ترامب وتخفيض سعر النفط
حوّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشاركته في مؤتمر دافوس إلى منصة للدعوة لتخفيض سعر النفط، وتقول أوساط مقربة من ترامب إنه يسعى لجعل سعر برميل النفط 60$ بدلاً من حافة الـ 80$ للبرميل. وتخفيض السعر الذي دعا أوبك للقيام به يعني عملياً دعوتها إلى زيادة الإنتاج بمعدل ربع الكمية، لنيل انخفاض يعادل ربع السعر. وهذا يعني دخول قرابة خمسة ملايين برميل يومياً إضافية إلى السوق التجارية العالمية.
متابعة مواقف ترامب تؤكد أن الربط بين تخفيض السعر ووقف الحرب في أوكرانيا مفتعل لأن زيادة كميات الإنتاج مع سعر أقل تعني الحفاظ على الدخل نفسه تقريباً بالنسبة لكبار المنتجين، والمعني هنا هي روسيا كطرف في حرب أوكرانيا يفترض أن يؤدي تخفيض السعر إلى تجفيف مواردها التي تموّل الحرب بواسطتها وأهمها النفط للضغط عليها باتجاه قبول شروط غير مريحة بالضرورة لوقف الحرب.
عملياً كلام ترامب عن خفض الأسعار لاحق لكلام آخر قاله عن سوق النفط وهو إعلانه دخول أميركا سوق التجارة النفطية وزيادة إنتاجها بلا سقوف وضوابط، بعكس ما كانت تفعله خلال عقود، والمتوقع أن تكون الكمية الإضافية التي تنتجها السوق الأميركية بمعدل خمسة ملايين برميل يومياً، وهي الكمية الإضافية التي يؤدي ضخها إلى الأسواق إلى تخفيض الأسعار تلقائياً، بحيث تصير الدعوة لخفض الأسعار استباقاً لشكوى من الانخفاض عند حدوثه نتيجة لفائض الإنتاج الأميركي الذي يجري ضخه إلى الأسواق، واستعاضة عن مطالبة أوبك بخفض الكميات للحفاظ على الأسعار، بترك الانخفاض يحدث وبعده يجري التفاوض، وتكون أميركا حجزت مكاناً لها في الأسواق.
كلام نفطيّ آخر لترامب سابق للحديث عن خفض الأسعار وقد أعاده جواباً على سؤال في دافوس، وهو إعلان سوق أوروبا النفطية ملكية أميركية، باعتباره طريقاً لتنشيط الاقتصاد الأميركي عبر توسيع الاقتصاد النفطي وفتح أسواق أمامه، وبديلاً عن سداد أوروبا مبالغ إضافية في صندوق حلف الناتو، وتعويضاً عن خلل الميزان التجاري بين أوروبا وأميركا لصالح أوروبا.
عملياً لا تبدو روسيا الخاسر الأول من حركة ترامب في سوق النفط، باعتبار أن أوروبا سوف يتمّ تقاسم أسواقها عملياً بين أميركا وروسيا، وتبدو السعودية خاسراً أول، سواء سلكت الأمور طريق تخفيض الأسعار والحفاظ على الكميات بضوء ضخ كمية إضافية من النفط الأميركي نحو أوروبا، أو طريق تخفيض الإنتاج للحفاظ على الأسعار، والسعودية سوف تخسر دخلاً يقارب ربع مواردها من سوق النفط في الحالتين، بما يقارب 500 مليار دولار سنوياً، بينما يطالب ترامب السعودية باستثمارات بتريليون دولار في أميركا؟