مانشيت

تقارب ترامب بوتين يخيّم على أوروبا… وقرارات أمميّة لملامح الحل الأوكرانيّ / خطة نتنياهو لسورية تخيّم على المنطقة… واتفاق غزة يترنّح ودعوات للتمديد / تشييع حاشد للسيد صفي الدين… وجلسة الثقة النيابيّة للحكومة تبدأ اليوم سياسيّة

 

كتب المحرّر السياسيّ

 

نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوضع أوروبا وأوكرانيا أمام الأمر الواقع بانفتاحه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصياغة قواعد أولية للاتفاق حول أوكرانيا، حيث شكل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى واشنطن ولقائه بالرئيس ترامب وكلامه أمامه تعبيراً عن محدودية القدرة الأوروبية في التصرّف بصورة مستقلة عن أميركا رغم الكلام العالي السقوف الذي صدر عن القادة الأوروبيين، وجاءت القرارات الأمميّة تعبيراً عن التركيز على ضرورة إنهاء الحرب في أقرب وقت، وتغييب الشروط التي رافقت دائماً دعوات مماثلة كالحديث عن إدانة روسيا والتمسك بانسحابها من كل الأراضي الأوكرانية، وبينما قالت موسكو إنها لا تعلق على اتفاق المعادن بين واشنطن وكييف الذي يريده ترامب لاسترداد الأموال التي قدمها لأوكرانيا، قال ترامب إنه لا يعتقد أن بوتين يعارض دوراً أوروبياً في الضمانات الأمنية لأوكرانيا بعد انتهاء الحرب.
في المنطقة، خطفت تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن سورية وخطته لإقامة منطقة أمنية تمتدّ على مساحة محافظات جنوب دمشق، القنيطرة السويداء ودرعا، ووضع خاص بينها للسويداء والطائفة الدرزية، التي بدأ استقدام عمال منها إلى منطقة الجولان المحتل، وشكلت خطة نتنياهو التي أذاعها من منصة تخريج ضباط جدد تعبيراً عن صفعة وتحدّ لحكومة دمشق الجديدة التي كانت تنتظر مساعدة أميركيّة في ردّ الإسرائيليين عن التمادي في إحراج الحكومة الجديدة في دمشق، لكنها تحدّ أكبر لكل من تركيا وقطر كداعمين إقليميين لحكومة هيئة تحرير الشام، في ظل إشارات أميركية إلى أن اتفاق سلام سوري إسرائيلي يعترف لـ”إسرائيل” بضمّ الجولان ومصالح أمنية أخرى قد يكون عامل تسهيل لرفع العقوبات، التي بدون رفعها تفقد الكثير من التسهيلات الأوروبية المصرفية جدواها، وصارت حكومة الشام الجديدة ومن خلفها تركيا وقطر أمام مأزق قبول الشروط الإسرائيلية والوقوع في حال انكشاف شعبي بتهمة الاستسلام لـ”إسرائيل”، ما يمنح الشرعية لقيام مقاومة سورية وطنية بوجه الاحتلال ويُعيد تقديم النظام السابق في موقع وطني تفتقده الحكومة الجديدة إذا قبلت شروط الاحتلال طلباً لرفع العقوبات، أو ارتضاء بقاء الوضع الذي كان قائماً في ظل النظام السابق بسبب العقوبات وربما بما هو أصعب معيشياً، وأضعف في القدرة على تقديم صورة سيادية لحكومة لا تستطيع منع الاحتلال من الوصول إلى أطراف دمشق، بينما تركيا الدولة الإسلامية القوية صارت جاراً لفلسطين المحتلة ولا تفعل شيئاً.
في لبنان، شيّع جنوباً في بلدة دير قانون النهر الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد هاشم صفي الدين، ويستقبل حزب الله اليوم المعزّين بالأمينين العامين الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، بينما تمثل الحكومة اليوم وغداً أمام مجلس النواب لنيل الثقة، حيث يتوقع أن تطغى على كلمات اليوم الأول المواقف السياسية من الوضع العام وخصوصاً كيفية التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي والقرار 1701 والمقاومة، في ضوء كل ما شهده لبنان خلال الحرب وبعدها وصولاً إلى يوم تشييع السيد نصرالله.

وطغى تشييع الأمينين العامين السابقين لحزب الله، السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين الذي تم تشييعه أمس، في بلدته دير قانون النهر، على المشهد السياسي العام، لما حمل من رسائل وأبعاد سياسية متعددة، لا سيما الحشد المليوني الذي طافت به المدينة الرياضية وفي الأحياء المحيطة بها وصولاً إلى الضاحية الجنوبية وطريق المطار.
وقدّر مركز “الدولية للمعلومات” أعداد المشاركين في تشييع السيد نصرالله بين 700 و900 ألف دون إحصاء التجمّعات داخل المباني والطرق الفرعية. فيما أكدت مصادر المنظمين لـ”البناء” أن الأعداد فاقت المليون ونصف المليون إذا ما أضفنا الحشود التي كانت الموجودة في محيط المدينة الرياضية والتي كانت تنتظر في شوارع الضاحية الجنوبية وعلى طول الطريق المؤدي إلى طريق المطار، حيث دفن جثمان السيد نصرالله.
وأشارت مصادر سياسية في فريق المقاومة لـ”البناء” إلى أن “الحضور الجماهيري الضخم يؤكد أن حزب الله وحركة أمل يملكان الأغلبية الساحقة على الساحة الشيعية والحضور الوطني العام، وبالتالي هو استفتاء شعبي على المقاومة وتجديد البيعة لنهج السيد حسن نصرالله، ما يسقط كل النظريات والرهانات والتي سوّقت لتراجع حزب الله سياسياً وشعبياً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة”، وشدّدت على أن “كل محاولات تأليب بيئة المقاومة على حزب الله باءت بالفشل وعلى المراهنين على هذا الأمر مراجعة حساباتهم”. وأوضحت المصادر أن “التشييع المليوني سيؤسس لمرحلة جديدة تكرّس شعبية حزب الله وحركة أمل وتثبت معادلة قوة حزب الله الشعبية والوطنية التي لا يمكن كسرها”. وبيّنت المصادر بأن الرهانات على اختراق حزب الله وحركة أمل في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلتين ستسقط بعدما أظهرت مشهدية المدينة الرياضية الواقع.
وفي سياق ذلك، أشار عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، في حديث لـ”الميادين”، الى أن “هناك حرب شعواء شُنَّت ضد تشييع الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين”، لافتاً إلى أن “سفارات أجنبيّة تواصلت مع شخصيّات من أجل منعها من المشاركة في التشييع”. ولفت فضل الله، إلى أننا “لم نقصد توجيه رسائل سياسية وتنظيمية وشعبية من التشييع إنما كل ذلك تم وفاءً للشهيدين الكبيرين، والمشاركون في التشييع هم جمهور المقاومة من كل الطوائف والمناطق”.
وذكر أن “أعداد المشاركين في التشييع تعكس محبة الناس وصدقهم والتمسك بالنهج المقاوم لكن مورس تهويل له علاقة بالطقس والأمن ضدّ الناس بهدف منعهم من المشاركة في التشييع”.
وشيّع حزب الله وجمهور المقاومة الإسلامية أمس، الأمين العام السابق لحزب الله سماحة السيد الشهيد هاشم صفي الدين في بلدته دير قانون النهر بحضور ومشاركة قيادة حزب الله وقيادات حزبية وعلماء دين من مختلف المذاهب وشخصيات سياسية واجتماعية محلية وإقليمية، وحشد غفير من أبناء حزب الله وجمهورية المقاومة الإسلامية والمحبّين.
وقال الشيخ محمد حسن أختري ممثل الإمام السيد علي الخامنئي في كلمة له: “حضرنا لنبلّغكم تعازي الإمام الخامنئي وعواطفه ومشاعره وتعازي الشعب الإيراني”، مجددًا وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومة وشعبًا ومقاومة إلى جانب لبنان وشعبه ومقاومته. وأضاف الشيخ أختري: “وهذا هو طريقنا إلى الله”، مؤكدًا أن “المقاومة ستنتصر بعون الله فهذا وعد إلهي”.
وقد وجّه الإمام السيد علي الخامنئي نداءً بمناسبة مراسم تشييع ودفن الشهيدين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، متوجهاً الى العدو بالقول إن “المقاومة في مواجهة الغصب والظلم والاستكبار باقية ولن تتوقف حتى بلوغ الغاية المنشودة”.
وأعلن حزب الله عن تقبّل قيادته التعازي بمناسبة استشهاد سيّد شهداء الأمة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله (رض) والأمين العام الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم صفي الدين (رض)، وذلك نهار الثلاثاء والأربعاء (25 و26 شباط 2025) في باحة عاشوراء – الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت.
إلى ذلك برز ما كشفه عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور من “أنّه في المرحلة المقبلة سيتعزز المنطق الداعي إلى الصلح مع “إسرائيل”. وهنا ستكون الطامة الكبرى التي من الممكن أن تخلق نزاعاً داخليّاً في لبنان، والإدارة الأميركية الحالية ستدفع في اتجاه الصلح مع “إسرائيل”، وقد فاتحت مسؤولين لبنانيين أساسيّين وشخصيات كبيرة في لبنان بهذا الأمر، الذي تمّ رفضه”، وقال: “لم يتكلّم أحد معنا بهذا الموضوع لأن موقفنا معروف، وأقصى ما يمكن أن نصل إليه مع “إسرائيل” هو اتفاقية الهدنة”.
وإذ أكد أبو فاعور أنّه لا يستبعد أن يتمّ فرض الصلح مع “إسرائيل” على لبنان الرسميّ، أشار الى أن المكوّنات الرافضة أكبر بكثير من تلك الراغبة، محذّراً من أن يخلق هذا الموضوع أزمةً داخليّةً كبرى، قد تقود الى صدامٍ بين اللبنانيين.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى ساحة النجمة التي تشهد جلسة مناقشة البيان الوزاري اليوم وغداً والمتوقع أن تنتهي بثقة مريحة للحكومة، وعلمت “البناء” أن جميع الكتل النيابية ستمنح الحكومة الثقة باستثناء تكتل التيار الوطني الحر وبعض النواب المستقلين، ما يرفع عدد النواب الذين سيمنحون الثقة للحكومة الى أكثر من مئة نائب.
وعلمت “البناء” أن كتلة الاعتدال الوطني والنواب الذين سمّوا الرئيس نجيب ميقاتي مثل الدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور بلال الحشيمي سيمنحون الحكومة الثقة إضافة الى كتلة النائب فيصل كرامي والنائب ميشال المر.
ورجّحت مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” أن يحجب تكتل لبنان القوي الثقة عن الحكومة لأسباب تتعلق بطريقة تعامل الرئيس نواف سلام مع التكتل في عملية التأليف إضافة الى وجود ملاحظات على البيان الوزاري.
واستقبل الرئيس سلام وفداً من “تكتل الاعتدال الوطني” ضمّ النواب: سجيع عطيه، أحمد الخير، أحمد رستم ووليد البعريني حيث تمّ البحث في ملف مطار القليعات. وقال البعريني: “هدفنا ليس التوزير وسنكون إلى جانب العهد والحكومة لكي نستطيع إنماء مناطقنا من كل النواحي، وبمجرد إدراج مطار القليعات في البيان الوزاري يعتبر إشارة مهمة لأبناء المنطقة، وقد ترك هذا الأمر ارتياحاً لدى المجتمع العكاري، وكلنا أمل بتطبيق مشروع المطار بشكل عملي، لأن من شأنه تأمين ألفي وظيفة، وسيكون له انعكاس إيجابي على كل لبنان وعلى سورية أيضاً، ونعتبره حالة إنقاذية للبلد، فالنيات إيجابية وقد خرجنا بأجواء تفاؤلية.»
إلى ذلك يتوجّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الأحد المقبل إلى المملكة العربية السعودية، وذلك قبل حضوره القمة العربية الطارئة في القاهرة والمخصّصة للموضوع الفلسطيني، في الرابع من آذار، في أول زيارة خارجيّة له منذ انتخابه رئيساً للجمهورية. ويرافقه في المشاركة بالقمة وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي.
وأشارت أجواء بعبدا لـ”البناء” إلى أهمية نتائج هذه الزيارة لفتح باب العودة السعودية الى لبنان، متوقعة أن يعود الرئيس عون بنتائج ملموسة من هذه الزيارة، مشيرة إلى أن هناك الكثير من اتفاقيات التعاون بين لبنان والسعودية سيتمّ توقيعها على الصعد المالية والاقتصادية والتجارية والإنمائية. مذكّرة بأن الاتصال الذي حصل بين الرئيس عون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان إيجابياً، حيث عبر الأمير السعودي عن تعاطفه مع لبنان وأبدى رغبة في المساعدة بإعادة نهوض لبنان وحث الحكومة الجديدة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة وتطبيق القرارات الدوليّة.
وأكد رئيس الجمهوريّة أنّه عازم على تطبيق ما ورد في خطاب القَسَم الذي عكس معاناة الشعب وطموحه ومتطلباته للعيش عيشة كريمة. وشدّد على أهمية وضرورة الحفاظ على الإيمان بلبنان وعدم فقدان الرجاء والأمل، لان الإيمان أساسيّ لنجاح أي قضية.
جدّد الرئيس عون دعوته الجميع إلى التكاتف والتوحّد لتحقيق الأهداف، معتبراً أن الوفد الذي يمثّل الرهبنة، قادر أيضاً على المساهمة بذلك من خلال الخدمة التي يقوم بها، وهو حال كل شخص يقوم بدوره في هذا المجتمع. وشدّد على أهميّة وضرورة الحفاظ على الإيمان بلبنان وعدم فقدان الرجاء والأمل، لأن الإيمان أساسي لنجاح أي قضية، وهو الذي سيضمن بقاء لبنان على الرغم من كل الصعوبات والتحديات التي تواجهه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى