أخيرة

«ديموقراطية» ولكن…!

 

يستفزني كثيراً حينما أتحدث مع أيّ أميركي حول ما يجري في بلادنا، وبالذات في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، يستفزّني كثيراً أن يقول محدّثي إنّ «إسرائيل» هي دولة ديموقراطية، بل إنها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ولست أدري لماذا نواجه دائماً، حينما نحاول أن نكشف النهج الإجرامي لدول الغرب، وكذلك الكيان اللقيط تجاه الآخر، والآخر هو نحن في حالة الكيان القاتل، نواجَه بأنّ الغرب وكذلك الكيان ديموقراطيون، وأنهم بسبب هذه الديموقراطية، علينا أن نغضّ الطرف، او نضع في الحسبان هذه الممارسة الشفافة الأخلاقية قبل أن نذهب بعيداً في الحديث عن الجرائم التي يقترفونها بحق الشعوب المستضعفة…!
أيها السادة، الديموقراطية هي ممارسة إيجابية داخل نطاق مجتمعاتهم، وهي ممارسة ـ مع الكثير من التحفظات ـ تستحق التقدير والإكبار، ولكن هذه الممارسة التي تتسم بالشفافية والارتقاء، ليس لها علاقة بممارساتهم الإجرامية، والموقف الإقصائي الإلغائي العنصري تجاه الشعوب الأخرى، وهذا نفاق وقياس بمقياسين في أحسن الأحوال، وهو جريمة وعدوان وانتهاك لحقوق الإنسان في أسوأ الحالات، والدليل على ذلك وقوع الأمر، فها هي أنظمة تمارس الديموقراطية والاختيار الحر وتناوب السلطة، ولكنها في موقفها إزاء الآخر ترتكب كلّ أصناف الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية…
أما «واحة الديموقراطية» في الشرق الأوسط، كما يطلقون عليها، فهي ترتكب الآن ومنذ ثمانية عقود جرائم حرب وإبادة جماعية وتفرقة عنصرية وانتهاك صارخ بائن لكلّ القوانين الدولية، وحينما نحاول تبيين ذلك للناس، يخرجون علينا بالتكلم عن ديموقراطية الكيان، وممارساته الشفافة في صناديق الاقتراع، خلط متعمّد أو غير متعمّد يشي بالبلاهة الفكرية لهؤلاء، وبغياب المقدرة على تحسّس الحقيقة واستدراك الأمور!

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى