ترامب يتراجع عن سقوفه العالية مع بنما وكندا والمكسيك والصين.. ويبدأ التفاوض / نتنياهو بين مطرقة ترامب لشروط التطبيع مع السعودية.. وسندان سموتريتش للرفض / حملة على سلام من القوات ونواب التغيير… والجنوبيون إلى الطيبة بعد عيترون
كتب المحرّر السياسيّ
عشية موعد بدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة على البضائع المستوردة من المكسيك وكندا وفي مقدمتها النفط الذي يشكل ربع مصدر المشتقات التي تكرّرها المصافي الأميركية، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توقيع القرارات الإجرائية لتنفيذ تهديداته، وذهب إلى التفاوض مع حكومتي المكسيك وكندا وتعليق القرار لشهر قابل للتمديد. وأعادت مصادر اقتصادية أميركية التراجع إلى مخاطر ارتفاع أسعار الوقود وتداعياتها على المستهلك الأميركي وفشل ترامب بتحقيق وعوده بتخفيض الأسعار، واكتفى ترامب بالحديث عن مكتسبات تشبه ما حصل عليه من بنما، فقد أعلنت كندا والمكسيك نشر قوات على الحدود للتعاون في مكافحة التهريب. وهذا ما يقول معارضون لترامب إنه كان ممكن الحصول بسهولة عبر لغة التعاون دون هذا الضجيج الحربي، كذلك مع الصين تم تأجيل فرض الرسوم الجمركية مع إعلان ترامب الدخول في مفاوضات مع الصين، قبل ساعات من موعد دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، ومعلوم أن سلاسل التوريد الاستهلاكية الأميركية تعتمد بصورة كبيرة على المستوردات الصينية، ما يعني أن فرض الرسوم على هذه المستوردات سوف يصيب المستهلك الأميركي مباشرة.
في واشنطن يلتقي اليوم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالرئيس دونالد ترامب وعلى الطاولة بحث في تحصين اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والسير بالمرحلة الثانية، كما قالت هيئة البث الإسرائيلية، رغم كل الشكاوى من تطبيق المرحلة الأولى، ورغم ما ظهر من قوة حماس في عملية التبادل ومشاهد عودة النازحين فإن لا بديل عن المضي قدماً بالاتفاق، وكذلك أيضاً لا بديل عن الالتزام بموعد الانسحاب من جنوب لبنان رغم كل القلق من عدم تحقيق نصر يريح الجبهة الداخلية، خصوصاً بعدما أدّت مسيرات العودة الشعبية إلى القرى الجنوبية ومساندة الجيش اللبناني لها إلى خلق واقع جديد أفقد أي احتفاظ بمواقع داخل الأراضي اللبنانية جدواه، مع سقوط فكرة المنطقة العازلة على طول الحدود، طالما أن السكان يعودون وبيوتهم مدمّرة غير آبهين بذلك، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مقرب من نتنياهو لم تسمه، قوله: «يستعدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي لتلقي مقترح من ترامب للدفع نحو التطبيع مع السعودية». وأضافت الهيئة: «يعترف مقربون من نتنياهو بأن الأميركيين عازمون على استكمال اتفاق وقف إطلاق النار (في غزة) وتبادل الأسرى (بين إسرائيل وحركة حماس) حتى النهاية». وتابعت: «نتنياهو سيحصل في المقابل على الترويج للاتفاق مع السعودية»، وأشارت إلى أن نتنياهو «وقبيل زيارته للولايات المتحدة، تحدث مع زعماء أحزاب الائتلاف الحاكم في «إسرائيل» حول إمكانية تحقيق تقدم كبير في محادثات التطبيع مع السعودية، وأعرب عن أمله في أن يتمكن من إقناع شركائه بتقديم التنازلات المختلفة التي قد تكون مطلوبة». في السياق، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه «الصهيونية الدينية»: «ندعم اتفاق سلام مع الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، ولكن بشرط ألا يكون مبنياً على حقوق عربية في أرض «إسرائيل»، وألا يأتي ذلك على حساب أمن سكان «إسرائيل»»، وفق هيئة البث. وأضاف سموتريتش: «لا يمكن أن يأتي الاتفاق مع السعودية في الوقت الذي نمنح فيه الأمل للسلطة الفلسطينية التي تدعم الإرهاب وللعرب في الضفة الغربية، بشأن احتمال إقامة دولة فلسطينية في قلب إسرائيل»، وفق قوله.
في لبنان، لا يزال الغموض يكتنف موعد ولادة الحكومة الجديدة، مع تأكيدات الرئيس المكلف نواف سلام أن الأمور تسير كما هو مفترض، مؤكداً أن حواراته مع الجميع تستمر بطريقة جيدة، بينما نقلت مصادر نيابيّة معلومات عن غضب وإحباط في كتلة القوات اللبنانية ونواب التغيير من المسار الحكومي وبدء تلويح هذه الكتل بحجب الثقة عن الحكومة المرتقبة، وقد عبّر ناشطون قواتيّون ومؤيّدون لنواب التغيير عن مواقف مناوئة لمسار الرئيس سلام حكومياً.
عشيّة اجتماع الرئيس دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، واصل جيس العدو عدوانه على الجنوب في وقت تتجه الأنظار إلى الثامن عشر من الشهر الحالي موعد انتهاء مهلة تمديد اتفاق وقف إطلاق النار وما إذا كانت «إسرائيل» ستلتزم بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الخروقات والاعتداءات أم لا.
ولفتت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ”البناء” أن لبنان وافق على التمديد بناء على رغبة أميركية لتفادي العودة إلى التوتر وسقوط اتفاق الهدنة، لكن كان الشرط بأن توقف “إسرائيل” خروقاتها وعدوانها، إلا أنها لم تلتزم، وبالتالي هذا انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار ويهدّد بسقوطه في أي لحظة خاصة إذا لم تلتزم “إسرائيل” بالمهلة الجديدة. وحذّرت المصادر من أن استمرار “إسرائيل” باحتلالها أجزاء من الجنوب ينذر بعودة التوتر والاشتباك الناري في أي وقت ويقوّض اندفاعة العهد الجديد والحكومة العتيدة ويعيد البلد إلى نقطة الصفر، لأن لا يمكن أن ينهض لبنان في ظل الاحتلال الإسرائيلي لمناطق وقرى جنوبيّة على الحدود وتعطيل عملية إعادة إعمار الجنوب والبقاع والضاحية. وجزمت المصادر بأن أهالي القرى المحتلة وأهل الجنوب والبقاع وكل الشرفاء في لبنان لن يخضعوا للاحتلال وستكون هناك حملات للعودة كل أسبوع حتى تحرير جميع القرى وانسحاب القوات الإسرائيليّة بشكل كامل. مضيفة أن لبنان سيستخدم كافة الوسائل بما فيها الدولة والشعب والمجتمع الأهلي والجيش والمقاومة للتحرير.
وفي سياق ذلك أعلنت بلدية الطيبة بأنها تبلّغت من قيادة الجيش اللبناني بأن غداً الثلاثاء (اليوم) سيتم انتشار الجيش اللبناني بشكل كامل في البلدة، وتعتبر آمنة وخالية من العدو الصهيوني.
ودعت البلدية الأهالي إلى التعاون مع عناصر الجيش وتوجيهاته لإزالة آثار العدوان، ولفتت إلى أنّه يهم البلدية أنها وبالتنسيق مع الجيش تدعو الأهالي الأعزاء في منطقة حارة المشروع عدم التوجّه إليها بانتظار تطهيرها من مخلفات الاحتلال الصهيوني، وعليه يجب انتظار التعليمات من الجيش اللبناني شاكرين تعاونكم وتفهمكم.
على المقلب الآخر للحدود تبدو الأوضاع سيئة وفق إعلام العدو في ظل وعود مسؤولي الاحتلال لمستوطني الشمال بإعادتهم مطلع الشهر المقبل. إلا أن موقع “القناة 12 الإسرائيلية” أورد التهديد الذي وجّهه ما يُعرف برئيس مجلس مستوطنة المطلة دافيد أزولاي للجيش “الإسرائيلي”، وذلك من خلال رسالة أُرسلت إلى وزير الحرب، قائد المنطقة الشماليّة، ومسؤولين كبار آخرين في المؤسسة العسكرية “الإسرائيلية”، أعلن فيها أزولاي أنّه لن يسمح بدخول أيّ جندي من الجيش “الإسرائيلي” إلى المستوطنة ابتداءً من يوم الاثنين.
ووفقًا لأقوال أزولاي، فإنّ نشر مئات الجنود في المطلة “يُشكّل ضربة مباشرة لعملية إعادة إعمار المستوطنة، والتي تعرّضت لأضرار كبيرة نتيجة الحرب مع حزب الله”، موضحًا أنه نتيجة للوضع، فإنّ عملية إعادة الإعمار تتأخر، ولذلك قرّر اتخاذ هذا القرار.
ونقل معلّق الشؤون العسكرية في موقع “والا” أمير بوخبوط عن مصادره في المؤسسة الأمنية الصهيونية أن الشهر المقبل سيكون حساسًا بشكل خاص، على ضوء تصاعد التوترات في ساحات الحرب الرئيسية الأربع: لبنان، سورية، الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرًا نقلًا عن المصادر نفسها الى أن زيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة سيكون لها ثقل كبير في السياسة في مختلف المناطق في المستقبل.
وعن جبهة لبنان، أشار بوخبوط إلى أنه “إذا لم يحدث تغيير في اللحظة الأخيرة، فمن المقرّر أن تنسحب قوات الجيش “الإسرائيلي” من جنوب لبنان في 18 شباط 2025 بعد أن يتولّى الجيش اللبناني المسؤولية عن القرى في جنوب لبنان، وينتشر في المنطقة”. وأردف “في المؤسسة الأمنية المسؤولون قلقون جدًا من محاولات إطلاق طائرات من دون طيار، وحتى الآن ليس واضحًا إذا كان الأمر يتعلّق بمبادرة محلية أو قرار من قيادة حزب الله، ومع ذلك مصادر في المؤسسة الأمنية راضية من التنسيق مع آلية المراقبة الأميركية – اللبنانية. وهناك تقدير أن الجيش اللبناني سيلتزم بالهدف الذي حُدّد له. وقال: قيادة المنطقة الشمالية تستعدّ لسيناريوات يحاول فيها حزب الله تحدي الجيش الإسرائيلي وتحسين قدراته العسكرية في المنطقة”.
من جهتها لفتت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن التقارير عن حقائب أموال إيرانية ترسل للبنان تشويه إعلاميّ من إسرائيل لعرقلة إعادة الإعمار.
حكومياً، تضاربت المعلومات حول موعد الإعلان عن تأليف الحكومة. ففي حين أفادت مصادر نيابية مطلعة لـ”البناء” عن تقدّم أحرزه الرئيس المكلف في عملية تشكيل الحكومة، أوضحت المصادر أن الرئيس نواف سلام لم ينته من حل كل العقد ولا تزال هناك عقدة توزيع الحصة المسيحية بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية والكتائب والمردة والنواب المسيحيين المستقلين ورئيس الجمهورية إذ من شبه المستحيل تمثيل كافة القوى المسيحية في الحكومة إضافة إلى مطالبة القوات بحقيبة سيادية وأخرى خدمية أسوة بالثنائي الشيعي إلى جانب امتعاض كتلة التغييريين من أداء سلام ومطالبتهم بحصة وازنة على اعتبار أنهم ساهموا في تسميته وتكليفه ودعمه. كما أن عقدة التمثيل السني لم تحل ويجري تفاوض جدي لحلها.
وعلمت “البناء” أن كتلة للقوات لوّحت للرئس سلام بحجب الثقة عن حكومته بحال لم يتفق معها على الحصة القواتية، وكذلك فعلت أطراف عدة من الطائفة السنية. ونفى مكتب النائب فيصل كرامي المعلومات التي تحدثت عن أن كرامي أول المنسحبين من الحكومة.
وفي وقت زار النائب أحمد الخير قصر بعبدا أمس، أكد النائب وليد البعريني “ضرورة اعتماد الرئيس المكلف نواف سلام مبدأ المساواة والعدالة في تمثيل المناطق اللبنانية كافة في حكومته العتيدة”، مشدداً خلال اجتماعاته وأعضاء كتلة “الاعتدال الوطني” على “عدم تصديق ما يُسرَّب او يشاع في وسائل الإعلام” وقال البعريني في حديث إذاعي: نحن في انتظار بلورة مسار في الساعات الـ48 المقبلة ولادة الحكومة السلامية، فإذا أتت ولادتها طبيعية ستنال ثقتنا كاملة، وفي حال أتت قيصرية سيشهد الرئيس المكلف من قبلنا مواقف معارضة جديدة، تاركاً لنواب مدينة طرابلس إبداء رأيهم في توزير ريما كرامي. وربطاً، وصف البعريني أجواء لقاءاتهم بالرئيس المكلف بالمنطقية والمتفهمة.
وكشفت مصادر إعلامية أنّ “رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام لم يتفق بعد إلا مع “الثّنائي الشيعي” على الأسماء، باستثناء الاسم الخامس الذي سيعين لاحقاً في تقاطع بين رئيس الجمهوريّة جوزاف عون وسلام”، مشيرةً إلى أنّ “مجموعة من الداعمين لسلام عبرت له عن اعتراضها على مسار التشكيل”، معتبرة أنه “يكيل بمكيالين ولا يتعامل مع المكونات بمعايير موحدة”.
ولفتت إلى أنّ “سلام اصطدم بمواقف مسيحية وسنية حجبت عن تشكيلته الثقة مسبقاً”.
ومساء أمس أكّد سلام أنّ “تشكيل الحكومة يتقدّم إيجابًا وفق الاتجاه الإصلاحي الإنقاذي، الّذي تعهّد به بالتّفاهم مع رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، ووفق المعايير الّتي سبق أن أعلنها”.
وشدّد على أنّ “أيّ كلام عن أسماء وزاريّة تُفرض عليه هو عار من الصّحة، فهو مَن يختار الأسماء، بعد التّشاور مع مختلف الكتل النّيابيّة، لإنجاز تشكيلة تنسجم مع رؤيته للحكومة الّتي يسعى إليها”، مشيرًا إلى أنّ “الغمز من قناة خلاف بينه وبين بعض القوى والأحزاب هو أيضًا غير دقيق، لكون التّواصل الإيجابي قائماً مع الجميع”.
بدوره اعتبر اللقاء الديمقراطي أن اللقاء يحترم أسس ومعايير التأليف التي أرساها الرئيس المكلف الدكتور نواف سلام، بما فيها وجود شخصيات غير حزبية في هذه المرحلة، ويعتبرها تجربة جديدة وجديرة تستحق الدعم من الجميع. وأكد اللقاء رفضه منطق إغراق الرئيس المكلف بالشروط والمطالب المتعددة وتعقيد مهمته، فيما المطلوب تسهيل مهمته بالتنسيق مع رئيس الجمهورية لإنجاز التشكيلة الحكومية وانطلاقها في ما ينتظرها من مهام وتحديات. وقام اللقاء كما كل الكتل النيابية بالتداول مع الرئيس المكلف بجملة خيارات حول حقائب وأسماء تستوفي هذه المعايير وترك الأمر في عهدته بالتنسيق بينه وبين فخامة رئيس الجمهورية.
في غضون ذلك يصل رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، إلى لبنان اليوم لتهنئة الرئيس جوزيف عون بانتخابه رئيساً، كما سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام.
كما سيستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، رئيس وزراء قطر، مساء في دارته، في بيروت.
من جهته شدّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال لقائه رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس مع وفد رفيع من القضاة على “محورية دور القضاء في بناء الدولة التي يعتبر الحكم العادل ركنها الأساسي”، ودعا القضاة لأن يكونوا عادلين بين حقوق الدولة وحقوق المواطنين، وأن يكونوا “مستقلين ذاتياً وغير مستقيلين من مهامكم ومسؤولياتكم والابتعاد عن الشائعات وسواها”. وإذ أكد رئيس الجمهورية أنه سيكون “الحامي للقضاة الذين يدافعون عن القانون ويطبّقون نصوصه”، دعاهم إلى ألا يظلموا بريئاً ولا يبرئوا ظالماً، وتوجه الى القضاة قائلاً: “حتى ولو طلبت منكم شخصياً اتخاذ قرار مخالف للقانون، فعليكم التمتع بالجرأة اللازمة لرفض الطلب، لأنه علينا جميعاً أن نكون تحت سقف القانون”.