أولى

الشراكة الروسية الإيرانية

 

يوقّع اليوم كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بوزشكيان معاهدة شراكة استراتيجية بين روسيا وإيران تمّ الإعداد لها خلال سنوات واستغرق العمل عليها آلاف ساعات العمل، كما يقول الخبراء الذين صاغوا بنودها ومثلوا مجالات الشراكة المختلفة.
ينفي الروس والايرانيون أن يكون توقيت التوقيع عشية دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لكن الأميركيين يقدمون أسباباً كثيرة للربط بين توقيت الحدثين، ولعل أهم ما يقرأه الأميركيين أن الشراكة مع إيران عشية وصول ترامب الى الحكم يعني أن روسيا تنظر الى الكلام الأميركي عن تسوية حول أوكرانيا كخدعة تهدف لتفكيك حلف روسيا والصين وإيران، وبالتوازي ربط التوقيت يوصل للاقتناع في واشنطن بأن موسكو وطهران تقولان إن ثمن التفاهم مع واشنطن من العاصمتين لن يكون على حساب علاقتهما الاستراتيجية.
تأتي الاتفاقية في التوقيت أيضاً بعد أربعين يوماً من سقوط النظام الحليف للعاصمتين في دمشق ليقول إن الحليفين مصمّمان على مواصلة تجميع أسباب القوة، وأنه لن يردّهما عن خيار المواجهة مع واشنطن خسارة جولة من جولات المواجهة معها، وإن خبرة موسكو وطهران مع واشنطن تقول إن التفاهم مع أميركا لا يملك أسباب الصمود إلا إذا كانت أميركا ضعيفة، وعندما تستشعر واشنطن تغير الموازين فمن السهل عليها الانقلاب على التفاهمات، وخير مثال هو مصير الاتفاق النووي مع إيران من جهة، ودرجة الاستعداد الأميركي للانقلاب على الاتفاقات لمجرد الشعور بأن الشريك في التفاهمات يزداد قوة، بينما تشعر أميركا بزيادة ضعفها.
تتضمن الشراكة بنوداً عديدة أهمها تعزيز التجارة وإنشاء شبكات نقل مشتركة براً وبحراً وجواً، وتبادل الخبرات التقنية وزيادة تطويرها، وينفي الروس والإيرانيون أن تكون الشراكة بمثابة معاهدة دفاع مشترك ويقولون إن الشق الدفاعي فيها هو التعاون في مكافحة الإرهاب والتعاون التقني في الصناعات العسكرية. وبخلاف الظاهر فإن هذا ما يقلق الأميركيين أكثر لأنهم يعلمون ان لدى كل من البلدين قدرة حماية ذاتية كافية في أي حرب لكن التعاون التقني العسكري مصدر قلق، لأنه تعبير عن مواصلة تطوير الاسلحة بسرعة أكبر يوفرها جمع الخبرات، بعدما ثبت أن ما تمّ تطويره سابقاً كان مقلقاً سواء في مجال تقنيات الصواريخ او الطائرات المسيّرة.
مهما حاول بعض المتطفلين على البحث السياسي والاستراتيجي التقليل من أهمية الحدث فإنه يشكل تحولا بحجم ما يشكل مصدر قلق واشنطن والرئيس القادم إلى البيت الأبيض بعد أيام.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى