أولى

نتنياهو وسورية

 

– لم يكن بنيامين نتنياهو في زيارة للجولان المحتل أو مواقع جيش الاحتلال فيه عندما تحدّث عن سورية، كي نفترض أن المكان أوحى بالحديث، أو أنها أفكار بالونات اختبار ولدت بنت ساعتها، فقد كان نتنياهو في تل أبيب في حفل لدورة ضباط في جيش الاحتلال، وتحدث عن سورية ليقول ببساطة إن المنطقة الأمنية لكيان الاحتلال داخل الأراضي السورية تشمل كل جنوب العاصمة دمشق، وأن هناك وضعاً خاصاً لمنطقة السويداء تهتم له “إسرائيل” ولن تسمح بتجاوز تحفظاتها.
– عملياً يقول نتنياهو إن الكيان انتهى من شكر الحكومة الجديدة على إنجازاتها المجانية للكيان، خصوصاً لجهة إخراج إيران وحزب الله من سورية وقطع إمداد حزب الله وعدم منح أي ميزات لقوى المقاومة الفلسطينية بمن في ذلك من يفترض أنهم حلفاء أو أصدقاء مثل حركة حماس، وبالتالي فإن مرحلة دفع ثمن أمن النظام الجديد وعلاقته بواشنطن تمرّ بصمته عن الطلبات الإسرائيلية الجديدة وتأديتها.
– يريد نتنياهو عملياً تقسيم سورية إلى دويلات، فالتصريح عن خصوصيّة درزيّة ممنوع ضمّها إلى الدولة المركزية، رافقه الإعلان عن تشكيل مجلس عسكريّ مستقل يرفض التبعية لدمشق، والمحافظات التي يمنع على حكومة دمشق تجاوز الطلبات الإسرائيلية فيها هي حسب نتنياهو، درعا والسويداء والقنيطرة.
– ضمّ الجولان والبقاء في جبل الشيخ كانت طلبات سابقة علنية لنتنياهو، وخلال زيارته لواشنطن أظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه لها، ويبدو الآن أن الطلبات الجديدة قد حازت رضا واشنطن أيضاً، والأرجح أن قبولها من حكومة دمشق الجديدة صار شرطاً لرفع العقوبات الأميركية، ومن دون رفع العقوبات الأميركيّة يصبح رفع العقوبات الأوروبيّة محدود التأثير، خصوصاً في القطاع المصرفي.
– المعادلة التي قامت عليها العملية التركية في سورية التي نفذتها هيئة تحرير الشام، واستندت إلى مفاعيل العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية، افترضت أن إخراج حزب الله وإيران من سورية أثمان تكفي لنيل تشجيع إسرائيلي دون ثمن إضافي محرج، ونيل استعداد أميركي للانسحاب وإنهاء الحالة الكردية الخاصة في شمال شرق سورية، ورفع العقوبات الأميركية، وهذه المعادلة تتهاوى اليوم.
– يقول نتنياهو إنه يتحدّث بلسانه ولسان واشنطن معاً، ويقول لأنقرة ودمشق الجديدة إن واشنطن وتل أبيب شريكتان في إسقاط النظام السابق وإن ما نالته كسهم من عائدات هذه الشركة غير كافٍ، وها هو نتنياهو يحدّد الثمن فهل تستطيع أنقرة وشامها الجديدة دفع هذا الثمن؟
– بمستطاع اللبنانيين التأمل بالمشهد السوريّ وأخذ العبر حول أوهام فعالية الدبلوماسية بالاستناد على واشنطن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووفق اعتداءاته على لبنان؟

التعليق السياسيّ

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى