أولى

أوروبا تنتقل من الغباء الى الجنون

 

– خلال ثلاث سنوات من الحرب الأميركية على روسيا في قلب الجغرافيا الأوروبية، عبر المسرح الأوكراني، تصرفت أوروبا بغباء استثنائي، والتحقت بالحرب وكرست مواردها لحسابها، وحرمت اقتصاداتها من موارد النفط والغاز الروسية، حتى توقف الاقتصاد وبدأت المصانع والشركات الكبرى بالرحيل، ففتحت لها أميركا أبوابها وقدمت لها كل التسهيلات، وباعت لأوروبا النفط والغاز بأسعار مضاعفة.
– خلال سنوات خسرت دولة عظمى اقتصادياً وصناعياً مثل ألمانيا خط الأنابيب الذي أنفقت عليه مليارات الدولارات كرمى لعيون الحرب الأميركية، وأرسلت الأسلحة بالمليارات الأخرى لحساب الحرب في أوكرانيا، وتحملت ارتفاع الأسعار ونزيف الرساميل وتفكيك الصناعات، وزيادة البطالة وتراجع الاستهلاك، ومثلها بدرجات مختلفة كانت سائر دول القارة العجوز، كما يصفها الأميركيون.
– تأتي أميركا اليوم وتقول بلسان رئيسها حان وقت التسويات وتذهب منفردة للتفاوض مع روسيا على ظهر أوروبا ومن وراء ظهرها، وجوهر التسوية معلوم، تقاسم النفوذ في أوروبا، وتحقيق مطالب روسيا الأمنية والاستراتيجية في أوكرانيا كبوابة للنفوذ الروسي في أوروبا، كما كان تقليدياً، وفقاً لقراءة مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي، وتطلب واشنطن من كييف قبول الأمر الواقع الجديد والاعتراف بحدود جديدة تخسر بموجبها الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، وتكريس انتصار روسيا الأوروبي.
– تطلب أميركا من أوكرانيا تسديد التمويل الأميركي للحرب من ثروات أوكرانيا الطبيعية، وخصوصاً من المعادن، وتطلب من أوروبا تسديد ثمن الحماية عبر شراء النفط والغاز من أميركا بأسعار تناسب المصدّرين الأميركيين.
– لم تغادر أوروبا الغباء رغم كل ذلك، وعندما قررت الانتقال من مربع الغباء اختارت الجنون، فأخذ قادتها يتسابقون على إرسال الأسلحة والأموال إلى أوكرانيا وتشجيع رئيسها على رفض التفاهم الأميركي الروسي.
– ما يهمّ أميركا هو التفاهم مع روسيا ولو لم تتوقف الحرب، وما يهم روسيا هو التفاهم مع أميركا ولو لم تتوقف الحرب. فاستمرار الحرب سوف يسمح لروسيا بسيطرة أوسع مدى وأعمق تأثيراً، وقد يتسبب الجنون الأوروبي بدخول موسكو إلى المزيد من الأراضي الأوروبية، ما لم تنجح الانتخابات بجلب قيادات عاقلة تذهب إلى تصحيح المسار مع روسيا.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى