مبعوث ترامب إلى المنطقة لمواجهة مأزق نتنياهو: العجز عن الحرب وعن الاتفاق / القمّة العربية بعد الطوفان وانسداد التسويات ومشروع التهجير… وعمليّة في حيفا / عون يلتقي ولي العهد السعوديّ قبل القمة: طلب دعم عربي عاجل لإعادة الإعمار

كتب المحرّر السياسيّ
وفقاً لإعلان البيت البيض سوف يصل إلى المنطقة ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمعالجة تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد تعطيل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدء المفاوضات حول المرحلة الثانية التي كانت مقرّرة في اليوم 16 من المرحلة الأولى، أي قبل شهر تقريباً، ولم يخف نتنياهو أن البديل الذي يسعى إليه هو مجرد تمديد المرحلة الأولى، أي مواصلة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وتبادل الأسرى، دون الوصول إلى إعلان انتهاء الحرب وتنفيذ الانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة، لقناعته بأن بلوغ هذه المرحلة سوف يؤدي إلى الإطاحة بحكومته، التي سيفجرها خروج بتسلئيل سموترتش منها، بينما لا يملك نتنياهو القدرة اللازمة سياسياً وشعبياً وعسكرياً للعودة إلى الحرب كما بات أكيداً، وفقاً لكل المعلقين والخبراء في كيان الاحتلال، وكان لافتاً أن البيت الأبيض أعلن أن عودة ويتكوف تتم لتمديد المرحلة الأولى أو استئناف التفاوض على المرحلة الثانية، بعدما كان نتنياهو قد تحدّث عن دعوته لتمديد المرحلة الأولى بصفتها مقترحاً مقدماً من ويتكوف وافقت عليه تل أبيب ورفضته حماس.
بالتوازي تطل القضية الفلسطينية من شرفة القمة العربية في امتحان جديد للعجز العربي، بينما الاحتلال يعطل تنفيذ اتفاق غزة وينتهك اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ويتمدّد في سورية بعدما أكد تمسكه بإعلان ضم الجولان، وفي كل ذلك يستند إلى تغطية أميركية رغم موقع واشنطن كشريك وضامن في اتفاق وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة، وفي ظل موقف أميركيّ لا يقيم حساباً للموقف العربي عبرت عنه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير سكان قطاع غزة ودعوة مصر والأردن لاستقبالهم، وبينما رد الفلسطينيون على الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومحاولة العبث بالنسيج الطائفي في سورية تحت عنوان حماية الطائفة الدرزية، بعملية بطولية في حيفا نفذها الشاب الفلسطيني من الطائفة الدرزية بترو شاهين قتل فيها مستوطن وجرح خمسة، ثلاثة منهم جراحهم خطيرة، والرأي العام العربي الذي خذلته القمم العربية والإسلامية منذ طوفان الأقصى يتابع القمة باهتمام أقل وسط أسئلة محورها، هل سيجرؤ العرب على إعلان قيام الدولة الفلسطينية انطلاقاً من غزة وفتح معبر رفح دون استئذان الاحتلال؟
اللبنانيون ينتظرون عودة الرئيس جوزف عون من زيارته للسعودية ومشاركته في القمة العربية لمعرفة ما إذا كانت دعوته العرب لمساعدة لبنان على مواجهة التحديات، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار، دون ربط ذلك بشروط ربما يضعها الأميركي بعدما تخلى عن ضمانته لاتفاق وقف إطلاق النار ووافق على بقاء قوات الاحتلال في أراضٍ لبنانية لمدة غير محددة، كما قال وزير حرب الاحتلال أن منطقة عازلة في لبنان تتم برخصة أميركية دون مهلة زمنية.
وفيما تتصاعد المخاوف من تداعيات محتملة للتطورات الأمنيّة في سورية على لبنان، تصدّرت زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية واجهة المشهد، ولقاؤه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما ستحمله من نتائج إيجابية متوقعة في كافة المجالات قد تفتح الباب أمام العودة الخليجية الى لبنان من بوابة إعادة الإعمار والاستثمارات والدعم الاقتصادي.
لكن مصادر مطلعة أوضحت لـ”البناء” أن “زيارة الرئيس عون الى السعودية تكتسب أهميتها من كونها الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية منذ انتخابه، ما يحمل رسائل إيجابية باتجاه السعودية والدول الخليجية وبالتالي فتح مرحلة جديدة بين لبنان والدول الخليجية والعربية بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد”. غير أن المصادر لفتت الى أن “زيارة الرئيس عون للمملكة تهدف الى كسر الجمود بين البلدين وفتح مرحلة جديدة من العلاقات المختلفة عن السابق والاتفاق على خطوط عريضة، وبالتالي لن تشهد هذه الزيارة توقيع الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين الدولتين، بل ستكون هناك زيارة أخرى لرئيس الجمهورية برفقة رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء المختصين لتوقيع الاتفاقيات التي ستكون بداية كسر الحصار الخارجي على لبنان”.
لكن جهات معنية شددت لـ”البناء” على أن “الدعم السعودي الشامل بما فيه الاتفاقيات ولو وقِعت لكنها ستبقى من دون تنفيذ حتى ينفذ لبنان التزاماته الدولية لا سيما إقرار الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية اللازمة إضافة الى تطبيق القرارات الدولية».
وكان الرئيس عون أعرب عن سعادته لزيارة السعودية في أول زيارة له خارج لبنان منذ انتخابه رئيساً للجمهورية. وقال إن تلبيته دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز فرصة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية – السعودية وهي مناسبة ايضا للإعراب عن تقدير لبنان للدور الذي تلعبه المملكة في دعم استقرار لبنان وسلامته وانتظام عمل المؤسسات الدستورية اضافة إلى المساعدات التي تقدمها المملكة للبنان في مجالات عدة. وأشار الرئيس عون الى انه يتطلع بكثير من الامل إلى المحادثات التي سيجريها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مساء والتي سوف تمهد لزيارة لاحقة يتم خلالها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ستكون مناسبة لشكر المملكة على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا اليها منذ سنوات بعيدة ولا يزالون، وساهموا في نهضتها العمرانية والاقتصادية.
ووصل عون الى الرياض يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي أمس الى السعودية، وكان في استقباله لدى وصوله إلى الصالة الملكية في مطار الملك خالد الدولي، نائب أمير منطقة الرياض الامير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز، وأمين منطقة الرياض الأمير فيصل بن عياف آل سعود، والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، وسفير لبنان في السعودية فوزي كبارة. وتوجه الرئيس عون وسط ثلة من حرس الشرف نحو القاعة الرئاسية لاستراحة قصيرة، قبل أن يغادر المطار متوجهاً إلى مقر إقامته في فندق ريتز- كارلتون.
على صعيد موازٍ، تسلم رئيس مجلس الوزراء نواف سلام دعوة من نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمشاركة في قمة الاعلام العربي التي ستقام في شهر ايار المقبل في دبي، نقلها اليه القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان فهد الكعبي.
الى ذلك، استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، الرئيس سلام الذي هنأه بشهر رمضان المبارك، ووعد سلام المفتي دريان واللبنانيين ان “الحكومة ستولي عناية خاصة بالملفات المهمة وفي طليعتها القضايا المعيشية إضافة الى الماء والكهرباء والطرق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي وخصوصا أموال المودعين، وتطبيق العدالة في كل الملفات وإملاء الشواغر بالأكفأ والأصلح والحفاظ على التوازن وحقوق الجميع. وعلى وجه الخصوص إنصاف السجناء الذين لم يحاكموا منذ سنوات والبعض منهم تجاوز ما يمكن أن يصدر بحقه أحكام، وأعني هنا ملف ما يطلق عليه اصطلاحا بالموقوفين الإسلاميين فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها فيعاقب المسيئون ويفرج عن الآخرين”. من جهته، تمنى المفتي دريان للحكومة ورئيسها كل “النجاح بمهامها الوطنية بعد نيلها الثقة والأنظار مشدودة الى أعمالها لتنفيذ مضمون البيان الوزاري”.
على صعيد آخر، استمرت الخروقات الاسرائيلية جنوبًا، واصيب مواطن في قدمه جراء اطلاق قوات اسرائيلية النار في كفركلا مما استدعى نقله الى مستشفى مرجعيون الحكومي. ايضا، رفع جيش الاحتلال ساتراً ترابياً جديداً على طريق عديسة لمنع الأهالي من الوصول لممتلكاتهم. وتوغلت دورية اسرائيلية من موقعها عند الاطراف الجنوبية لبلدة العباسية الحدودية باتجاه سهل العباسية، واقدمت على خطف مزارع كان يعمل في أرضه قبل أن تعود وتطلق سراحه لاحقاً. وحلقت منذ الصباح درون اسرئيلية فوق بلدتي المنصوري وبيوت السياد في قضاء صور، وبثت عبارات تحريضية.
الى ذلك وفي ضوء الأحداث الخطيرة التي تشهدها سورية، عقد مشايخ الدروز اجتماعاً استثنائياً موسعاً في دار الطائفة في بيروت، بمشاركة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وأعضاء المجلس ومشايخ، وذلك لبحث تطورات الأوضاع في سورية.
وقال شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى إن “طائفة الموحّدين لن تتخلّى عن ثوابتِها الوجودية، فالأرض ثابتٌ لا يمكن المساومةُ عليه، والقيم الاجتماعية المعروفية ثابتٌ لا يجب أن نفرِّط به، والدين ثابتٌ روحيٌّ راسخٌ لا غنى لنا عنه. أمّا التجذّر بالأرض فيعني الإخلاصَ للوطن والمشاركة في بنائه وصونه، والتمسُكُ بالقيم الاجتماعية يعني التربيةَ على الأخلاق المعروفية الأصيلة والحفاظَ على التماسك الاجتماعي، والتعلُّقُ بالدين يعني تغذيةَ الروح الإيمانية وصون الهوية الروحية من الضياع في عالَمٍ متقلِّبٍ ومتحرّر.
بدوره، اكد جنبلاط بأن “الشيخ موفق طريف لا يمثلنا وهو مدعوم من القوى الصهيونية، وشدد على ان اهل سوريا يعرفون التصرف، وسأذهب إلى دمشق للتأكيد على مرجعية الشام والمشروع كبير وسيجرّون بعضا من ضعفاء النفوس الى حروب اهلية لست ادري كيف ستنتهي”. واردف “الصهيونية تستخدم الدروز جنوداً وضباطاً لقمع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، واليوم يريدون الانقضاض على جبل العرب”.
ولفت جنبلاط خلال اجتماع المجلس المذهبي الدرزي في فردان، الى انه “إذا ما قارنا المرحلة الحالية بمراحل سابقة من احتلال اسرائيلي لبيروت وغيره من المحطات، أكاد أقول إنها أخطر بكثير مما مررنا فيه”.
على صعيد أمني آخر، ترأس وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، في مكتبه صباح اليوم، اجتماعاً حضره المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قائد شرطة بيروت بالوكالة العميد أحمد عبلا والضباط المعنيين، للبحث في الوضع الأمني لا سيما في مدينتي بيروت وطرابلس. وخلال الاجتماع، تم التشديد على ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية المتخذة للحد من الحوادث والإشكالات المتكررة وضبط الأمن والحفاظ على سلامة المواطنين، كذلك جرى التأكيد على أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية لهذه الغاية. كما تم التشديد على تعزيز تدابير السير، لا سيما في مدينة بيروت، تسهيلاً لحركة المرور ومنعاً للازدحام وحفاظاً على السلامة العامة.