أولى

الرئيس المكلف والجامعة اللبنانية

 

يلفت الانتباه ما يتكرّر في وسائل الإعلام منسوباً للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام حول الإشارة إلى أن التعبير الأهم عن تمسّكه بوزراء من الكفاءات هو أنه يُصرّ أن يكونوا من متخرجي الجامعتين الأميركية واليسوعية أو ما يعادلهما خارج لبنان، والإشارة إلى هذا المعيار مهينة في الحقيقة لكل لبناني، ولذلك نستبعد أن تكون صادرة عن الرئيس المكلف ونتوقع منه نفياً علنياً لأننا نعتقد أن مصدر نسبتها إليه يعود على الأرجح إلى أصدقاء مبتدئين وهواة في العمل السياسي والوطني يظنون فيها مديحاً.
الجامعة اللبنانية صرح وطني كبير وقد خرجت آلاف الكفاءات التي حققت نجاحات علمية عالمية وكثير من الأوائل في الشهادات العليا في الجامعتين الأميركية واليسوعية هم متخرّجون من الجامعة اللبنانية، وبالتأكيد لا يمكن لرئيس حكومة لبنان أن يدمغ الجامعة الوطنية بالفشل والضعف، حتى لو كانت هناك حاجة لتفعيلها وتحسين أدائها، لكن تعميم ثقافة الدونيّة تجاه المؤسسات الأجنبية أشد خطورة من المعيار العملي للكفاءات المطلوبة للحكومة، وقد عانينا ولا نزال من مكاتب استشاريّة أجنبية وشركات أجنبية بداعي عدم أهلية المكاتب والشركات الموازية في لبنان للقيام بالعمل. وقد تبين في النهاية أن من قام بالعمل في غالب المرّات هم اللبنانيون ولم تكن الشركات والمكاتب الأجنبية إلا واجهة للمقاولة والعمولة، والسبب كان هو نظرية «الفرنجي برنجي». وهذه ثقافة عقدة النقص لا يمكن أن نقبل نسبتها للبناني ترأس المحكمة الدولية بين أجانب يملكون مؤهّلات وتاريخاً، وقد ورد في سيرته الذاتية أنه يحمل شهادة في القانون من جامعة بيروت، لم نعرف إذا كان المقصود الجامعة اللبنانيّة او جامعة أخرى.
ناضل اللبنانيون نخباً وأحزاباً وطلاباً وحركة شبابية لتكون لديهم جامعة وطنية وبذلوا لأجل ذلك الكثير من التضحيات. وقد وردت في خطاب القسم لرئيس الجمهورية دعوة لتعزيزها، ويتوقع أن تكون في البيان الوزاري إشارة مماثلة.
كفاءات الوزراء لا تختزلها الشهادات ومصدرها، فالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي متخرّج من جامعات باريس في القانون ملاحق بتهم الفساد أمام القضاء الفرنسي، ومثلما نحتاج وزراء تتحدث عنهم إنجازاتهم العلمية والعملية في مجالاتهم التخصصيّة، وتلاحقهم سيرة طيبة يمكن التحقق منها عبر أجهزة الدولة الأمنية التي تعمل بتصرف الرئيس المكلف إنْ أراد التعرّف إلى وزراء الغد بما هو أبعد من الملفات الورقيّة المهمة لكن غير الكافية؟
ثمّة أسئلة نقترح على الرئيس المكلف طرحها على المرشحين لعضوية حكومة تتشكل بعد اتفاق الطائف، الذي جعل الحكومة مركز السلطة السياسية، السؤال الأول هو ماذا يقترح إن أصبح وزيراً في مناقشة دعا إليها رئيس الجمهورية لوضع استراتيجية للدفاع عن لبنان، قد تحتاجها هذه الحكومة فوراً اذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية بعد مهلة 18 شباط لنهاية المرحلة الانتقالية من وقف إطلاق النار في جنوب لبنان؟ والسؤال الثاني ما هو رأيه بما اقترحه رئيس الجمهورية من مداورة في وظائف الفئة الأولى المنصوص عليها في الدستور في المادة 95 لجهة عدم تخصيص طائفة بوظيفة؟ والثالث ما هو رأيه بقانون الانتخاب الذي دعا خطاب القَسَم إلى الاهتمام به لضمان صحة التمثيل، وإذا اردنا تطبيق الطائف؟ هذه من أهمّ مسؤوليات الوزير وليس اختصاصه المهني في وزارته فقط.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى