«إسرائيل» تدير القضاء الفرنسيّ

لم تخجل المحكمة الفرنسيّة التي تنظر في قضيّة التوقيف التعسفيّ للمناضل جورج عبدالله، بعد مرور عقود على انتهاء سنوات سجنه، فقرّرت تأجيل القرار حتى حزيران المقبل.
منذ أن انتهت العقوبة بحق المناضل جورج عبدالله يجري تجديد توقيفه دون أسباب، وذريعة الخطر الأمني يسقطها مقترح إبعاده الى بلده لبنان الذي تستطيع المحكمة الأخذ به متى شاءت إنهاء القضية.
جورج عبدالله ليس مصدر قلق عملياتي لفرنسا ولا إسرائيل ولا أميركا، لكن ثباته على خط المقاومة رغم كل سنوات السجن والقهر جعل منه أيقونة نضالية أخلاقية وفكرية وقدوة ومثلاً أعلى لأجيال ترى فيه أنموذج الإخلاص لفكرة الحرية ومشروع التحرر.
عندما تتحوّل دولة تتباهى بأنها دولة القانون والقضاء المستقل مثل فرنسا إلى دمية تتلاعب بقراراتها الرغبات الإسرائيلية المشفوعة بتأييد أميركي. فهذا يجعل من قضية جورج عبدالله بذاتها مصدر ثقافة سياسية لمن يريد التعرّف على درجة المصداقية في مؤسسات القانون في دول كبرى وعظمى تتباهى بأنها دولة القانون مثل فرنسا. وهكذا من حيث يريد سجان جورج عبدالله أن يحول بينه وبين محبيه منعاً لتحوّله إلى رمز وأيقونة، يمنح هؤلاء المحبين فرصة التعلم والتثقف من مقاربة قضيّته والتعرّف عبرها على ماهية أنظمة الغرب وحدود قيمة القانون والحق فيها.
ربما يكون انتماء جورج عبدالله الفكري والطائفي إلى غير البيئة التقليدية للمقاومة في لبنان مصدر قلق عند الإسرائيلي والأميركي، حيث يمنح بحضوره للمقاومة امتداداً عابراً لبيئتها وبيئات أخرى فكريّة وطائفيّة ما يؤكد طابعها الوطني ويسقط محاولات حصرها في بيئة طائفية وعقائدية.
سوف تبقى قضية جورج عبدالله حاضرة رغم تأجيل الحكم أشهراً جديدة وسوف يبقى الذين يؤمنون بالمقاومة رغم كثرة الهموم والاهتمامات يجدون المناسبات والوقت للتذكير بأن هذه القضية واجب وطنيّ وأخلاقيّ، حتى تتكلّل الجهود بنيل الحرية التي يستحقها جورج عبدالله.