عربيات ودوليات

ترامب وماسك و«ماغا» وحرائق كاليفورنيا: اتهامات ونظريات مؤامرة

ترامب وماسك ساخطان من حرائق كاليفورنيا ويلقيان باللوم على «مؤامرة عالميّة» وعلى إيديولوجيا التنوّع والمساواة والإدماج في الفشل بالتعامل مع الكارثة.

ريكس هيبكه – USA Today

 

بينما تشتعل حرائق الغابات في أنحاء لوس أنجلوس، يبذل الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ورفيقه الرئاسي غريب الأطوار، إيلون ماسك، وغيرهما من شخصيّات عالم MAGA، كل ما في وسعهم لجعل الأمور أسوأ.
ومثل أطفال المدارس الأذكياء، يستغلون كارثة طبيعية تتكشّف كفرصة للتنمر على حاكم كاليفورنيا، وتوجيه أصابع الاتهام إلى أي اتجاه نحو نظرية المؤامرة. وبعبارة أخرى، يتصرّفون كما ينبغي لنا الآن أن نتوقع من أتباع MAGA أن يتصرّفوا، بالقسوة والانتهازية أولاً، وهم يفعلون ذلك قبل أقلّ من أسبوعين من بدء ترامب إدارة البلاد.
لقد جاءت الكرزة على الحلوى التي تقول “إنك لا تساعد” عندما نشر المجنون أليكس جونز على موقع X يوم الأربعاء: “حرائق لوس أنجلوس هي جزء من مؤامرة عالميّة أكبر لشن حرب اقتصاديّة وإزالة الصناعة من الولايات المتحدة قبل التسبّب في الانهيار التام”.
فردّ عليه ماسك، الذي ساعد في انتخاب ترامب ومن المقرر الآن أن يلعب دوراً مهماً في تشكيل حكومتنا الفيدرالية: “هذا صحيح”.
إن مثل هذا الهراء من شأنه أن يدفع الأشخاص الذين يرتدون معاطف المختبر إلى مطاردتك في محاولة للقبض عليك في شبكة.
وقد أشار ماسك وآخرون إلى الشيء المفضل لديهم لإلقاء اللوم عليه في كل شيء: التنوّع والمساواة والإدماج، أو DEI.
هاجم روب فينيرتي، مقدم برنامج “نيوز ماكس” والشخص الذي لم تسمع به من قبل، حقيقة أن إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس يقودها شخص مؤهل للغاية وهو في الوقت نفسه مثلي الجنس: “في لوس أنجلوس، القصة هي نفسها تماماَ؛ الموت على يد DEI، هذه المرة مع رئيس الإطفاء الجديد تماماً”.
بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون فإن “DEI” هو رمز MAGA لـ “الرجال البيض المستقيمين فقط هم القادرون على القيام بعمل جيد”.
رئيسة الإطفاء، كريستين كرولي، هي من قدامى المحاربين منذ عقدين من الزمان، وقد ارتقت في الرتب، حيث عملت كرجل إطفاء ومسعف ومهندس ومفتّش إطفاء ورئيس كتيبة ومساعد رئيس ومشير إطفاء. لكن الحقائق لا تهم كثيراً عندما يكون هدفك الأساسيّ هو أن تكون أسوأ نسخة من نفسك ممكنة.
وهكذا أدرك أشخاص أذكياء مثل دونالد ترامب الابن أن الحروف التي تشكل كلمة “DEI” يمكن تحريكها لتكتب شيئاً مضحكاً.
وقد نشر أحد أبناء ترامب على إنستغرام: “هل يمكننا إعادة تسمية DEI إلى DIE لأن هذا ما يبدو أنه يحدث للأشخاص الذين يتبعون أولئك الذين يضعون إشارات الفضيلة الواعية فوق الكفاءة؟!”
كل هذا غير مفيد على الإطلاق في لحظة مأساة إنسانيّة. ولكي لا يتفوّق عليه أحد، فقد نشر الرئيس القادم رسائل غاضبة بشكل غير نزيه ضد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وكتب أشياء مثل هذا: “أحد أفضل وأجمل أجزاء الولايات المتحدة الأميركية يحترق بالكامل. إنه رماد، ويجب على جافين نيوسوم أن يستقيل. كل هذا خطأه!!!”
كما أن ترامب وشركاءه يختلقون أشياء، ويزعمون أن نيوسوم “رفض التوقيع على إعلان استعادة المياه” – وهو أمر غير موجود – ويظهرون جهلاً تاماً بنظام إمدادات المياه في كاليفورنيا.
وقال مارك غولد، عضو مجلس إدارة منطقة المياه الحضرية في جنوب كاليفورنيا، لمنظمة الأخبار المستقلة كالماترز إن الثرثرة غير الدقيقة لترامب حول مصادر المياه في الولاية “لا تقلّ عن كونها غير مسؤولة، وهي تحدث في وقت تمتلك فيه منطقة المياه الحضريّة أكبر كميّة من المياه المخزّنة في نظامها في تاريخ الوكالة”.
“إن الأمر لا يتعلّق بالحصول على ما يكفي من المياه القادمة من شمال كاليفورنيا لإخماد حريق. بل يتعلق الأمر بالتأثيرات المدمّرة المستمرة لتغير المناخ”.
وهاتان هما الكلمتان اللتان لا يجرؤ ملك “جعل أميركا عظيمة مجدداً” وأتباعه على النطق بهما: تغيّر المناخ.
كما تعلمون، فإن الأمر الذي يؤدي في الواقع إلى تفاقم حرائق الغابات هو الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتغيرات الطقس الدراميّة. وهو الأمر الذي يجب أن ننتبه إليه بدلاً من إلقاء اللوم في الحرائق المميتة على نقص الأشخاص البيض المستقيمين رفيعي المستوى أو بعض نظريات المؤامرة الهستيرية.
للأسف، هذا هو المصير الذي سلّمه لنا الناخبون على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة. سوف يقودنا رجل غير متعاطف ويحيط نفسه بمحكمة من الحمقى الأطفال.
يجب فحص التعامل مع هذه الحرائق غير المسبوقة، وسوف تتمّ مراجعة الاستعداد لمثل هذا الشيء، أو التنبؤ به. وإذا أخطأ أي شخص، فتجب محاسبته بكل تأكيد. لكن إلقاء اللوم دون أي دليل وإلقاء الإهانات بينما تشتعل الحرائق، وتحترق المنازل وتضيع الأرواح هو قمة عدم المسؤولية.
كانت المآسي الأميركيّة في يوم من الأيام تولد الوحدة والرحمة. أما بالنسبة للحزب الجمهوري المتعصب، أصبحت هذه المآسي الآن فرصة لتربية المزيد من الكراهية ومهاجمة الأعداء المفترضين.
لقد أظهر لنا ترامب وحاشيته مرة أخرى أنه لا يوجد “نحن”، بل يوجد فقط نحن وهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى