مؤسسة القدس الدولية أطلقت تقريرها السنوي «حال القدس 2024 بحضور ممثل «القومي»

مرهج: غزة أعادت كتابة التاريخ بصمودها في مواجهة أعتى الآلات الحربية ونثمّن موقف لبنان واليمن والعراق وإيران في دعم المقاومة الفلسطينية
حمود: الشعب الفلسطيني عصي على التهجير والاقتلاع وعازم على انتزاع حقوقه والدفاع عن وجوده وأرضه ومقدّساته مهما كلّفه ذلك من تضحيات
أطلقت مؤسسة القدس الدولية تقريرها السنوي «حال القدس 2024: قراءة في مسار الأحداث والمآلات» خلال مؤتمر صحافي عقد في عاصمة المقاومة بيروت، بحضور ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي سماح مهدي وممثلي الأحزاب اللبنانية وفصائل المقاومة الفلسطينية وشخصيات وطنية فلسطينية ولبنانية، وممثلين عن سفارتي فلسطين وإيران في بيروت، وعددٍ من القنوات الإعلامية، والمهتمين والعاملين للمسألة الفلسطينية.
مرهج
بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني، كانت كلمة القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية الوزير السابق بشارة مرهج الذي قال إن ملحمة طوفان الأقصى، التي انطلقت دفاعًا عن القدس والأقصى، حيث جوهر الصراع الفلسطيني، وعن الأسرى، وعن الأرض الفلسطينية التي ترفض الاحتلال.
ولفت مرهج إلى التصعيد «الإسرائيلي» في الضفة الغربية، بما في ذلك زيادة الاعتقالات واستشهاد العديد من الأسرى تحت التعذيب، لافتًا إلى توسيع الاستيطان ومحاولات فرض وقائع جديدة في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسلّط مرهج الضوء على صمود غزة التي قاومت العدوان «الإسرائيلي» بكل ما تملك من قوة، مؤكدًا أن غزة أعادت كتابة التاريخ بتضحياتها وصمودها في مواجهة أعتى الآلات الحربية.
وثمّن مرهج الموقف الكبير من قبل لبنان واليمن والعراق وإيران في دعم المقاومة الفلسطينية، مبينًا أن هذه الدول قدّمت تضحيات جسامًا في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وختم مرهج كلمته بالتشديد على ضرورة تكاتف مكونات الأمة كافة لدعم القضية الفلسطينية في ظل التهديدات التي تواجهها من المخططات الأميركية و»الإسرائيلية»، مؤكدًا دعم المواقف المصرية والأردنية الرافضة تهجير أبناء الشعب الفلسطيني، ومشددًا على أن المعركة اليوم هي معركة وجود بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني.
يعقوب
واستعرض رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية هشام يعقوب أبرز الخلاصات التي انتهى إليها تقرير حال القدس 2024 في عنواني التهويد والمقاومة. وقال إن عام 2024 سجل أرقامًا قياسيّة جديدة في الاعتداءات على القدس وأهلها، بالتوازي مع حرب الإبادة والتدمير الهمجي على غزة ولبنان، حيث انطلق الاحتلال في عدوانه على القدس من قاعدة أن المعركة واحدة ذات أسلحة وجبهات متعددة.
وفي معطيات الاستيطان والهدم، بيّن يعقوب أن «اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء» التابعة لبلدية الاحتلال في القدس درست 62 مخططًا هيكليًا استيطانيًا، وصادقت على 29 مخططًا، وتضمّنت هذه المخططات بناء 10,386 وحدة استيطانية جديدة، فيما نفذ الاحتلال 333 عمليّة هدم في عام 2024، في ارتفاع يقارب 59% مقارنة بعام 2023.
وكان للأقصى نصيب كبير من العدوان، إن على مستوى الاقتحامات أو الصلوات التوراتية، أو على مستوى الحصار والتضييق على المصلين، واستهداف الأوقاف. وشارك في اقتحام الأقصى 53,605 مستوطنًا، بارتفاع يقارب 10% مقارنة بأرقام العام الذي سبق، وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء في «الكنيست»، في مقدّمتهم وزير الأمن القومي حينها إيتمار بن غفير.
كما حرص نشطاء «منظّمات المعبد» على ربط العدوان على الأقصى بالعدوان على غزة، إن عبر تأبين قتلى الاحتلال في غزة داخل المسجد، ومشاركة أعضاء «منظمات المعبد» جنودًا في صفوف قوات الاحتلال، وارتداء بعض المقتحمين اللباس العسكري قبل توجّههم للالتحاق بالخدمة العسكرية، ووضع جنود الاحتلال المشاركين في المجازر في غزة رقعات قماشية عليها رسم «المعبد» المزعوم، وهي اعتداءات تضمّنت رسالة للفلسطينيين بإجهاض مكاسب عملية «طوفان الأقصى» المتعلقة بالدفاع عن المسجد.
ولفت يعقوب إلى أن قطاع التعليم في القدس تعرّض عام 2024 لاستهداف مستمرّ، عبر محاولات فرض المنهاج «الإسرائيلي»، واعتقال الطلاب والمعلمين، والتضييق على المدارس الفلسطينية، إضافة إلى أن قرار الاحتلال بحظر عمل الأونروا في القدس والأراضي التي يزعم سيادته عليها، سيزيد معاناة قطاع التعليم وبقية القطاعات الحياتية للمقدسيين.
وقال يعقوب إنّ عام 2024 شهد اعتداءات بالجملة على المسيحيين، والمقدسات، والأملاك، والأوقاف، والكنائس، والمقابر المسيحية في القدس. ومن ذلك حرمان المسيحيين من الوصول إلى كنائسهم خاصة في أعيادهم، وابتزاز الكنائس عبر الضغط عليها لدفع نحو 190 مليون دولار بذريعة أنها ضرائب واجبة على الكنائس المعفاة منها.
وعلى مستوى المقاومة والتصدي للاحتلال، قال يعقوب إن معركة طوفان الأقصى كانت محطة مفصلية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته، وفي مقدمتها القدس. وقد تواصلت هذه المعركة طوال العام الماضي، وقدّمت فيها المقاومة إبداعات عز نظيرها، فيما حمل ضرب كيان الاحتلال من لبنان، واليمن، والعراق، وإيران بالصواريخ والمسيرات رسائل مهمة أبعد من الجانب العسكري، وفي مقدمتها رفض الاستفراد بالشعب الفلسطيني.
وأشار إلى بروز التشكيلات المسلحة في الضفة الغربية التي كانت عامل قلق بالنسبة إلى الاحتلال، وإلى المواجهات الشعبيّة التي ظهرت كوسيلة مهمة للتصدي للاحتلال ومستوطنيه وقد بلغت 2069 مواجهة. ولفت إلى أن عدد عمليات المقاومة في الضفة الغربية والأراضي المحتلة والقدس بلغ أكثر من 6100 عملية، وقد ظلت القدس محورًا أساسيًا للمقاومة، إذ شهدت سلسلة من المواجهات اليومية مع الاحتلال، إضافة إلى 358 عملاً مقاومًا رغم التشديدات الأمنية المحكمة.
حمود
ثم كانت كلمة المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمود، تناول فيها أبرز المآلات المتوقعة، واستهلها برد حازم على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص تهجير أهل غزة، فقال إن شعب غزة وفلسطين باقٍ في أرضه، ولن يغادرها، وليذهب ترامب إلى الفشل والسقوط وسوء الخاتمة.
وقال حمود إن معركة طوفان الأقصى أكدت أن القدس قضية كبيرة بحجم فلسطين، وأمتنا، والإنسانية، وإن شطب هذه القضية متعذر على الغزاة المحتلين. وقد كان من مؤشرات خصوصية قضية القدس وعظمتها أن معركة طوفان الأقصى حملت اسم رمز من رموزها المقدّسة، وأنها قسمت البشرية أقسامًا متمايزة شملت حلف الاحتلال الصهيوني الذي يضمّ حكومات ومنظمات وشركات ومؤسسات ووسائل إعلام انسلخت عن إنسانيّتها، وأعمت أعينها عن المظلمة التاريخية المستمرة منذ أكثر من قرن بحق الشعب الفلسطيني، وحلف الحق الفلسطيني ومناصريه من شعوب أمتنا وأحرار العالم، إضافة إلى حكومات عربية وإسلامية تفاوتت مواقفها بين داعم للفلسطينيين، ووسيط بينهم وبين الاحتلال، ومتفرج بلا موقف، ومتواطئ يخشى أن تحقق المقاومة الفلسطينية مكاسب تلهم شعوب أمتنا، ومشارك في حصار الشعب الفلسطيني، وشرائح شعبية عريضة خيّم عليها العجز والتقاعس والخذلان.
وعلى مستوى المآلات، قال حمود إن الاحتلال سيستمر في عدوانه على القدس، عبر اقتحام المسجد الأقصى، وهدم منازل المقدسيين، وزيادة الاستيطان والاعتداءات على المقدسيين. وقد يسعى رئيس حكومة الاحتلال إلى إرضاء اليمين المتطرف عبر إقرار مخططات استيطانية كبيرة، ومنح المستوطنين مكاسب في المسجد الأقصى.
وفي المقابل، قد تقدم بعض الدول العربية على التطبيع مع دولة الاحتلال تحت ذرائع تتعلق بالقضية الفلسطينية.
أما على الصعيد الدولي، فستستمر جهود ملاحقة المسؤولين «الإسرائيليين» في المحاكم، في وقت قد توفر فيه إدارة ترمب غطاءً للسياسات الاستيطانية «الإسرائيلية»، وتضغط على الفلسطينيين للتنازل عن حقوقهم.
ومن أبرز التوصيات التي وردت في تقرير حال القدس كما عرضها حمود، ضرورة تمكين أهل القدس من القيام بواجب الرباط والتصدي للاحتلال عبر دعم صمودهم، وتوفير مستلزمات قوافل الرباط في الأقصى، والاعتكاف فيه، ودعم القطاعات الحياتية المختلفة، وحماية المكتسبات العظيمة التي حققتها المقاومة الفلسطينية، وتوفير الدعم لتطورها في الضفة الغربية والقدس، وتشكيل شبكات أمان للمقاومين تمنع ملاحقتهم، وتوفر الملاذ الشعبي الآمن لهم، إضافة إلى رفع مستوى الأداء الأردني، واستشعار خطورة الاقتصار على الشجب والاستنكار في ظل تمادي الاحتلال في الاعتداء على الدور الأردني في القدس، ومخططات تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
وختم حمود كلمته بالقول: «نحن في مرحلة مصيرية أعلن فيها الشعب الفلسطيني أنه عازم على انتزاع حقوقه والدفاع عن وجوده وأرضه ومقدساته، مهما كلف ذلك من تضحيات. ونحن لسنا بمنأى عن هذه المعركة، بل نحن في صميمها، وليس أمامنا سوى تجديد العهد والعزيمة، وإعداد الخطط والبرامج، وإطلاق المبادرات الفعالة. وكلنا يقين بأن تضحيات شعبنا لن تذهب هدرًا، بل ستزهر انتصارًا وتحريرًا وعودة».