من ذاكرة الأفق الجمالي
وصلت إلى «ضهر صفرا» جبلِ الصباح، القرية الساحلية السورية المدهشة، ووقفت على شفقها البنفسجي. كلّ شيء حولي يدعوني للتأمّل والكتابة. نظرت صوب البحر فلم أره… صار والسماء لوحة واحدة.
كتبت…
الحبّ الكبير موضوع في غاية البساطة، فهو لا يحتاج إلى أكثرَ من طرفين، ولا يحتاج إلى طاولة مستديرة، ولا إلى مرصد لحقوق الإنسان، ولا إلى بركات رجال الدين، وفذلكات رجال القانون، وتعليلات الفلاسفة، وديكتاتورية التقاليد. الحبّ أهمّ وثيقة وجدانية يوقّعها طرفان بدون موافقة الكتّاب العدل.
إذا كان الحبّ كلّ ذلك فأنا أعلن بكلّ بساطة أن سورية هي حبيبتي.
ما من مرّة طُلب من هذه الحبيبة شيءٌ إلّا وأعطته، فـ يوم كان العالم القديم يسعى لاختراع يجسّد من خلاله قصيدة حبٍّ أو عقد بيع، فاجأته «أوغاريت» بأبجديتها، ويوم كان البحر عصيّاً بشياطينه، غامر السوريون فمخروا لجّته بمركب وشراع، ويوم اقتصرت الحياة المعاشة على الصيد والتقاط الثمار، وصلت سوريةُ الصبيّةُ الحلوةُ إلى الأرض تحمل في جعبتها اختراعاً اسمه المحراث وأهدته إلى الأرض.
وضمن هذا المثلث المتساوي الأضلاع (الحرف ـ الشراع ـ المحراث) بدأت قصّة الحضارة.
ولنا غداً كلام آخر ليكتمل الأفق الجمالي لسورية الحبيبة.