أولى

غزة ومشهد النصر

 

– روايتان متلازمتان رافقتا وقف إطلاق النار في غزة، الرواية الأولى تقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو صاحب الفضل بولادة الاتفاق، وإنه لولا ترامب لكان بنيامين نتنياهو قد واصل سحق غزة وشعبها ومقاومتها حتى رفع الرايات البيضاء وإعلان الاستسلام. أما الرواية الثانية فتقول إن جيش الاحتلال نجح بتدمير القوة الرئيسية للمقاومة وفي مقدمتها قوات القسام وإن ما بقي منها مجرد مجموعات صغيرة متفرقة لا تمثل ثقلاً عسكرياً يقلق الاحتلال.
– لم يمر أسبوع على بدء تطبيق وقف إطلاق النار حتى حل موعد الدفعة الثانية من تبادل الأسرى، وسرعان ما تحولت المناسبة إلى منصة لظهور آلاف مقاتلي القسام ينتشرون في كل أنحاء قطاع غزة وفي مدينة غزة وساحاتها وشوارعها، وبصورة متقنة ومنظمة دفعت بالإعلام العبري إلى السخرية من نتنياهو ونصره المطلق والقول “نعم هناك نصر مطلق، إنه نصر حماس”.
– مع نهاية الأسبوع الأول من عمر الاتفاق أيضاً تحدث الرئيس ترامب فقال إنه اتصل بالملك الأردني ليطلب منه استيعاب جزء من سكان قطاع غزة، وإنه سوف يجري اتصالاً مشابهاً بالرئيس المصري للغرض ذاته، وانخراط ترامب في خطة تهجير سكان غزة كافية للقول إن ترامب متضامن مع نتنياهو وإنهما فريق واحد لا فريقين، وإنهما هزما معاً في حرب غزة، مثلما هزما في الحرب مع اليمن، وإن وقف إطلاق النار في غزة هو طريق وحيد للتخلص من حرب الاستنزاف مع اليمن من جهة، كما هو فرصة للتخلص من إنهاك قاتل أصيب به جيش الاحتلال، في ظل غياب أي خريطة طريق للفوز بالحرب رغم مضي ستة عشر شهراً عليها، بعدما ثبت أن المقاومة في غزة قد أعادت بناء قدراتها وباتت جاهزة لحرب طويلة.
– بعد ستة عشر شهراً تبدو حرب غزة وقد قالت كلمتها في معادلة النصر والهزيمة، بعدما فشل جيش الاحتلال فشلاً ذريعاً في أربعة أهداف، أولاً استرداد الأسرى دون صفقة تبادل فقبل مجبراً بصفقة مهينة للكيان وأمنه، ثانياً إنهاء الجسم العسكري للمقاومة وقد كشفت مشاهد قوات القسام خلال التبادل ما يكفي لإسقاط مزاعم التفوق العسكري للاحتلال، وثالثاً إعادة احتلال غزة أو جزء منها على الأقل بصورة دائمة، وقد وجد نتنياهو نفسه مضطراً التوقيع على صك انسحاب شامل من غزة إذا أراد التوصل الى صفقة صارت حاجة ملحّة، ورابعاً تهجير سكان غزة أو أبناء الشمال منهم على الأقل لضمان توازن سكاني يحقق الغلبة اليهودية من جهة، ويفتح طريق الاستيطان من جهة ثانية، ويمهّد لتهجير مماثل في الضفة الغربية ثالثاً.
– انتصرت غزة ونقطة على آخر السطر.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى