الاستشارات المُلزِمة: نوّاف سلام رئيساً للحكومة بـ 84 صوتاً مقابل 9 لميقاتي وامتناع 35 نائباً عن التسمية
«الوفاء للمقاومة»: كنّا نأمل أن نلاقي اليدَ التي لطالما تغنّت بأنَّها ممدودة
«التنمية والتحرير» لم تسمِّ أحداً وبوصعب قلق من كسرِ فريقٍ على حسابِ آخر
أسفرت الاستشارات النيابيّة المُلزِمة التي أجراها رئيسُ الجمهوريّة جوزاف عون طيلةَ يومِ أمس عن اختيار القاضي نواف سلام رئيساً مكلّفاً لتشكيلِ الحكومة بعد نيله 84 صوتاً مقابل 9 لرئيس حكومة تصريفِ الأعمال نجيب ميقاتي وامتناع 35 نائباً عن التسمية.
وأعلنَ المدير العام لرئاسة الجمهوريّة أنطوان شقير، أنّ الرئيس عون أجرى الاستشارات النيابيّة ونتيجة لها استدعى سلام بهدف تشكيل الحكومة وهو خارج لبنان ومن المقرّرِ أن يعودَ اليوم.
وكانت الاستشارت أجريَت في قصر بعبدا بين الثامنة والربع من صباح أمس والخامسة والنصف عصراً، في جولتين وقد قرّرَ رئيسُ مجلس النوّاب نبيه برّي الذي كانت ستبدأ معه الاستشارات أن يترأسَ وفدَ كتلة «التنمية والتحرير» بعدَ الظهر.
وبدأت الجولة الأولى من الاستشارات مع نائب رئيس مجلس النوّاب إلياس بو صعب الذي عبّرَ بعد لقائه الرئيس عون في مستهلّ كلمته عن سعادته “بعودة الحياة إلى القصر الجمهوريّ، متمنّياً أن تكون بداية موفقة وتحمل خيراً لجميع اللبنانيين” وقال “لقد اعتبرَ الجميع أنَّنا دخلنا مع انتخاب فخامة الرئيس، في مرحلة جديدة وأمل جديد بعد انتهاء فراغ طويل كان مؤلماً للبنان”. وأوضحَ أنَّ عون “أكّدَ خلال اللقاء على انفتاح مختلف الدول على لبنان”، لافتاً إلى “الوعود التي أعطيت لفخامته من قبل الأشقّاء في المملكة العربيّة السعوديّة وأنَّ دولةَ الإمارات العربيّة المتحدة ستعيد، خلال وقت قصير، فتح سفارتها في لبنان، ما يُعتبرُ إشارةً إيجابيّة”.
وتابع “يبقى الأملُ، في أن نتمكّن، نحنُ كلبنانيين، من الاتفاق في ما بيننا لفتحِ صفحة جديدة وقد أصبح على عاتقنا اليوم أن نعلم كيفيّة التفاهم. وما نراهُ اليومَ في استحقاق رئاسة الحكومة والأسماء المرشَّحة لتولّيها يختلفُ عما كان عليه في ما يتعلّقُ باستحقاقِ انتخابِ رئيسِ الجمهوريّة. كنّا نأملُ أن تكون مسألة تسمية رئيس الحكومة بالزخم والتفاهم ذاتِه بين الأفرقاء، وألاّ يكون هذا الموضوع مسألة خلافيّة كما يظهر حتّى الآن. «
وأعربَ عن قلقه “من أن نذهبَ إلى اختلافٍ عاموديّ جديد وكسر فريق على حساب آخر في رئاسة الحكومة، وهذا لن يسهّل بداية العهد، ما سيؤدّي بنا إلى أزمة”، آملاً “خلال هذا اليوم أن تتبلوّر الأمور والأفكار بين الجميع، ونذهب إلى تفاهم على تسمية رئيس إصلاحيّ، يتمكّن من تشكيل حكومة تتماشى مع خطاب القسَم الذي أعطى أملاً كبيراً للبنانيين لأنَّ النيّة موجودة لدى رئيس الجمهورية، ومن المهم أن تُترجم من قبل الحكومة، وأن تكون متجانسة كي تتمكّن من تنفيذ خطاب القسَم، الذي أعطى الأمل وعودة الحياة الطبيعيّة إلى لبنان”.
وقال “للأسف لم أسمع أيَّ خطّة من قبل أيّ مرشح (…) وأنا من جهّتي أبلغت فخامة الرئيس أنّني لم أسمِّ أحداً لهذا الموقع. وزملائي النوّاب الآخرون في اللقاء النيابيّ المستقل، سيلتقون فخامة الرئيس بعد ظهر اليوم وسيعلنون من جهّتهم موقفهم المناسب”.
ثم التقى عون النائب جميل السيّد الذي قال” بالنسبة للتسوية، ومع الأسف حتى ليل (أول من) أمس خرج اسم القاضي نوّاف سلام وأنا ممن يقدّرونه أيضاً، إلاّ أنَّ طريقة ترشيحه من قِبل بعض زملائنا أوحت وكأنَّنا في كباش، حيث إنَّ الرئيس أتى من ضمن جوٍّ معيَّنٍ في الخارج، واحد على واحد، ويأتي الرئيس ميقاتي على أساس واحد ونصف على اثنين، فخاضوها معركة سياسيّة عنوانها: اثنان صفر في ظلّ وضع الجنوب. أنا أقول صراحةً إنَّ الرئيس ميقاتي لا يعجبني في عمله في الدولة ولم أعطه الثقة المرّة السابقة لأنَّ طريقته تقليديّة، إنّما اعترفُ له في الحقِّ والعدل أنّه أدارَ البلدَ في السنتين الماضيتين في أصعب الظروف والأزمات سواء في الجنوب أو في الداخل وفي عزّ النزاعات والصراعات والفراغ الرئاسيّ. كما استطاعَ أن يجنّب البلدَ بطريقته ويخلق الاستقرار في لبنان ما أدّى إلى الوصول إلى بداية شاطئ أمان مع انتخاب رئيس جديد، وهذا يُحسبُ له وعلى كلّ لبنانيّ أن ينظرَ إلى الإيجابيّ والسلبيّ في كلّ شخص”.
وأعلنَ أنّه أبلغَ رئيسَ الجمهوريّة أنّه إذا تساوت الأصوات بين ميقاتي وسلام سيكون صوته لميقاتي، وان لم تتساوَ فصوته لن يكونَ لأحد.
بعد ذلك، استقبل رئيسُ الجمهوريّة النائب أديب عبد المسيح الذي سمّى سلام. فيما أشار النائب جان طالوزيان إلى أنّه فضّلَ ميقاتي. وكذلكَ فعل النائب عبد الرحمن البزري.
ثم استقبل رئيس الجمهورية النائب أسامة سعد الذي رأى أنَّ “يومنا هذا هو فرصةُ بناءٍ ثمينة يجب ألاّ تضيع”، معتبراً أنَّ “إعادة تمكين المنظومة المرتكِبة ذاتها مرّةً أخرى، هو ضربٌ لعهود العهد الجديد وتبديد لتطلّعات شعبنا” معلناً تسميته سلام.
وقال النائب جهاد الصمد بعدَ لقائه رئيس الجمهوريّة “بكلّ تأكيد أقدمت على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي يقيناً منّي أنَّ دولته قد حافظ على استمراريّة الشرعيّة اللبنانيّة وأمّنَ التواصلَ بينها وبين المجتمع الدوليّ وفي ظلّ أصعب الظروف والمراحل الخطيرة التي مرّت وتمرُّ بها البلاد”.
كما التقى عون النائب ميشال ضاهر الذي اختارَ سلام. فيما رأى النائب بلال الحشيمي “أنَّ استمراريّة دولة الرئيس نجيب ميقاتي في هذه المرحلة الحسّاسة توفّر الضمانة اللازمة لتحقيق الاستقرار واستكمال الملفّات العالقة”. وسمّى النائب شربل مسعد القاضي سلام.
والتقى الرئيس عون النائب غسان سكاف الذي سمّى ميقاتي لترؤس حكومة العهد الأولى. كذلك سمّى النائبان حيدر ناصر وعبد الكريم كبارة ميقاتي. فيما سمّى النوّاب بوليت يعقوبيان وإبراهيم منيمنة وسينتيا زرازير وملحم خلف وحليمة قعقور ونجاة عون وإلياس جرادة وفراس حمدان وياسين ياسين القاضي سلام في حين سمّى النائب جورج بوشكيان الرئيس ميقاتي.
وتحدّث النائب جورج عدوان باسم كتلة «الجمهوريّة القويّة» التي سمّت سلام لرئاسة الحكومة ، وقال «عاد الأمل إلى كلّ اللبنانيين عند استماعهم إلى خطاب الرئيس لأنّه طوى صفحة مرحلة قديمة بكلّ مآسيها ومشاكلها». كما سمّى النائب كميل شمعون سلام.
وسمّى تكتُّل «لبنان القوي» سلام ، وقال النائب جبران باسيل باسم التكتّل «إنَّنا نرى فيه وجهاً إصلاحيّاً، وتابعنا عن قرب مواقفه لجهة حماية لبنان من إسرائيل».
وسمّت كتلة «اللقاء الديمقراطيّ» سلام لرئاسة الحكومة، وقال النائب تيمور جنيلاط باسم الكتلة «نتمنى له التوفيق في تشكيال الحكومة». كذلك سمّت كتل “الاعتدال الوطنيّ” و”اللقاء التشاوريّ المستقلّ” وحزب “الكتائب” سلام. فيما لم يسمِّ “التكتل الوطني المستقل” أحداً. وسمّت كتلة “التوافق الوطنيّ” سلام. ولم تسمِّ كتلة “الوفاء للمقاومة” أيّ أحد لرئاسة الحكومة.
وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد “لقاؤنا مع الرئيس جوزاف عون من أجل أن نعربَ عن أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقيّة”، مُضيفاً “خطونا خطوةً إيجابيّة عند انتخاب رئيس الجمهوريّة وكنّا نأملُ أن نلاقي اليد التي لطالما تغنّت بأنَّها ممدودة والآن نقول بكل بساطة من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقّنا أن نطالب بحكومة ميثاقيّة وسنواكب الخطوات ونترقّبُ ونمضي بكلّ هدوء وحكمة حرصاً على المصلحة الوطنيّة”.
وسمّت كتل “تحالف التغيير” و”نوّاب الأرمن” و”تجدُّد” و”مشروع وطن الانسان” ونائب «الجماعة الإسلاميّة» عماد الحوت سلام.
ولم تسمِّ كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة الرئيس نبيه برّي، أحداً وقال النائب أيّوب حميّد باسمِ الكتلة «هنأنا الرئيس جوزاف عون بالثقة العارمة التي أعطاه إيّاها المجلس النيابيّ وأن تكون هناك بداية جديدة للبنان ونهاية العدوان الإسرائيليّ. ونأملُ أن يكون عند ثقة اللبنانيين جميعاً وأن يكون هناك إيجابيّة».
وغادرَ الرئيس برّي قصر بعبدا، بعد لقائه الرئيس عون، إثرَ انتهاء الاستشارات النيابيّة المُلزمة، من دون الإدلاء بأيّ تصريح.