مقالات وآراء

من هو العاقل في هذا الوطن؟

 

علي بدر الدين

 

في هذا الوطن الكئيب الذي لا حول له ولا قوة، وفي ظلّ سلطة سياسية حاكمة منذ عقود، وشعب بمعظمه مُرتَهَن وتابع لقوى سياسية طائفية ظالمة، سنبقى نراوح مكاننا من دون أمل بالتغيير والإصلاح، رغم الوعود والمزايدات والشعارات الوطنية العالية السقف من دون أسس أو مؤشرات أو معطيات توحي بأنّ الآتي سيكون أفضل (على أمل أن نكون مخطئين ويحصل ما يتمناه اللبنانيون).
لكن هذا لا يعني “رفع العشرة” والاستسلام للأمر الواقع بعد أن تمَّ تجاوز قطوعَي انتخابات الرئاسة واختيار الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة والاستعانة بأصدقاء وأشقاء، ويبدو أنّ تأليف الحكومة رغم “الكركعة” والضجيج والشروط من هنا وهناك و”عضّ الأصابع ومن سيصرخ أولاً” و”لعبة شدّ الحبال” حكماً لا بدّ من معين ومغيث لحلّ المعضلة التوليفية الحكومية وكيفية إرضاء كلّ الأفرقاء، حيث ستتقدّم المحاصصة في الأسماء والحقائب على ما عداها وإنْ “بديكورات” وعناوين وشعارات ملوّنة لأنّ “مصلحة البلد والشعب تقتضي مثل هذه التضحية”.
لم تتعظ مكونات السلطة السياسية والطائفية الحاكمة مما حصل ومن تداعياته الكارثية، ومما حلَّ بأوضاع البلاد والعباد على كلّ الصعد، وكيف انّ الاستحقاقات الدستورية والسياسية استدعت “تدخلات” و “نخوات” عربية وغربية من هنا وهناك حتى تمّ تجاوز الكثير من العقد منها انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس حكومة ولكن… مقابل شروط الدول المؤثّرة في المنطقة على لبنان لـ “مساعدته” أولاً على تشكيل الحكومة، وثانياً على تقديم المساعدات لإعادة الإعمار والإستثمار و… وأفرقاء السلطة في مكان آخر يتصارعون على الأسماء والحقائب والحصص وكأن شيئاً لم يحصل.
وهنا تحضرني قصة مريض في مستشفى للأمراض النفسية والعقلية، عندما سأله الطبيب، هل تستطيع ان تخبرني نحن في أيّ يوم؟ أجابه المريض: طبعاً، اليوم هو يوم السبت. وافقه الطبيب (صحيح) وقال له: وغداً ماذا سيكون؟ المريض: سيكون السبت أيضاً!
الطبيب: إذا كان اليوم السبت وغداً كذلك السبت فمتى يأتي الأحد يا شاطر؟
المريض: يوم الأحد يأتي عندما يختلف اليوم عن الأمس وعندما نشعر أننا تقدّمنا خطوة الى الأمام، وعندما تكون عدالة اليوم أكثر من عدالة الأمس وظلم اليوم أقلّ من ظلم الأمس، عندها فقط أيها الطبيب سيأتي يوم الأحد!
يبدو أنّ المريض النفسي هو العاقل الوحيد في هذا الوطن…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى