أخيرة

كُلُّ المدى أنت…

 

 د. زينة جرادي*

 

برفقةِ الشمسِ، على شِراع عُمْرٍ، وصلتَ متأخراً
نَضجَت طفولتي وكَبرْتْ
ضُمَّني إلى قلبِكَ، أطفِئْ شارتَكَ الحمراء
أَغمِضْ عينَيكَ حتى تراني بعيداً عن لظى الخُطى العابرةِ ونظراتِ الغُرباء
لفَحَني حبُّكَ يومَ شرَّعْتُ نافذةَ الغرام
كجنينٍ تسلَّقَ حبلَهُ السِّرِّيّ
ارتدى الأمانَ بنبْضٍ التقطَهُ
ومن صمتِهِ تَعلَّمَ دَوِيَّ الحياة
دثِّرْني بحبِّكَ
حمَلَتني يداكَ كَسُكَّرَةٍ ذابتْ فوقَ اللَّهيب
يومَها شَكَوْتُكَ لنارِ الشَّوْق
راقصتُ مشاعِرَكَ في متاهاتِ الظِّل
فتأنَّى الحرفُ شَجَناً، سُكِبَ في القلبِ مَعْنىً مُنْفَلِتاً إلى قعرِ فَوضى، لأَهْطِلَ هُياماً والغيثُ يُغرِقُني
تَسبِقُني الصباحاتُ إلى قهوتِك
تُشاركُني طعمَ القُبَلِ على الفنجانِ
أهكذا يكونُ الحبُّ شهيّاً!
متيمةٌ أنا، أَجِدُني بينَ سَكْراتِ الشَّغَفْ
أَحرِقُ كُلَّ المسافاتِ لِأُؤَدِّي مناسِكَ الطَّوافِ في ساحاتِ عَيْنَيْك،
انعكسَ وجهي فيكَ كالمرايا، ارتَدَّ عليَّ يلملِمُ مَلامحي،
يجمَعُها كلوحةٍ فاضت نوراً، رُسِمَتْ على بَياض
يُعانِقُني الحُبُّ مُبتَسِماً،
لا نَزْفُه يُعْييني ولا زواياهُ تَكفيني
إِحفِرْ ما شِئتَ في قلبي قد خَبَأْتُكَ في الصَّميم،
لن تُجَرِّحَني أظافِرُكَ الحَريريّة
فالشوقُ اصطادَني من قعرِ قلبي
سَكَنَني على امتدادِ جَوارحي صاخِباً في مَرمى الغَرام
كُلُّ المدى أنت…
حَلَلْتَ في عَيْنَيَّ مُستَوطِناً
كُنْ بِلا حدودٍ،
فما وصلَ بحرٌ لِغَيْمٍ ولا المواسمُ حَصَدَتِ الأمنيات،
أحرِقني بشمسٍ ألهَبَ أجنحَتَها التَّلاق
لأُزهِرَ في كُلِّ الفُصول
فالدَّلوُ لا يحبِسُ المُحيطات…
*كاتبة وشاعرة وإعلامية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى