أولى

غزة بين عودة الحرب والصفقة

 

فتحت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إنهاء وقف إطلاق النار وفتح أبواب الجحيم على قطاع غزة ما لم يتم الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين ظهر يوم السبت المقبل، الطريق للتساؤل عن مصير اتفاق وقف إطلاق النار.
موقف حركة حماس الداعي لتنفيذ الالتزامات الإسرائيلية بموجب الاتفاق، خصوصاً على صعيد المساعدات الإنسانية، ربط التراجع عن تعليق التبادل بمعالجة الانتهاك الإسرائيلي للاتفاق.
ما صدر عن ترامب قلب القضية من قضية إنقاذ للاتفاق وتصويب مساره إلى الحديث عن حل عسكري مجدداً، لأن لا أحد يتوقع أن ترضخ المقاومة لشروط ترامب وتسلّم كل الأسرى دون مقابل، وطلب ترامب يعني شيئاً واحداً بالنسبة لحماس وهو الاستسلام.
الموقف الإسرائيلي بعد اجتماع المجلس الوزاري المصغّر استفاد من موقف ترامب لرفع سقف التهديد، لكنه أبقى الباب مفتوحاً لاستئناف تنفيذ الاتفاق والقبول بإطلاق الأسرى المتفق على الإفراج عنهم يوم السبت وليس كل الأسرى، ما بدا أنه إعطاء الوسطاء فرصة التفاوض على صيغة لإنقاذ الاتفاق، خصوصاً مع الإعلان الإسرائيلي عن مواصلة إدخال المساعدات الى غزة.
ما قاله ترامب كشف أمرين، الأول أن كذبة فرض الاتفاق على “إسرائيل” من قبل ترامب قد سقطت، فقد منح ترامب “إسرائيل” فرصة التحرر من الاتفاق وإعلان سقوطه والعودة إلى الحرب، لكنها بدلاً من التقاط هذه الفرصة قررت الرهان على إنقاذ الاتفاق لكن دائماً بشروط مناسبة للمصالح الإسرائيلية.
الأمر الثاني الذي كشفه موقف ترامب هو أن “إسرائيل” لا ترغب بالعودة إلى الحرب لأنها غير قادرة، ولا ترى في الأفق فرصاً للنصر فيها، لأن ترامب ألقى بقرار الحرب على “إسرائيل”، التي سوف تخسر أسراها بالكامل وتفشل مجدداً بالاحتلال والتهجير والقضاء على المقاومة. وهذا ما جاء بها الى الاتفاق وليس ما نُسب لضغوط ترامب الذي يضغط اليوم باتجاه معاكس.
الأرجح أن تسوية للخلافات سوف تظهر ويعود تطبيق الاتفاق، لأن حلول ترامب التي يظنّ البعض أنها تنبع من فائض القوة، هي في الحقيقة حلول غير قابلة للتطبيق، لأنها لا تملك الأداة التنفيذية وتراهن على القوة الإسرائيلية التي بات يعرف قادتها حجم قدراتها وحدودها، و”إسرائيل” تحتاج لصورة تبدو فيها ذاهبة إلى الحرب وتتراجع نزولاً عند رغبة أميركا كي تحتفظ بصورة القوة، لا إلى أميركا التي تحرّضها على العودة إلى الحرب وهي عاجزة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى