غزة تسلّم اليوم 4 قتلى وغداً 6 أحياء من الأسرى… إلى مفاوضات المرحلة الثانية / عون ووالتز لإنجاز الانسحاب وفق الاتفاق… والاحتلال يوسّع اعتداءاته بعد المهلة / اكتمال التحضير ليوم 23… وبو صعب: مشاركة رسميّة… و«القومي»: لأوسع مشاركة

كتب المحرّر السياسيّ
مع تبادل يوم غد السبت بين المقاومة والاحتلال، حيث يتسلم الاحتلال 4 جثث لقتلى من أسراه اليوم و6 من أسراه الأحياء غداً، بينما يخرج إلى الحرية أكثر من 600 أسير فلسطينيّ منهم أكثر من 50 من أصحاب المؤبدات، تشارف المرحلة الأولى على الانتهاء من دون أن تتبلور صورة المرحلة الثانية، حيث تستعاد إسرائيلياً كل العناوين التي عطلت لشهور إمكانية التوصل إلى اتفاق، كمثل قضية اليوم التالي بعد الانسحاب من غزة، بينما تمسك المقاومة بورقة الأسرى من الضباط والجنود بين يديها، ولا تمانع بصيغة حكم لغزة تحت راية حكومة رام الله برعاية مصرية لتعيين لجنة إسناد اجتماعي من التكنوقراط تتولى إدارة عملية إعادة الإعمار، لكن كيان الاحتلال الذي رفعت سقف تطلعاته تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهجير سكان غزة، بات رصيداً لتطرف في مواقف حكومة بنيامين نتنياهو ما سوف يعقد التوصل إلى تفاهمات المرحلة الثانية.
في جنوب لبنان بعد تثبيت الاحتلال سيطرته على التلال التي رفض الانسحاب منها، دون أي موقف من الجانب الأميركي الراعي والضامن للاتفاق، الذي قالت الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل إن بقاء الاحتلال يشكل إخلالاً بأحكامه وانتهاكاً للقرار 1701، وسّع الاحتلال من اعتداءاته، مستهدفاً المزيد من أبناء القرى الواقعة على تخوم الحدود، كما حدث في عيتا الشعب، بينما تواصل الدولة مساعي التحرك الدبلوماسي، حيث كان البارز الاتصال الذي تلقاه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون من مستشار الأمن القوميّ الأميركي مارك والتز والذي شهد مناقشة وتقييماً للوضع في الجنوب وتأكيداً أميركياً على مساعدة لبنان على إكمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بكل مندرجاته.
بالتوازي، يطغى على المشهد اللبناني والإقليمي من اليوم موعد تشييع الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله ورفيقه الأمين العام الذي خلفه الشهيد السيد هاشم صفي الدين، يوم الأحد المقبل ليصبح موعد 23 شباط مفصلاً تاريخياً يودّع فيه اللبنانيون والعرب وأحرار العالم شخصية قيادية استثنائية في الكفاح بوجه الهيمنة الاستعمارية، وفيما اكتملت التحضيرات للمناسبة لوجستياً وإعلامياً، وبدأت الشخصيات العربية والعالمية بالتوافد للمشاركة في الحدث الكبير، يستعدّ اللبنانيون من كل المناطق للزحف الى المدينة الرياضية في بيروت صباح الأحد، بينما أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب أن لبنان الرسميّ سوف يشارك في التشييع، فيما وجّه الحزب السوري القومي الاجتماعي الدعوة لمناصريه ومحازبيه وأصدقائه وجمهوره الى أوسع مشاركة حاشدة في التشييع.
وبعد يوم واحد على الانسحاب الإسرائيلي من القرى الجنوبيّة الحدودية مع فلسطين المحتلة، وفيما تكثف الدولة اللبنانية جهودها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا للضغط على «إسرائيل» للانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها، واصل جيش الاحتلال عدوانه على الجنوب، حيث أطلق النار على أهالي بلدة الوزاني الجنوبية أثناء قيام بعضهم بتفقد ممتلكاتهم في منتزهات الوزاني بعد عودتهم إليها، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح، وفق ما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية.
وفي خرق فادح، أطلقت قوة «إسرائيلية» معادية مؤلفة من دبابتي «ميركافا»، النار على مركز الجيش اللبناني في منطقة بركة النقار جنوب بلدة شبعا، من دون أن يُسجّل أي إصابات، كذلك، أقدمت قوة ثانية، بمرافقة جرّافة عسكرية صهيونيّة، على إقفال طريق قرب خط الانسحاب.
كما قام جيش العدو «الإسرائيلي» بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة من موقع «الرادار الإسرائيلي» في خراج بلدة شبعا باتجاه منازل البلدة. ولاحقًا، شنَّ العدو الصهيوني غارة من مُسيَّرة على سيارة رابيد في بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، ما أسفر عن ارتقاء شهيد، وفق ما أعلنت وزارة الصحة العامة اللبنانية. كما حلّق الطيران «المسيّر» المعادي، بشكلٍ كثيف وعلى علو منخفض، في أجواء بلدات: الدوير، جبشيت، الشرقية، أنصار، عبا، حاروف، تول، النميرية والكفور.
بدورها أعلنت قيادة الجيش أن «الوحدات العسكرية تستكمل الانتشار في جميع البلدات الحدودية الجنوبية بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، وذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي، علمًا أن العدو لم يلتزم بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة عملًا بالمواثيق والشرعية الدولية وبقرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمها القرار 1701». وذكرت القيادة، أن «العدو الإسرائيلي لا يزال يتمركز في عدة نقاط حدودية، ويتمادى في تنصّله من التزاماته، وخرقه للسيادة اللبنانية من خلال الاعتداءات المتواصلة على أمن لبنان ومواطنيه».
وأشارت مصادر مطّلعة لـ»البناء» الى أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري أجريا اتصالات مكثفة مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية وبعددٍ من مستشاري البيت الأبيض، وكذلك بمسؤولين فرنسيين وأوروبيين وعرب للضغط على الحكومة الإسرائيلية للانسحاب الى ما وراء الخط الأزرق، إلا أن الأميركيين أكدوا بأن بقاء القوات الإسرائيلية في بعض النقاط مؤقت ومرتبط بضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الذين سيعودون قريباً إليها، لكن المسؤولين الأميركيين لم يحددوا موعداً واضحاً للانسحاب الإسرائيلي وبتأكد «إسرائيل» بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وتمكنه من ضبط الأمن على الحدود وفي جنوب الليطاني، كما لم يقدموا أي ضمانات بموضوع احتفاط «إسرائيل» بحرية الحركة العسكرية الجوية والبرية والبحرية للدفاع عن أمنها ولاستهداف تحرّكات حزب الله العسكرية في أي وقت وعلى كامل الأراضي اللبنانية. كما شدّدت المصادر على أن الجهود الدبلوماسية لم تتوقف وهي مستمرّة على صعيد رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية إضافة الى الرئيس نبيه برّي ورئيس الحكومة نواف سلام استناداً للاجتماع الرئاسي الأخير في قصر بعبدا والذي رسم محددات ومسار التحرك الدبلوماسي اللبناني حتى تحقيق الانسحاب الكامل من الجنوب.
وفي سياق ذلك، أكد رئيس الجمهورية، خلال تلقيه اتصالاً هاتفياً من مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، أن «من الضروري إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في النقاط المتبقية واستكمال تنفيذ اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 لضمان تعزيز الاستقرار في الجنوب وتطبيق القرار 1701». وشدّد الرئيس عون، على «ضرورة الإسراع في إعادة الأسرى اللبنانيين المعتقلين في «إسرائيل»».
بدوره، أكد والتز للرئيس عون «متابعة الإدارة الأميركية للتطورات في الجنوب، بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية واستمرار احتلالها لعدد من النقاط الحدودية».
وأشاد والتز بـ«الدور الذي لعبه الجيش اللبناني في الانتشار في المواقع التي أخلاها الإسرائيليون»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة ملتزمة تجاه لبنان بالعمل على تثبيت وقف النار وحلّ المسائل العالقة دبلوماسياً».
كما أكد رئيس الجمهورية أن لبنان سيبذل كل جهد ممكن من خلال الخيارات الدبلوماسية ودعم الدول العربية والصديقة، لتحرير أرضه من الاحتلال الاسرائيلي. وشدّد على أنه لا يمكن مواجهة التحديات الراهنة في المنطقة إلا من خلال موقف عربيّ موحّد، وخصوصاً التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، مؤكداً خلال استقباله السفراء العرب، أن لا أحد بمنأى عن تداعيات الأحداث في أي دولة عربية. وذكَّر الرئيس عون بما قاله مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حول أن لبنان هو شرفة العرب، مؤكداً أنّه سيعود شرفة العرب بدعم الدول العربية، وجدّد التأكيد على أن لبنان لن يكون بعد اليوم منصة للهجوم على الدول الصديقة والشقيقة، ولا سيما الدول العربية.
وخلال استقباله وفداً من الرابطة المارونية، أعاد رئيس الجمهورية التأكيد على ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلدهم بعد انتفاء أسباب بقائهم في لبنان. واعتبر أن أحد وجوه أعباء هذا النزوح يتمثل بارتفاع نسبة الجريمة في لبنان.
وقال «لنكن كلبنانيين أبعاداً داخلية في الخارج وليس أبعاداً خارجية في الداخل لا سيما أن ما حصل في الجنوب أثر سلباً على كل لبنان ولا صحة إطلاقاً بأن الطائفة الشيعية محاصرة، لأننا كلنا جسم واحد وبيئة واحدة دفعنا ثمن الحرب ونواجه معاً التحديات، والثقة داخل المجتمع اللبناني هي الأساس»، مؤكداً على ضرورة تحييد لبنان عن سياسة المحاور.
بدوره، طلب وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي من سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال دعم مساندة الاتحاد الأوروبي لكي تنسحب إسرائيل بشكل كامل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، تطبيقاً لاتفاق وقف الأعمال العدائية ولقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. كما بحث الوزير رجّي مع السفيرة دو وال في التحضيرات الجارية لمؤتمر بروكسل – 9 بشأن النازحين السوريين المزمع عقده في شهر آذار المقبل. وتمنى في هذا الإطار على الاتحاد الأوروبي تعديل مقاربته لقضية النزوح السوري بعد تغيّر النظام في سورية، مُجدِداً التأكيد على ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم بعد أن تحوّلوا الى نازحين اقتصاديين، فانتفت أسباب وجودهم في لبنان، وباتت الظروف في سورية تسمح بعودتهم، من خلال مساعدتهم على إعادة بناء قراهم ومدنهم والاستثمار في بناها التحتية وخدماتها.
من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية، «بانسحاب القوات الإسرائيلية من قرى في جنوب لبنان»، وبـ«ضرورة الانسحاب الكامل في أقرب وقت ممكن». وقالت الوزارة في بيان «إنّ باريس تدعو كل الأطراف إلى تبنّي اقتراحها: يمكن لقوات اليونيفيل، بما في ذلك الكتيبة الفرنسية، أن تنتشر في هذه المواقع الخمسة على مقربة مباشرة من الخط الأزرق لتحلّ محلّ القوات المسلّحة الإسرائيلية وتضمن أمن السكان هناك». أضاف «إلى جانب الولايات المتحدة في إطار آلية (الإشراف على وقف إطلاق النار)، ستواصل فرنسا تولّي كل المهامّ المحدّدة في اتفاق 26 تشرين الثاني 2024». ورحّب «بإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية، بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».
على صعيد آخر، من المتوقع أن تمثل الحكومة اللبنانية الأسبوع المقبل أمام المجلس النيابي لمناقشة بيانها الوزاري ونيل الثقة، وفيما علمت «البناء» أن بعض الكتل النيابية التي لم تمثل بالحكومة ستفاوض رئيس الحكومة على حصص تتعلق بملفين أساسيين المشاريع الإنمائية في بعض المناطق وبالتعيينات في المواقع القضائية والأمنية والعسكرية والإدارية، وذلك مقابل منح الحكومة الثقة، لكن أوساطاً نيابية رجحت لـ»البناء» بأن تأخذ الحكومة الثقة بأكثر من 80 نائباً، مشيرة الى وجود ضغوط خارجية على بعض الكتل النيابية والنواب غير الممثلين في الحكومة لمنحها الثقة.
على صعيد آخر، تتجه الأنظار الى المدينة الرياضية التي تحتضن مئات آلاف لمناسبة تشييع الأمينين العامين لحزب الله السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين الأحد المقبل، وسط مخاوف أمنية من افتعال أحداث داخلية في بيروت أو اعتداءات إسرائيلية على لبنان لمحاولة التشويش على حفل التشييع، غير أن مصادر معنيّة أكدت لـ»البناء» أن اللجان المسؤولة عن تنظيم الحفل تتخذ إجراءات مشددة في كامل محيط المدينة الرياضية ومداخلها ومخارجها، بموازاة التنسيق مع الأجهزة الأمنية التي ستنتشر في مختلف الأراضي اللبنانية خاصة في بيروت وعلى طريق الجنوب – بيروت لمنع أي أحداث.
وكشفت قناة «المنار»، أنه «من المتوقّع أن ينتشر فيديو يراد منه الفتنة وتوتير وتخريب مراسم تشييع السّيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين»، موضحةً أنه «قد حضرت مساء اليوم (أمس) فتاتان (إحداهما ترتدي الحجاب) إلى موقف المدينة الرياضية قامت إحداهما بتمزيق صورة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وقامت الفتاة الأخرى بتصويرها ولاذتا بالفرار».
ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي لأوسع مشاركة في تشييع السيدين الشهيدين نصرالله وصفي الدين، مؤكداً أن أحرارَ بلادنا ومقاوميها ماضون على طريق الصراع في مواجهة عدونا الوجودي حتى بلوغ النصر الأكيد.
وشدد الحزب في بيان لعميد الإعلام معن حمية، أن الثالث والعشرين من شباط 2025، ليس يوماً عابراً في روزنامة التاريخ، بل هو تجسيد لكلّ معاني الصمود والبطولة والتضحية، في معارك المصير والوجود، انتصاراً للأمة كلها وبوصلتها فلسطين، ودفاعاً عن الأرض والسيادة والكرامة.
وقال: «أيها الأحرار الأوفياء لشهادة الدم، الملتزمون بالمقاومة ثقافة ونهجاً وخياراً، أنتم على موعد في 23 شباط 2025 لترفعوا أعلامكم وراياتكم وصور الشهداء، فشهداؤنا هم طليعة انتصاراتنا الكبرى، في استفتاء شعبي يثبّت شرعية المقاومة، ويؤكد بقاءها واستمراريتها، طالما هناك احتلال وعدوان ومؤامرات».
واعتبر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، في حديث تلفزيوني أن هناك مشاركة رسميّة في التشييع من قبل الدولة.
واستقبل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في كليمنصو، النائب حسن فضل الله ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، بحضور النائب وائل أبو فاعور، حيث سلّماه دعوة لحضور تشييع الأمينين العامين السابقين لـ»حزب الله» حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
وأبرق رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في فلسطين المحتلة المطران عطالله حنّا برسالة تأبين لسيد شهداء الأمة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، واصفًا تشييع سماحة السيد في لبنان أنّه سيكون حدثًا عظيمًا واستثنائيًّا، موجّهًا تحية إجلال وإكرام لتضحيات سماحة السيد ورفاقه الشهداء. كما شدّد على ضرورة مواجهة المشاريع الاستعمارية التي تستهدف فلسطين والأمة كلها.