ما الذي يجري في جنوب لبنان؟

ابراهيم مصطفى
ويستمرّ الجنوب اللبناني عرضة للاعتداءات اليومية من قبل العدو الإسرائيلي، حيث لم تعد الغارات الجوية والاستهدافات العسكرية تقتصر على الحدود أو المناطق العسكرية (حسب زعمهم)، بل امتدّت لتطال المدنيين الأبرياء (أطفالاً ونساء وعجّزا). وأضحى كلّ يوم يمرّ في هذه المنطقة المدمرة شاهداً على معاناة شعب ذاق ويلات العدوان لفترات طويلة، ولا يزال يدفع ثمن عربدة هذا الوحش الصهيوني في حروبه المستمرة.
اعتداءات يومية، غارات جوية، وقتل للمواطنين…
تستمرّ آلة الحرب الإسرائيلية في استهداف المدنيين وتدمير المنازل والمرافق الحيوية في الجنوب اللبناني، وتفعل ما تريده بكلّ استهتار. هذه الجرائم تأتي مدعومة بتسهيلات أميركية خبيثة، مما يجعل من الصعب على المجتمع الدولي تحريك أيّ أفق حقيقي لمحاسبة المجرمين أو حتى وقف هذه الانتهاكات.
هل يجوز أن تتصرّف «إسرائيل»، وبتسهيل أميركي وقح، بهذا الأسلوب المهين لسيادة الدولة اللبنانية؟
من المؤلم أن نرى كيف أنّ القوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة أصبحت مجرد حبر على ورق في ظلّ دعم القوى الكبرى (قوى الشر) للعدو «الإسرائيلي»، حيث تتجاوز الاعتداءات الإسرائيلية كلّ الحدود المعقولة، وتأتي في وقت يزداد فيه الخلل السياسي في لبنان. هنا يُطرح التساؤل: أين هي السيادة اللبنانية؟ وكيف لدولة أن تتقبّل الاعتداءات اليومية على أراضيها دون أن تتحرك لصدّ هذا العدوان؟
أيُعقل أن يكون الجنوب اللبناني خارج حسابات الدولة؟
السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه الآن هو: أين الدولة اللبنانية من كل ما يحدث؟ لماذا لا تضع هذه الحكومة خططاً فعّالة لردع الاعتداءات الإسرائيلية؟ أيُعقل أن يكون الجنوب اللبناني خارج حسابات الحكومة؟ كيف يُمكن للمواطنين في الجنوب أن يشعروا بالأمان إذا كانت السلطة تتجاهل واجبها في حماية أراضيها وشعبها؟ هل انتصر الاحتلال على إرادة الدولة، أم أنّ هناك خللاً داخلياً يمنع تحرك الدولة بشكل فعّال؟
متى ستتحرك الدولة؟
إنّ المواطن اللبناني في الجنوب، اليوم، لا يسأل متى سيصل الدعم العسكري فقط، بل هو أيضاً يتساءل، متى ستتحرك مؤسسات الدولة اللبنانية لتعيد له الثقة في قدرة وطنه على حمايته من هذه الهجمات المستمرة. متى ستقف الدولة على قدميها وتفرض احتراماً على سيادتها؟ متى سترتقي السلطة السياسية بمسؤولياتها لتكون الدرع الواقية لأبنائها؟
أم أنّ أمر التحرير سيتكفل به أبناء الشهداء؟
في غياب التحركات الحقيقية من قبل الدولة اللبنانية، يتساءل البعض: هل سيظلّ أمر التحرير في يد أبنائنا من عوائل الشهداء الذين قدّموا أغلى ما لديهم في معركة الدفاع عن الأرض؟ هل سيتكفل هؤلاء الأبطال، الذين لا يزالون على أرضهم في الجنوب، بمسؤولية الحفاظ على السيادة والكرامة اللبنانية؟ لا شك أنّ هؤلاء الأبطال يواجهون هذه التحديات بعزيمة لا تلين، رغم الحصار والظروف القاسية. ولكن هل يُعقل أن تكون هذه هي الطريقة التي يُؤخذ فيها التحرير والتصدي على عاتقهم، وحدهم؟
ختاماً… إنه من المؤلم أن نشهد هذا الوضع القاسي، وفي نفس الوقت نحن على يقين أنّ الحق لا يضيع وأن نضال المقاومة سيستمرّ ما دام الاحتلال يهدّد أرضنا. لكن علينا كدولة وشعب أن نعمل معاً لضمان أنّ لبنان يبقى موحداً قوياً، وأنّ الدولة هي الحامية لأبنائها، وليست المقاومة وحدها التي تتحمّل عبء الدفاع عن الوطن.
لبنان بحاجة إلى تحرك فاعل ومستمرّ من قبل دولته، وإلا سيظلّ أبناء الشهداء وحدهم من يقاومون بأرواحهم لحماية السيادة والكرامة…