أولى

شجاعة حماس مرة أخرى

 

– تستحقّ حركة حماس تحية إعجاب وتقدير، لذكاء التوقيت في اختيارها لإعلان تعليق التبادل السادس للأسرى، احتجاجاً على عدم تقيد “إسرائيل” ببنود الاتفاق، خصوصاً في الشق الإنساني، ذلك أن قرار حماس شجاع إلى حد الاستغراب أنه يتزامن مع ذروة الخطاب المتوحّش للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتحدث عن الفلسطينيين في غزة كقطعان من الماشية يدعو لوضعها على سطوح الشاحنات والسفن وإخلائها من أرض الوطن المحتل، فجاء قرار حماس يضع حدود القوة اللفظيّة عند امتحان الفعالية.
– قرار حماس يأتي في ذروة لحظة زهو رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بما أخرجه من فم ترامب، وهو يزعم تغييراً جذرياً في موازين القوى يتيح له إعلان النصر في الحرب، فجاء القرار يفضح المزاعم ويتحدّى الخيارات الافتراضية، وفي اللحظة ذاتها بينما ترامب ونتنياهو يدركان المحدودية العملية لمشروع التهجير، لكنهما يستثمران عليه لإعادة توحيد ما تصدّع داخل الكيان واستعادة صورة الوحدة السياسية والشعبية من جهة، ويستخدمان هذا الخطاب الاستفزازي لترويض الوضع العربي وجلبه ذليلاً الى مسار التطبيع خارج إطار أي بحث بالحق الفلسطيني، فقدّم القرار للرأي العام الإسرائيلي والحكومات العربية صورة حقيقية عن الموازين الفعلية للقوة، حيث وضع قرار حماس حكومة الكيان أمام مفترق الانقسام مجدداً حول الموقف من تطبيق الاتفاق، ويظهر محدودية قدرة الكيان في العودة للحرب، مثل محدودية القدرة الأميركية على ترجمة مشروع التهجير.
– عملياً تقول حماس إن التبادل معرّض للانهيار ما لم يتم التطبيق الدقيق لبنود الاتفاق، سواء في جانب إدخال المنازل الجاهزة، أو المعدات الثقيلة، والتراجع الإسرائيلي في هذين البندين وسواهما جاء في خدمة مشروع التهجير، وحماس تقول إذا كان البديل هو العودة الى الحرب فليكن، لكننا لن نعطيكم إعطاء الذليل!
– تعرف حماس أن الجيش الإسرائيلي عاجز عن تحمل قرار العودة إلى الحرب، وتعرف أن الموقف العربي يتصاعد إيجاباً لصالح فلسطين وقضيتها، وتعرف أن أميركا لا تملك أن تقدم غير المال والسلاح والتغطية الدبلوماسية، لكن الحرب تحتاج الرجال، والتهجير له وصفة واحدة هي الحرب، فمن سوف يقدّم الرجال؟ وبالمقابل لقد أظهرت حماس رجالها، وقالت هذه هي القوة التي قلتم إنه تمّ تدميرها، وسمعت وسمع سواها ما قاله رئيس أركان جيش الاحتلال أنه يحتاج الى عشر سنوات لاستعادة ما كان عليه الجيش عشية 7 أكتوبر، لكن الجيش الذي كان عشية 7 أكتوبر هو الجيش الذي خاض حرب الستة عشر شهراً وفشل في تحقيق الأهداف، في تثبيت الاحتلال وتهجير السكان وضرب المقاومة، وإن كان الجيش يحتاج إلى عشر سنوات ليعود إلى ما قبل 7 أكتوبر تأسيساً لفشل جديد، فمن يُعيد الرأي العام داخل الكيان وفي العالم إلى ما قبل 7 أكتوبر؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى