إذا كان ترامب من أوقف الحرب؟
![](https://www.al-binaa.com/wp-content/uploads/2024/08/تعليق-سياسي-نيو-720x470.jpg)
سادت منذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سردية قوامها، أن الفضل في التوصل للاتفاق يعود للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدّد بفتح أبواب الجحيم، ما لم يتمّ الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض، ولدى التدقيق في الاتفاق واستجابته لمطالب المقاومة، وظهور أن الطرف الذي قدم التنازلات كان “إسرائيل” ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، كانت السردية تجيب أن مشروع نتنياهو الفعلي هو الحرب وأن ترامب أجبره على قبول الاتفاق، لأن الاتفاق رصيد يحتاجه ترامب في بداية عهده.
يقدّم كلام ترامب مرة ثانية عن فتح أبواب الجحيم ما لم تطلق المقاومة كل الأسرى لديها يوم السبت المقبل، فرصة ذهبية لبنيامين نتنياهو للتحرّر من الاتفاق والعودة للحرب، فقد صار محسوماً أن المقاومة لن تفعل ذلك، لكن نتنياهو لم يفعل فكيف يكون قد جاء إلى الاتفاق بضغوط أميركية؟
خلال ثمانٍ وأربعين ساعة تبدّلت المواقف الإسرائيلية تدريجية باتجاه تنازلي من الترحيب بتهديد ترامب وتكرار مضمونه، مع استثناء هو تجاهل كلمة كل الأسرى، والاكتفاء بكلمة الأسرى، لتصبح لاحقاً كل الأسرى المشمولين بالمرحلة الأولى وعددهم تسعة، ثم تنقل وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصادر حكومية بارزة يرجّح أنها نتنياهو شخصياً، الاستعداد للعودة إلى الاتفاق إذا عادت حماس وأفرجت عن الأسرى الثلاثة المقرر الإفراج عنهم يوم السبت.
صار محسوماً أن نتنياهو لن يعود إلى الحرب، وأنه لن يتلقف الفرصة الأميركية للخروج من الاتفاق. وهذا يعني أن الأسباب التي فرضت على نتنياهو بقبول الاتفاق وتقديم التنازلات كانت في مكان آخر غير واشنطن، رغم كل التزييف الذي مارسه الإعلام العربي للأسف لحرمان المقاومة من حقها بصورة النصر.
تقول التقارير الإسرائيلية وتلك الواردة من المعابر أن تل أبيب وافقت على إدخال مساكن مؤقتة ومعدات ثقيلة كان منعها من الدخول سبب احتجاج حماس على المضي بتطبيق اتفاق التبادل. وتقول النقاشات الداخلية الاسرائيلية إن لا الجيش قادر على العودة للحرب وهي بلا أفق وهو بلا معنويات وروح قتالية، وإن المجتمع غير جاهز لمغامرة جديدة يخسر فيها حياة المزيد من الأسرى دون أفق للفوز بحرب فشل في الفوز بها رغم كل ما توفر له من وقت وفرص وما مارسه من قتل وتدمير. وهذا يعني أن أسباب قبول نتنياهو لوقف إطلاق النار كانت هنا، في المنطقة حيث تلقى كيان الاحتلال هزيمة يُراد حجبها بدخان التهديد الأميركي.