اكتشاف جديد للغاز يضع مصر في معادلة ساحة الطاقة العالميّة
أعلنت شركة «إكسون موبيل»، إحدى كبرى شركات النفط والغاز عالمياً، عن اكتشاف جديد للغاز الطبيعي قبالة سواحل مصر في البحر المتوسط.
وأفادت الشركة، التي تتخذ من ولاية تكساس الأميركية مقرًا لها، أنها أكملت حفر بئر «نفرتاري-1» في منطقة الامتياز الشمالي مراقيا، الواقعة على بعد نحو ثمانية كيلومترات من الساحل المصري، وفق بلومبرغ.
وأشارت إلى العثور على خزانات تحتوي على الغاز، مؤكدة أنها بصدد تقييم الحجم الكامل للاكتشاف لتحديد إمكانياته الاقتصادية.
يُعزز هذا الاكتشاف مكانة مصر كمركز إقليمي رئيسي لإنتاج الغاز الطبيعي، خاصة في شرق البحر المتوسط، الذي شهد خلال العقد الماضي اكتشافات كبرى.
وتعتبر المنطقة حالياً حلقة وصل مهمة لتلبية الطلب المتزايد على الغاز في الأسواق الأوروبية والشرق أوسطية.
ورغم الفرص الاقتصادية الواعدة، تواجه الاستكشافات في المنطقة تحديات أبرزها التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار السياسي. مع ذلك، تستمرّ شركات عالمية مثل شيفرون، بي بي، شل، وإيني في توسيع أعمالها هناك. وكانت إكسون قد دخلت منطقة الامتياز الشمالي مراقيا في 2019. ويُتوقع أن تعلن شركة إكسون تفاصيل إضافية حول الجدوى الاقتصادية وسبل تطوير هذا الاكتشاف في الأشهر المقبلة.
وبحسب بلومبيرغ تعمل مصر على تعزيز مكانتها كمركز إقليمي لتجارة الغاز الطبيعي وتصديره في منطقة شرق المتوسط، مستفيدة من الاكتشافات الكبرى في البحر المتوسط والبنية التحتية المتطورة التي تمتلكها.
وخلال السنوات الأخيرة، شهد قطاع الغاز الطبيعي في مصر تطورًا، حيث تمكنت البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في عام 2018 بفضل اكتشافات حقول كبرى، مثل حقل ظهر الذي يُعتبر من أكبر الاكتشافات في البحر المتوسط.
لكن واجهت مصر مؤخراً تحديات في إنتاج الغاز الطبيعي بسبب تأخير المدفوعات المستحقة لشركائها من الشركات الأجنبية، لكن الحكومة المصرية أكدت أنها وضعت جدولاً زمنياً لسداد المستحقات وقالت إنها سددت بالفعل بين 25 و30%.
ويعد الغاز الطبيعي محورياً في مصر لإنتاج الكهرباء، ويؤدي نقص إنتاجه إلى انقطاعات في التيار الكهربي.
تسعى مصر أيضاً إلى تعزيز التعاون مع الدول المجاورة لتحقيق التكامل الإقليمي في استغلال موارد الغاز الطبيعي وتحقيق أقصى استفادة منها.
ويمكن لتصدير الغاز الطبيعي أيضاً يمثل مصدرًا رئيسيًا للعملة الأجنبية لمصر، وفي ظل الاهتمام العالمي بالطاقة النظيفة، تسعى مصر أيضًا إلى تعزيز استثماراتها في مشروعات الهيدروجين الأخضر واستغلال الغاز الطبيعي كمصدر انتقالي نحو مستقبل منخفض الكربون.
الاكتشاف النفطي المهم في مصر، أثار قلقاً لدى العدو الصهيونيّ، حيث نشر موقع «إسرائيلي» تقريراً أشار الى أن صناعة الغاز في مصر شهدت تقلبات عديدة خلال العقد الماضي. فحقل الغاز «ظهر»، الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015، يُعدّ اكتشافًا تاريخيًا ويُصنّف كواحد من أكبر حقول الغاز في العالم، حيث تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 850 مليار متر مكعب من الغاز. وقد أدّى هذا الاكتشاف في البداية إلى ازدهار اقتصادي، لكن أزمة الدولار في السنوات الأخيرة وانخفاض إنتاج الغاز ألحقا أضرارًا كبيرة بالصناعة.
وتابع التقرير: في السنوات الأخيرة، اضطرت مصر، بعد تراجع الإنتاج، إلى زيادة وارداتها من الغاز المسال، مما أدّى إلى زيادة نفقات النقد الأجنبي وتفاقم الوضع الاقتصادي. وقد يُغيّر اكتشاف مكمن نفرتاري-1 هذا الاتجاه ويُعيد مصر إلى مسار تصدير الغاز، وهو الهدف الذي حدّدته الحكومة بحلول نهاية عام 2027.
وأشار التقرير إلى أن شراكات الغاز «الإسرائيلية» التي تمتلك حقل ليفيثان تقوم بتصدير الغاز إلى مصر. وأن الاكتشاف الجديد قد يخفض الطلب على الغاز «الإسرائيلي». لكنه استدرك، أن المصريين يشترون الغاز «الإسرائيلي» ويبيعونه إلى أوروبا بأرباح عالية، وبالتالي لن يرغبوا في التخلي عن هذا المورد المربح. كما أن تحويل الاكتشاف الجديد إلى خزان منتج سيستغرق سنوات عديدة، وبالتالي لا يُتوقع أن يتضرّر حقل ليفيثان والشراكات المرتبطة به في المستقبل القريب.
ولفت التقرير إلى أن شرق البحر الأبيض المتوسط أصبح مركزًا عالميًا لاكتشافات الغاز في السنوات الأخيرة، (…) فاكتشاف حقلي تمار وليفيثان في عامي 2009 و2010 جعل «أسرائيل» كياناً مصدراً للغاز.
وأضاف أن القرب الجغرافيّ للمنطقة من أسواق الطاقة في أوروبا والشرق الأوسط، التي تحتاج إلى إمدادات مستقرة من الغاز، يمنح الاكتشافات في مصر ميزة استراتيجية. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي والمخاطر الجيوسياسية في المنطقة تجعل تحقيق الإمكانات الكاملة أمرًا صعبًا.
وأشار التقرير إلى أن المنطقة التي تمّ فيها الاكتشاف الأخير في مصر تقع تحت سيطرة شركة إكسون موبيل منذ عام 2019، ومنذ عام 2022 تمتلك شركة قطر للطاقة 40% منها. ويأتي الاكتشاف في وقت تحاول فيه مصر تأهيل صناعة الغاز لديها واستعادة ثقة المستثمرين الأجانب، بعد الأزمات التي تسببت في تأخير السداد وتراجع الاستثمارات.
وأطلقت الحكومة المصرية مؤخرًا خطة لسداد مستحقات شركات الطاقة الأجنبيّة، بهدف تشجيع الاستثمارات الجديدة وتأهيل صناعة الطاقة. وقد يمثل اكتشاف خزان نفرتاري-1 ليس فقط مصدرًا محتملًا للدخل لمصر، بل أيضًا فرصة لجذب لاعبين دوليين إضافيين إلى الصناعة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه بالإضافة إلى حقل ظهر، تم اكتشاف حقول أصغر في مصر في السنوات الأخيرة، لكن إمكاناتها الاقتصادية لم تتحقق بسبب التأخيرات التنظيمية ونقص البنية التحتية. والآن، مع الاكتشاف الجديد، تسعى مصر للعودة إلى كونها لاعبًا رئيسيًا على خريطة الطاقة الإقليمية، مدعومة بحقول الغاز المخطط لها من قبل شركات مثل بي.بي، بالإضافة إلى برامج زيادة الإنتاج في حقل زهر.