ترامب المتوحش

– مشهد افتراس الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، لا يجب أن يخضع لمناقشة المواقف السياسية، وربط الموقف من هذا المشهد بتحديد مَن يقف على ضفة الموقف الأصلح، هو مجرد نفاق وتهرّب من قول الحقيقة.
– لقد كنّا بصراحة أمام أبشع مشاهد العلاقات الدولية، حيث نشهد رئيس دولة عظمى ينشب مخالبه في وجه رئيس دولة صغيرة، لم يشفع لها في لحظة مصلحة الدولة العظمى بإيقاف حرب هي مَن أشعلها أنها استعملت خلالها هذه الدولة الصغيرة مجرد ساحة، فيموت شعبها وتدمَّر مدنها ويتفكك وينهار جيشها، كرمى لعيون قرار الدولة العظمى.
– ليس مهماً إن كان موقف زيلينسكي عاقلاً أم متهوراً، ولا من المهم التدقيق في درجة فطنة زيلينسكي وحكمته، فقد قرّر الرئيس ترامب أن يأتي بحليفه المفترض ويلتهمه بلقمة واحدة على الهواء، ليؤدّب به كل الحلفاء، ويقول الأمر لي.
– هذا مشهد يجب أن تقشعر له أبدان الرؤساء والملوك والأمراء في كل البلدان التي تعتقد واهمة أنها حليفة لأميركا، والمشهد كافٍ للقول إن لا حلفاء لأميركا بل مجرد عبيد، وأن مَن يُصرّ في لحظة مفصليّة على مناقشة قرار أميركي من موقع التوهم أنه حليف يسمع له ويؤخذ بملاحظاته، خصوصاً أن الأمر يتعلق بمصير بلده الذي قُدّم قرباناً رخيصاً على المذبح الأميركي، فإن مصيره هو مصير زيلينسكي، حفل شواء على الهواء.
– من المفيد للعرب الذين يستعدّون لعقد قمتهم بهدف مناقشة مشروع ترامب لتهجير غزة، أن يحضروا المشهد عشر مرات على الأقل، قبل أن يتوهّم أحد منهم أنّهم سوف يناقشون بعقلانية ما صدر عن ترامب، أو أن يفترض أن أسباباً تقنيّة تقف وراء المشروع يمكن مناقشتها تقنياً، فالاختلاف هنا معركة شد شعر وصفع وجنات وربما ضرب تحت الحزام فهل أنتم مستعدّون، وإن لم تكونوا كذلك فاستعدوا.
– مَن يختلف مع ترامب ويذهب بسذاجة زيلينسكي للنقاش والاختلاف، عليه أن يتوقع حماماً بارداً كالذي كان بانتظار زيلينسكي في كمين محكم، فإما أن يقبل العرب أن يكونوا عبيداً عند نتنياهو كرمى لتفادي غضب ترامب أو أن يقرّروا الاستهزاء بغضب ترامب ويخرجوا بقرار يخدم بلادهم وقضيّتهم وأمنهم القومي واختبروا إغضاب ترامب الذي تهاوى جبروته أمام اليمن وحده، لأن اليمن لا يقيم حساباً لغضب ترامب وليس معنياً بإقامة مثل هذا الحساب وصواريخه الفرط صوتيّة تحاورت بما فيه الكفاية مع حاملات الطائرات الأميركية وأقنعتها بالرحيل.