أخيرة

كريات الدم البيضاء

 

سيصبح الصراع شيئاً فشيئاً بين شعوبنا، وليس الأنظمة، وبين الوحش التلمودي وداعميه، صراعاً مباشراً، وستُنحّى جانباً المونارشيات السبعة ومن لفّ لفيفها من أنظمة الاستتباع…
إنّ من سيدفع الثمن الأبهظ، في حالة تقاعس الشعوب عن القيام بدورها في الدفاع عن وجودها ومصيرها ومستقبلها واستقلال إرادتها وثرواتها ومقدساتها هو تلك الشعوب نفسها، الكرة الآن هي في ملعب الشعوب، فالأوليغارشية الصهيوـ أنجلوـ ساكسونية تريد منا أن نكون كالجسد من دون كريات دمٍ بيضاء، ولن يجتمع نهوضنا وارتقاؤنا وانبعاثنا واستقلال قرارنا ورفعتنا واسترداد المسلوب من أرضنا وثرواتنا مع الكيان السرطاني على صعيد واحد، فلن يسمح، إنْ كانت يدهم هي العليا لا سمح الله، لن يسمح بوجود كتل جغرافية ديموغرافية كبرى، لأنّ ذلك سيتناقص بالضرورة مع مقدرة الكيان على الاستمرار والسيطرة والهيمنة على المنطقة، فالتقسيم والتجزئة، وخلق كيانات صغيرة في الديموغرافيا والجغرافيا، متقاتلة متناقضة، هو حتمية براغماتية لوجود الكيان، واستمرار هذا الوجود، قرار الدفاع عن الذات في الجسد الواحد هو قرار شعبي فطري تلقائي، وليس قراراً منوطاً بالعقل، وبالذات حينما يكون الرأس نقيضاً للجسد الكلي،
فـ الكريات البيضاء في الجسد تتدفق للدفاع عن الجسد من دون الرجوع إلى العقل، ولو قيّض للعقل أن يكون الآمر الناهي في هذه المسألة، لتساقط الناس في الشوارع جثثاً هامدةً من دون مقدمات، ولو كان النبض والقبض والشهيق والزفير منوطاً بالعقل، لما استمرّت الإنسانية كما نعرفها الآن، التدفق الطبيعي اللاإرادي الفطري العفوي هو الذي ينبعث من صميم إرادة الشعوب وتحسّسها الفطري للخطر ولإرادة الحياة، ولو ترك الأمر للشعوب العربية والمسلمة سنة 1948، لتتدفق بشكل طبيعي إزاء الخطر الداهم في إنشاء الكيان السرطاني في فلسطين، لما وجدنا انّ الأمة من بحرها إلى بحرها قد حشدت نصف ما استطاع الكيان اللقيط حشده في تلك المرحلة،
فـ أمة برمّتها مترامية الأطراف، مزدحمةً بالشعوب والحضارات والدين والتاريخ تتمكّن من حشد 35 ألف مقاتل غير مدرّب أو مسلّح، بينما يحشد كيان طارئ بلا تاريخ، وبلا انتماء سبعون ألفاً مدجّجين بالسلاح والذخيرة وفي أعلى مراتب التدريب، وما حدث في سورية مؤخراً، حينما وجدت نفسها بين ليلة وضحاها من دون جهاز مناعة على إطلاقه، جسداً من دون كريات دم بيضاء، فتلاشى وتبخّر الجهاز المناعي، وهو الجيش في حالة الأمم، الحرب والسلام منوط قراره بالشعوب، بالشعب اللبناني في ردة فعله عام 1982، وصبيحة البارحة، وبالشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وبالشعب اليمني العظيم المتدفق بلا انقطاع إلى ساحات القتال والمواجهة، وفي ما ننتظره من الشعب السوري والشعب الأردني في ما هو آتٍ من الأيام…
تدفقوا أيها الأحبة في لبنان وفلسطين واليمن وسورية والأردن والعراق، فـ تدفقكم هو الردّ الفطري التلقائي الرباني إزاء التحديات، فـ الشعوب هي الفطرة الطيبة الصادقة المضحيّة، ولا ينتاب هذا التدفق الفطري الطبيعي ضعف او تخاذل او تقاعس او تكاسل، إلا حينما تعترض طريق تدفقها شخوص في منطقة الرأس، آلت على نفسها إلّا أن تكون، لمنافع ذاتية أنانية، في خدمة النقيض، وأداةً طيّعةً في يد أعداء الأمة.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى