بوتين أمر بحسم السيطرة على كورسك قبل الجواب على دعوة ترامب لوقف النار / تقارير إسرائيلية عن تقدم مفاوضات الدوحة… بعد عودة الحصار البحري اليمني / لبنان يواجه ضغوطاً أميركيّة لنقل اتفاق وقف إطلاق النار الى التفاوض السياسيّ

كتب المحرّر السياسيّ
بخلاف التوقعات الأميركية بعد الحصول على موافقة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على مقترح أميركيّ لوقف إطلاق النار، يعتقد الروس أنه فخ نصبته دوائر البنتاغون للرئيس دونالد ترامب لتعريض علاقته بموسكو للتصادم، لم يتفاعل الكرملين إيجاباً مع الدعوة، معتبراً أنه من البديهي أن يقبل مَن يخسر الحرب وقف إطلاق النار طالما أنه لم يلتزم بأي شرط سياسيّ لوقف الحرب، وكان المتوقع في موسكو دعوة أميركيّة للتفاوض حول اتفاق سلام يُنهي الحرب يتضمّن في ختامه إعلان وقف إطلاق النار؛ أما الحديث عن إنجاز يتمثل بقبول زيلينسكي بوقف النار فهو مجرد دعاية سوداء تجافي الواقع. فالتفاوض في ظل استمرار الحرب سوف يُجبر زيلينسكي على القبول باتفاق سلام يعكس موازين القوى الجديد، بينما التفاوض بعد وقف النار فلن يصل إلى أي نتيجة سوى التأسيس للعودة إلى الحرب. ولذلك تقول مصادر روسية إن الرئيس فلاديمير بوتين تريّث بالرد حرصاً على عدم التفريط بما تحقق من المناخات الإيجابية الناشئة مع الرئيس ترامب، واصفة إعلان بوتين عن قرار للحسم العسكري في كورسك نقطة البداية لتمهيد طريق التفاوض عبر إسقاط وهم زيلينسكي عن مقايضة الأراضي، وفرض أمر واقع تفاوضيّ يستند إلى ضم روسيا للمقاطعات الأوكرانيّة ذات الأغلبيّة من ذوي الأصول الروسيّة.
في الدوحة تستمرّ المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد وصول مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، بينما عاد اليمن إلى فرض الحصار البحريّ على السفن المتوجّهة إلى موانئ كيان الاحتلال رداً على قرار حكومة بنيامين نتنياهو بوقف إدخال المساعدات الإنسانيّة إلى قطاع غزة، وكان لافتاً تراجع نتنياهو عن دعوة وفده المفاوض لمغادرة الدوحة، وسط معلومات للقناة الثانية عشرة في الكيان تتحدّث عن دعوة مسؤولين إسرائيليين إلى التفاؤل بالتوصل إلى اتفاق.
لبنانياً، تطغى على النقاش الداخليّ المعلومات المتدفقة من واشنطن وتل أبيب عن انتهاء عمل لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار والتمسك بدمج مصير التلال الخمس المحتلة بمصير النقاط الثلاث عشرة المتحفظ عليها لبنانياً منذ العام 2000، تحت عنوان لجان عمل لبنانيّة إسرائيلية، ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصدر سياسيّ حكوميّ في كيان الاحتلال، تأكيده أن “سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غيّرت الشرق الأوسط ونريد إبقاء الزخم وصولاً للتطبيع مع لبنان”. وكشف المصدر أن “لبنان له مطالب بخصوص الحدود ولنا أيضاً مطالب وسوف نناقش الأمور”، لافتاً إلى أن “المحادثات مع لبنان جزء من خطة واسعة وشاملة”، بينما ذكرت مصادر مطّلعة لقناة “المنار” بأن الأميركيين والإسرائيليين يعتبرون أن عمل لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بطابعها العسكري الأمني قد انتهى دورها، ولا بدّ من تأليف لجنة دبلوماسية سياسية، إلا أن لبنان الرسميّ رفض هذا الطرح ولم يقبل به لكون البعد السياسي الدبلوماسي يعني التطبيع مع العدو.
وطغت التصريحات الأميركية – الإسرائيلية حول التفاوض على ملف الحدود البرية مع فلسطين المحتلة على المشهد السياسي الداخلي وسط تساؤلات حول ما تخفيه الدعوة الأميركية المفاجئة والملحة للتفاوض بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي برعاية أميركية من فخ لاستدراج لبنان إلى التطبيع وطرح ملف سلاح حزب الله على طاولة البحث الداخلي وربطه بملف إعادة الإعمار والدعم المالي الخارجي.
وإذ أحدثت الدعوة الأميركية الإسرائيلية إرباكاً للمستوى الرسمي اللبناني في ظل غياب أي رد من مسؤول رسمي على ما نقلته مواقع إعلامية أميركية عن موافقة لبنان على بدء جولة تفاوض بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية على ملف ترسيم الحدود بموازاة حملة ترويج في وسائل إعلام إسرائيلية وعربية ومحلية عن جهود أميركية للدفع باتجاه التطبيع بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
وفيما تضاربت الأنباء حول طبيعة اللجان الثلاثية التي تحدّثت عنها المبعوثة الأميركية مورجن أورتاغوس وديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ذكرت مصادر مطّلعة لقناة “المنار” بأن الأميركيين والإسرائيليين يعتبرون أن عمل لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بطابعها العسكري الامني قد انتهى دورها، ولا بدّ من تأليف لجنة دبلوماسية سياسية، إلا أن لبنان الرسمي رفض هذا الطرح ولم يقبل به لكون البعد السياسي الدبلوماسي يعني التطبيع مع العدو.
وعلمت “البناء” من مصادر عليمة أن الولايات المتحدة الأميركية أبلغت المسؤولين اللبنانيين بضرورة التجاوب مع طرح التفاوض الدبلوماسي على ملف الحدود تحت طائلة استمرار الجيش الإسرائيلي باحتلاله للأراضي اللبنانية واعتداءاته على لبنان وتوسيعها الى حدود أكبر وأشمل.
وأعلن مصدر سياسي للقناة 12 الإسرائيلية، أن “المحادثات مع لبنان هي جزء من خطة واسعة وشاملة، وأن سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد غيّرت بالفعل الشرق الأوسط، ونحن نريد أن نواصل هذا الزخم ونصل إلى التطبيع مع لبنان، وكما أن للبنان مطالبات بشأن الحدود، فإننا أيضاً لدينا مطالبات بشأن الحدود، سوف نناقش الأمور.»
وأشارت أوساط سياسيّة لـ”البناء” الى أن لا مانع لدى لبنان بإطلاق مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال عبر لجنة الإشراف الدولية أو عبر الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة على انسحاب جيش الاحتلال من النقاط الخمس وتطبيق القرار 1701، علماً أن الجيش الإسرائيلي ملزم بالانسحاب تنفيذاً للقرار 1701 إضافة الى أن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة مرسّمة ويجب تثبيتها وإزالة التجاوزات والاعتداءات الإسرائيلية على الخط الأزرق والحدود الدولية، لكن ربط التفاوض على النقاط الخمس والخط الأزرق والحدود الدولية يُخفي نيات عدائية مبيتة تمهيداً لابتزاز لبنان من خلال ربط الانسحاب وملف أسرى حزب الله بالتطبيع وسلاح حزب الله، حيث يرفض لبنان وفق المصادر هذا الربط وكذلك الأمر ربط إعادة الإعمار بموضوع التطبيع وسلاح حزب الله.
في المواقف، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “ما تقوم به “إسرائيل” في الجنوب أمر كارثي ولا يمكن السكوت عنه، واللحظة السيادية تبدأ بإعمار قرى الحافة الأمامية للجنوب وتمكين ناسها منها، وهذا يفترض حشد الشراكة الوطنية على الأرض لتأكيد الأولوية اللبنانية ودون ذلك تكرار للبنان المناطق والخصومات السياسية، ولا حسابات وطنية فوق الحسابات التي تضعنا بقلب الجنوب والبقاع وسماء لبنان، ودون ذلك لا يمكن النهوض بالبلد، والثقة بالدولة مشاريع وسياسات تؤكّد وزن الدولة ودورها ووظيفتها على الأرض والحدود والأسواق وسط استباحة إسرائيلية وفلتان تجاري واقتصادي واجتماعي يهدد القيمة الوطنية للدولة ووظيفتها”.
إلى ذلك واصل الاحتلال الصهيوني، اعتداءاته على لبنان وخروقه لوقف إطلاق النار، حيث توغَّلت قواته في مناطق في الجنوب وقامت بعمليات تجريف وإنشاء سواتر وأطلقت النار على مواطنين، بالتزامن مع اختراق متواصل للطيران المُسيَّر والتجسُّسي المعادي في الأجواء اللبنانيّة.
ونفَّذ جيش الاحتلال عمليّة تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة في تلة حمامص، فيما توغَّلت دبابتَا “ميركافا” في اتجاه منطقة الحلواني عند أطراف بلدة رامية، في حين تمركزت قوة صهيونيّة في أحد المنازل في الحلواني.
وذَكَرت “الوكالة الوطنية للإعلام” بأنّ جرافات العدو قامت بعملية تجريف ورفع سواتر ترابية داخل الأراضي اللبنانية في منطقة الجدار في أطراف بلدة رميش، بحماية دبابات “ميركافا”، حيث استحدثت ساترًا ترابيًا في محيط الجدار. وشهدت منطقة مرجعيون عمليّات تمشيط مكثفة نفَّذها جيش الاحتلال الذي أطلق النار على مزارعين وعمالًا في بساتين سردا في المنطقة نفسها.
وفي سياق الانتهاكات لوقف إطلاق النار، اخترق الطيران المُسيَّر المعادي على علوّ منخفض الأجواء اللبنانية من الجنوب إلى البقاع وبعلبك، والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية.
وفي الجنوب، اخترقت مُسيَّرة معادية أجواء مدينة بنت جبيل وبلداتها وهي تبثّ عبر مكبر الصوت تسجيلات تُحرِّض على المقاومة، كما خرقت مُحَلِّقة معادية على علوّ منخفض أجواء قرى صفد البطيخ وبرعشيت وشقرا وتبنين، وهي تبث التسجيلات نفسها.
كذلك، اخترقت طائرة تجسُّسية أجواء منطقة حاصبيا العرقوب، مزارع شبعا المحتلة، خراج كفرشوبا الهبارية وراشيا الفخار، امتدادًا حتى مرتفعات البقاعَيْن الشرقي والغربي وإقليم التفاح وتلال عرمتى والريحان والأحمدية ومرتفعات جبل الشيخ المُشرِفة على منطقة راشيا الوادي المُطِلَّة على المنطقة السورية.
وأعلنت قيادة الجيش، أنه “بتاريخ 12 / 3 / 2025، عملت وحدة من الجيش على إزالة شريط شائك في منطقة بركة ريشا في الجنوب بعدما وَضَعَه مؤخرًا عناصر تابعون للقوات الإسرائيلية المعادية داخل الأراضي اللبنانية”. وكشفت القيادة، أن “وحدة معادية أقامت ساترًا ترابيًّا على مقربة من مركز للجيش في خراج بلدة رميش – صور عند الحدود الجنوبية، وتجري المتابعة لإزالته”.
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة حاسمة في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة، وعلى جدول أعمالها ملف التعيينات الأمنية والعسكرية والتي أصبحت شبه محسومة بعد تشاور مكثف بين بعبدا وعين التينة وقريطم، حيث تم التوافق على العميد رودولف هيكل قائداً للجيش، والعميد حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام، والعميد رائد العبدالله مديراً عاماً للأمن الداخلي، بعد رفض رئيس الجمهورية بعض الأسماء التي حملها رئيس الحكومة إلى بعبدا والمدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة، والعميد إدغار لاواندوس والعميد مرشد الحاج سليمان نائبه، على أن يبقى مدير المخابرات العميد طوني قهوجي في منصبه ونائبه العميد رياض علام حتى إشعار آخر، على أن يتم تأجيل التعيينات في السلك الدبلوماسي والتشكيلات القضائية والمالية والإدارية الى جلسات لاحقة للاتفاق على آلية التعيينات. وأبرز المرشحين لمنصب حاكمية مصرف لبنان هو كريم سعيد شقيق النائب السابق فارس سعيد، والمصرفي سمير عساف والوزير السابق كميل أبو سليمان.
على الصعيد المالي، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا، وفداً من بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة ارنستو راميرز ريغو الذي عرض رؤية الصندوق لخروج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية عبر الدخول في خطة لبرنامج إصلاحي مالي واحد مبني على التنسيق بين المؤسسات اللبنانية مع الصندوق، لإعطاء إشارة عودة الثقة بلبنان، معتبراً أن مثل هذه الخطة الموحّدة تساعد على الإسراع في البدء بعملية النهوض الاقتصادي في البلاد. بدوره، شكر الرئيس عون رئيس البعثة على الاهتمام الذي يبديه صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، مؤكداً العمل على تنفيذ الإصلاحات التي هي مطلب لبناني قبل أن تكون مطلب المجتمع الدولي.
كما التقى الوفد في عين التينة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم رئيس الحكومة نواف سلام في السراي، مع وفد صندوق النقد برئاسة راميريز، وتم البحث في ملفَي الإصلاحات والحَوكمة. أيضاً، قال وزير المال ياسين جابر عقب استقباله وفد الصندوق: عرضنا الأولويّات ألا وهي تعيين حاكم مصرف لبنان والذي سيتولّى دوراً مهمًّا في العمل مع صندوق النقد. أضاف: التحضيرات والإصلاحات ستكون من أجل تمكين لبنان من الخطّة ونحن مع إجراء بعض التعديلات في قانون النقد والتسليف بانتظار حاكم للمصرف وعلى الجميع أن يقوم بدوره من أجل الوصول إلى هذا البرنامج. وتابع جابر: على الحكومة أن تلتزم بالبرنامج الذي تهتمّ به وموضوع الودائع سيكون على مراحل عدّة ولا سلطة لديّ كوزير على القطاع المصرفي.