أنا الوطن والوطن أنا…
![](https://www.al-binaa.com/wp-content/uploads/2024/12/dabbous-720x470.jpg)
إنّك حينما تسجد وتلصق جبينك على هذه الأرض، فتغلق تلك الدائرة التي نصفها جسدك المنبثق من هذه الأرض، والنصف الآخر هو هذه الأرض، الأمّ الرؤوم، التي جبلتك على ما أنت فيه، تشعر ساعتئذٍ، أنك في حضرة الله، وأنّ شحنةً من الخير قد تدفقت في عروقك…
في صميم تكويننا الزعتر والزيتون والخبّيزة والكرم في طولكرم وجنين وطوباس وقلقيلية، كنا ننام على الأرض في السهل فيحسّ الواحد منا أنّه نائم في حضن أمه، ونتمرّغ أحياناً بالتراب فنشعر بأننا أكثر نظافةً وأسمى روحاً وأقرب إلى الله، فهل يشعر سارقو الأوطان والبلاد من أصحابها الشرعيين بمثل هذا الشعور؟ هل يشعر هذا البرتقالي الأحمق بنفس الشعور؟ سليل آباءٍ ذبحوا أمةً برمتها وسرقوا أرضها، والتلمودي القاتل، الجالس إلى جانبه؟
هذه القيمة لا يعرفها ذلك الأنجلوساكسوني وذاك التلمودي، وهي قيمة ارتباط الإنسان بأرضه، لأنّ الانسان هو نتاج حتمي مباشر للأرض التي ولد فيها، ويترتب على هذه الوشيجة ذلك الحب السرمدي بين الإنسان وأمه الأشمل والأرحب ألا وهي الأرض الوطن، ولذلك فإنّ الأنجلوساكسوني في قارة أميركا الشمالية وأستراليا، والتلمودي القاتل في فلسطين الأسيرة المغتصبة، لا توجد بينهم وبين الأرض المسروقة، أية علاقة وجدانية، المقوّمات الجيولوجية البيئية الحرارية النوعية لجغرافيا معينةً هي من تنتج ديموغرافيا بعينها، فمناطق جنوب خط الاستواء تنتج بشراً ذوي بشرةٍ داكنةٍ من الناحية الشكلية، وذوي خواص نفسية مزاجية معينة، وإنسان المناطق الشمالية الباردة، تنتج إنساناً ذو بشرةٍ بيضاء، أكثر أنانيةً ورغبةً في الاستحواذ، ومنطقة البين بين في شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط وغرب آسيا تنتج إنساناً داكناً، ليس أبيضَ شديد البياض، ولا أسمر شديد السمرة، بل هو في منطقة الوسط، فالإنسان هو نتاج الأرض والبيئة والحرارة والماء والهواء في تلك الأرض، وسارق الأرض لا تشده اليها أية أمراس، طارئٌ مؤقت سيُلفظ منها لا محالة…