بزشكيان تخلينا عن التفاوض مع واشنطن تلبية لطلب الخامنئي… وظريف يستقيل / اتفاق غزة يترنح مع نهاية المرحلة الأولى ورفض نتنياهو تنفيذ المرحلة الثانية / الاحتلال يهدد حكومة الشام تحت شعار حماية جرمانا… وجنبلاط للقاء الشرع

كتب المحرّر السياسيّ
تزاحمت التطورات الإقليمية مع عطلة نهاية الأسبوع، في ظل استعداد لبنان للمشاركة في القمة العربية وزيارة رئيس الجمهورية إلى السعودية، وتعددت الاهتمامات بالإضافة إلى تطورات الملف الأوكراني بعد التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي وتوبيخه في البيت الأبيض قبل طرده.
في طهران أقفل الباب على البحث بالمسار التفاوضي مع واشنطن الذي شكل أحد شعارات الانتخابات الرئاسية للرئيس مسعود بزشكيان في ضوء موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب القائم على ثنائية دعوة للتفاوض من جهة وتهديد بالحرب وتصعيد للعقوبات من جهة مقابلة، وهو ما ردّ عليه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي باعتبار الوقت غير مناسب للتفاوض. وهذا ما دفع بالرئيس مسعود بزشكيان إلى القول إنه كان يفضل الخيار التفاوضي، لكنه صرف النظر عنه عملاً بتوجيهات المرشد. وفي سياق هذا التطور في موقف بزشكيان أعلن نائبه للشؤون الاستراتيجية عراب الاتفاق النووي عام 2015 والداعية الرئيسي للخيار التفاوضي استقالته من منصبه.
في غزة ترنح اتفاق وقف إطلاق النار مع إعلان نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق دون الإعلان عن المضي بتطبيق المرحلة الثانية التي رفض رئيس حكومة الاحتلال السير بأحكامها، دون أن يُخفي أنّه لن يسير بالانسحاب الكامل من قطاع غزة وقد كشف وزير الحرب في حكومته يسرائيل كاتس عن نيّة جيش الاحتلال البقاء في محور صلاح الدين على الحدود المصرية المعروف بـ محور فيلادلفيا، بينما يرفض نتنياهو إعلان انتهاء الحرب التي ربط إنهاءها بالقضاء على حركة حماس، وقال نتنياهو إن هناك مقترحاً بديلاً نسبه إلى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بتمديد المرحلة الأولى، رفضته حركة حماس واعتبرته خروجاً على الاتفاق، من دون أن يصدر أي موقف أميركي يوحي بالدفاع عن الاتفاق الذي صاغته واشنطن وقدّمت الضمانات بالتزام “إسرائيل” ببنوده. ومساء أعلن نتنياهو وقف دخول المساعدات إلى غزة، بينما ينتظر الشارع العربي والفلسطيني انعقاد القمة العربية وسط التساؤل عن مبرر بقاء معبر رفح مغلقاً بقرار إسرائيلي بينما هو معبر فلسطيني مصري.
في سورية، انتقل الاحتلال إلى مرحلة جديدة من التصعيد والعبث بالنسيج الطائفي، معلناً مزيداً من التهديدات تحت عنوان مزاعم حماية دروز سورية، كما ورد في بيان لديوان رئاسة حكومة الاحتلال إثر حادثة شهدتها مدينة جرمانا في ضواحي دمشق، وليلاً أعلن النائب السابق وليد جنبلاط نيّته التوجه إلى دمشق ولقاء الرئيس الانتقالي أحمد الشرع.
رغم أن التطورات السورية خطفت الأضواء حتى من التطورات اللبنانية، فإن الترقب سيد الموقف هذا الأسبوع لحدثين محلياً الأول زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى السعودية، حيث يلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبل أن يتوجّه غداً للمشاركة في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة. من المنتظر أن تفتح هذه الزيارة السعودية الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون في مختلف المجالات، تمهيداً لزيارة رسمية موسّعة بعد شهر رمضان إذ سيتمّ خلالها توقيع اتفاقات ثنائيّة وبروتوكولات تعاون بين البلدين.
أما الحدث الثاني، فيتمثل بجلسة مرتقبة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع بعد عودة الرئيس عون، وعلى رأس جدول أعمالها ملف التعيينات، مع تأكيد مصادر مقرّبة من قصر بعبدا أن الرئيس عون ورئيس الحكومة نواف سلام يبديان اهتماماً بالسلك الدبلوماسي ربطاً بالمواقع الأمنية وحاكمية مصرف لبنان، ولذلك من المرجح أن يذهبا إلى تسمية سفراء من خارجِ الملاك في بعض المواقع الأساسية كواشنطن والأمم المتحدة والفاتيكان وباريس والسعودية. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس سلام وفي ما خصّ التشكيلات القضائية فإنه يتجه الى تعيين أمين عام جديد لمجلس الوزراء بدلاً من القاضي محمود مكية، أما في ما خص التعيينات الأمنية والعسكرية فالتوجه الرسمي هو لتعيين مدير العمليات رودولف هيكل قائداً للجيش.
وربطاً بتطور الأحداث في جرمانا، حذّر رئيس الحزب التقدمي الاستراكي السابق وليد جنبلاط “الأحرار الدروز في جبل العرب من المكائد الإسرائيلية في سورية”، مؤكداً أنّ “”إسرائيل” تريد استخدام الطوائف لمصلحتها وتفتيت المنطقة”، معتبراً انّ “مشروعها التوراتيّ لا حدود له وهو مشروع قديم جديد فشل في لبنان سابقًا”، لافتاً إلى أنّ “في سورية هناك مشروع تخريب للأمن القومي العربي”.
وأعاد جنبلاط تأكيد أنّه “كنّا وسنبقى ضد الصلح مع “إسرائيل” إلى أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة”، كما تأكيد زيارته لدمشق مجدداً، مشيراً بالقول “الشام هي عاصمة سورية”، ومؤكداً أنّه طلب موعداً جديداً للقاء الرئيس الانتقالي لسورية أحمد الشرع.
وتوجه لدروز سورية بالقول “الذين وحّدوا سورية أيام سلطان باشا الأطرش لن يستجيبوا لدعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”، وتابع “وإذا كانت قلة قليلة من هنا أو هناك تريد جر سورية إلى فوضى فلا اعتقد أن الذين وحّدوا سورية سيستجيبون لدعوة نتنياهو”.
وتطرّق إلى مشروع “إسرائيل التوراتيّ الذي فشل سابقاً في لبنان”، معتبراً في هذا الإطار أنّ بقاء القوات الإسرائيلية في لبنان “هو احتلال، ونُعوّل على اتصالات الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام مع الدول الكبرى”، مشيراً إلى أنّ “إعادة الإعمار مرتبطة بالإصلاح والبرنامج الذي وضعه نواف سلام مقبول”، ومضيفاً أنّ “”إسرائيل” هي مَن تُعرقل الـ1701، وسنبقى كما كنّا مع القوى الوطنيّة ضدّ الصلح مع “إسرائيل” إلى أن تقوم دولة فلسطينية في يوم ما ويأتي الحلّ للاجئين الفلسطينيين”.
وناشد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان السعودية بالتدخل السريع مع المعنيين في دمشق لوضع حدّ للتجاوزات التي حصلت وقد تحصل في أيّ وقت بصيغ وأسباب مختلفة. فالدروز، كما غيرهم من الطوائف والمذاهب والأعراق، بمن فيهم السنّة، بحاجة إلى حاضنة عربية مخلصة تبدّد مخاوفهم، ولا نرى أهم وأحق وأولى من المملكة لتقوم بهذا الدور لحماية سورية وشعبها من الشرذمة والانقسامات والفتن. وقال “عمق الدروز كان ولا يزال وسيبقى عربيًا أصيلًا مهما كثرت الأقاويل والاتهامات. وعلى الإدارة السورية الجديدة أن تعي مخاطر المرحلة. وهذا يتطلب وضوحًا وشفافية في مقاربة المشاكل الداخلية السورية، والابتعاد عن الإبهام في الأجوبة والتفسير والمواقف. وبكل صراحة أقول لن تحمى سورية من الداخل إلا باعتماد الدولة المدنية التي يتساوى فيها كل الشعب السوري في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية.»
واعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين جشي من بلدة طيردبا الجنوبية. أنّ “قدرنا في هذه المنطقة هو مواجهة المشروع الصهيوني، لأن كلفة المواجهة أقل بكثير من كلفة الاستسلام، وأن الانتصار في المعركة مع العدو يتحدّد وفق قراءة مدى تحقيق الأهداف التي وضعها كل فريق لنفسه. وهذا ما يؤكد أننا انتصرنا بعد عجز العدو عن تحقيق أهدافه”.
كذلك تناول جشي الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة نواف سلام إلى جنوب لبنان أخيراً، وقال: “حسناً فعل رئيس الحكومة بأنه حضر إلى الجنوب المقاوم واطلع عن قرب على حجم الدمار والمعاناة، وحسناً ما صرّح به بأن الحكومة بصدد العمل لإعادة ثقة الناس بها بالأعمال وليس بالأقوال”. وتابع بالقول “أرض الجنوب تستحق كل الاهتمام والخدمة من قبل الحكومة نظراً لعظيم التضحيات التي قدّمها أهلنا”.
وتطرّق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظته خلال قداس الأحد إلى حصول حكومة الرئيس نواف سلام على الثقة بخمسة وتسعين صوتاً، مشيراً إلى أنّها “صورة ثقة اللبنانيّين والدول، بالإضافة إلى ثقتهم بشخص رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون”، ومتحدثاً عن واجب الإصلاحات المنوطة بالدولة ككل اليوم، قائلاً “ها هما (الرئيسان) أمام واجب تثمير هذه الثقة بالإصلاحات، وإعادة الإعمار، والنهوض الاقتصاديّ، وترميم المؤسّسات العامّة من الداخل، وقيام الدولة ومؤسّساتها، وإجراء المصالحة بين اللبنانيّين على أساس الانتماء إلى وطن واحد، والمساواة بينهم جميعًا، بحيث يكون “لبنان وطنًا نهائيًّا لجميع أبنائه”، كما تنصّ المادّة الأولى (أ) من مقدّمة الدستور، على أن يكون ولاء جميع اللبنانيّين لهذا الوطن الواحد. وبعد ذلك السير نحو إعلان الحياد الإيجابيّ بجميع مفاهيمه”.
وعن الحياد الإيجابي قال الراعي “تجدر الإشارة إلى أنّ الحياد لا يعني الاستقالة من الجامعة العربيّة، ومن منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، ومن منظّمة الأمم المتّحدة، بل يعدل دور لبنان ويفعّله في كلّ هذه المؤسّسات وفي سواها، ويجعله شريكاً في إيجاد الحلول عوض أن يبقى ضحيّة الخلافات والصراعات”.
في المقابل، اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أن “لا حياد بالمصالح الوطنية”، وهذه حقيقة دولية وإقليمية ولسنا بالمريخ، والمواقف المعلنة للنهوض بالبلد مهمة لكّنها لا تفي بواقع النهوض الوطني إلا عبر سياسات ضامنة على الأرض، وتاريخ لبنان معقّد”. وقال: المطلوب أن نكون سياديين بوجهتنا وقرارنا الوطني ومصالحنا اللبنانية الميثاقية، وحماية المؤسسة العسكرية وتأكيد دورها الضامن ضرورة ماسة بمصالح لبنان.