التوطين يا دولة الرئيس

حمزة البشتاوي*
في سابقة جديدة على المستوى السياسي في لبنان، شكل خطاب القسم لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون صدمة إيجابية على صعيد التعاطي الإيجابي مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث استخدم عبارة الأخوة الفلسطينيين في سياق الحديث عن ما فهم بأنه دعوة للتنسيق والتعاون المشترك على صعيد رفض التوطين والحفاظ على حق العودة، وقد شعر الفلسطينيون بأنّ هذا الخطاب يمهّد الطريق لإقرار حقوقهم الإنسانية بعد زمن طويل من القهر والتهميش والحرمان.
ويأمل الفلسطينيون أن يشكل خطاب القسم فرصة لإطلاق حوار لبناني ـ فلسطيني ينطلق من اعتبار أنّ مسألة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي قضية شعب شقيق هُجّر قسراً من دياره بفعل الاحتلال وإنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ويعيش مؤقتاً عند أشقائه اللبنانيين ريثما تتحقق العودة إلى الأرض والديار التي أخرجوا منها.
وفي ظلّ التحديات الراهنة التي تواجه قضية اللاجئين وهي جوهر القضية الفلسطينية يدرك الجميع بأنّ الأهمية اليوم هي لبناء علاقات لبنانية فلسطينية على أسس صحيحة ومتينة وقانونية تؤدّي إلى إعطاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية والاجتماعية بما يليق بوضعهم الإنساني ويحفظ شخصيتهم وهويتهم وقضيتهم، وبما لا يغيّر من صلابة التمسك بحق العودة ورفض التوطين.
ويجد الفلسطينيون أنفسهم اليوم أمام فرصة قد يوفرها رئيس حكومة كان ناشطاً في مجال دعم القضية الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي ولأسرته علاقات مصاهرة مع شخصيات فلسطينية بارزة خاصة عبر عمالة المتزوجات من فلسطينيين وإحداهن حصلت على الجنسية الفلسطينية في العام 1947.
كما أنّ دولة الرئيس نواف سلام قد عمل سابقاً في مركز التخطيط الفلسطيني لعدة سنوات، وانطلاقاً من الأثر الذي تركه نشاطه السابق مع المقاومة الفلسطينية وعلاقات المصاهرة وعمله في أهمّ المؤسسات الفلسطينية، إضافة إلى خلفيته السياسية والحقوقية ومعرفته بالمخططات والمشاريع الأميركية لفرض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نقول له بصوت فلسطيني هادئ بأنّ التوطين ومواجهته يا دولة الرئيس يتطلب تنفيذ الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان والتي شارك في صياغة مضمونها مختلف الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية برعاية لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني والتي تهدف إلى معالجة الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان خاصة الحق بالعمل والتملك.
وهذه الرؤية يا دولة الرئيس هي الأسلم بعيداً عن مخاطر ما يُسمّى حلّ الدولتين ومشاريع السلام التي يحاول من خلالها «الإسرائيليون» والإدارة الأميركية فرض مشاريع التطبيع والتوطين والتهجير، مع التأكيد بأنّ مواجهة هذه المشاريع التي تشكل خطراً كبيراً على لبنان والقضية الفلسطينية تستدعي المواجهة ورفع راية دعم الشعب الفلسطيني وصموده ونضاله من أجل العودة إلى وطنه الذي لا وطن له سواه.
*كاتب وإعلامي