإيمانه المستمدّ من المؤسسة العسكرية بالوحدة الوطنية والعيش المشترك ما يحقق إحدى أهم المواصفات المطلوبة في شخص رئيس الجمهورية، وبالمقارنة على مستويات متعددة بينه وبين الرئيس ميشال سليمان كقائد جيش ومشروع رئاسي ترجح الكفة لصالحه. ولا مشكلة لدى الثنائي الذي سار بانتخاب الرئيس ميشال سليمان أن يسير بانتخاب العماد جوزف عون.

– المعادلة الثانية للثنائي كانت أن انتخاب الرئيس ميشال سليمان جاء ضمن توافق وطني جامع، مع غطاء دولي إقليمي، وضمانات تنفيذ التفاهمات المرافقة للتوافق على اسم الرئيس، بينما ما يجري اليوم مختلف جذرياً، ذلك أن الثنائي صاحب الدعوة للحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مراراً، لم يجد إلا الرفض لدعواته، والثنائي الذي دعا ممثله السياسي الأول الرئيس نبيه بري لجلسة اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية بقي يدعو للتوافق قبل حلول الموعد فلم يلق أذناً صاغية. وهو الثنائي الذي تبنى ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية فقيل له إنه رغم حجمه التمثيليّ لا يملك حق دعم ترشيح مرشح لرئاسة الجمهورية لأنه من طائفة أخرى، هو الثنائي نفسه الذي قيل له إن عليه هو أن يتبنى ترشيح قائد الجيش كي تنظر الكتلة النيابية الأكبر في طائفة الرئيس في أمر هذا الترشيح، وكل هذا لا يقول إلا شيئاً واحداً وهو أن الكيد السياسي يتفوّق على التطلع نحو التوافق.

– «اكتمل النقل بالزعرور»، عندما صار الخطاب الموجّه للثنائي، يقوم على معادلة ها هم الجميع انضبطوا بالتعليمات وتراجعوا عن خياراتهم وساروا بالمرشح الأوحد فعليكم أن تفعلوا مثلهم، ونسمّي هذا توافقاً. وهنا صار الخارج وجهاً لوجه أمام الثنائي، ولم يعد هناك شريك لبناني للتوافق، وصار التوافق بين الثنائي وهذا الخارج العربي والدولي هو الطريق إلى إنجاز استحقاق الرئاسة، ولذلك لم تعد القضية قضية الرئاسة والمرشح الأوحد، بل قضية التوافق مع هذا الخارج الدولي والعربي، حول ملفات لبنانيّة هامة كانت تستدعي التوافق الداخلي، وتنازل الداخل عن حق النقاش فيها، فلا مشكلة أن تتحوّل إلى التوافق مع الخارج. والقضايا تبدأ من إكمال تنفيذ القرار 1701 ومصير النقاط المحتلة وصولاً إلى مزارع شبعا، وهذه قضية على الأميركي أن يجيب عليها، وتمر بحق لبنان باستثمار ثروته البحرية وهذه قضية على فرنسا أن تجيب عليها، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب والمساهمة العربية والدولية في الإعمار، وهذه مسؤولية ينتظر أن تقودها السعودية، مثلها مثل السير بتطبيق اتفاق الطائف خصوصاً في بنوده الإصلاحية المعلقة. فهل المطلوب رئاسة إنقاذية أم مجرد إنجاز انتخاب رئيس قرّر الخارج أنه يجب انتخابه، ووفقاً للجواب على هذا السؤال سوف تكون أصوات الثنائيّ في صندوق الاقتراع الرئاسيّ.

– اليوم أو غداً أو بعد أسبوع، سوف ينتخب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، لكن بعد التوافق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى